طرح "مرح الآلهة.. 40 يومًا في الهند" الحاصل على جائزة ابن بطوطة" لأدب الرحلة 2019

الفجر الفني

مرح الآلهة.. 40 يومًا
مرح الآلهة.. 40 يومًا في الهند

صدر حديثًا في لبنان والإمارات عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، ودار "السويدي" بأبو ظبي كتاب "مرح الآلهة.. ٤٠ يومًا في الهند"، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال المغربية والمركز العربي للأدب الجغرافي، مبادرة:ارتياد الآفاق".


ويشارك الكتاب في معرضي "الشارقة" و"الجزائر" للكتاب، جناح المؤسسة العربية للدراسات والنشر ودار "الفارس"، وقريبًا، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومتاح للبيع أونلاين على موقعي "نيل وفرات"، و"جمالون".


ويقول الناشر في مقدمة الكتاب: "كيف نسافر في الهند، كيف نتعرف على عالم كل ما فيه مثير للخيال، وكل خطوة فيه خطوة في أرض العجائب ومصدر للدهشة؟

الهند، بلد آلاف الديانات والآلهة وعشرات آلاف القديسين الذين يرتمي المذنبون والمتضرعون والعشاق والمرضى والباحثون عن الذات الضائعة على أعتاب أضرحتهم وصورهم وتماثيلهم الملونة، طالبين الشفقة والحب والشفاء والربح؟

فكيف نسافر في الهند، إن لم تكن بوابتنا إليها لا الطعام والملابس وصور الراقصين في الاحتفالات الدنيوية، وحسب، وإنما من معابد الآلهة ومسارح احتفالات الروح بقداسة الوجود وبما يبعث على فرحها بوجودها وطمأنينتها إلى معنى هذا الوجود؟

فلندخل الهند إذن، من بوابات الشعور المرهف بجمال العالم، بالقوى الخفية حاملة الأسرار، ومن بوابة ألوان من المعتقدات تفضي كلها إلى السعادة.

كيف نسافر في حياة مليار ومئات الملايين من البشر، إن لم يكن ذلك على أجنحة التجليات الروحية لما وراء العالم المرئي، وعبر قوة الاعتقاد بالروح والأسرار، ومن خلال صور لشطح الروح وسفر الخيال.. كيف نسافر في الهند؟

صاحب هذه اليوميات اختصر الطريق من مصر إلى الهند عبر رحلة شيقة في ميتافيزيقا القارة الروحية للهنود، رحلته سفر في الناس، وسفر معهم في بحثهم اللا متناهي في ما وراء عالمهم القاسي، بينما هم يتزاحمون على الأضرحة والقبور والصور المجنحة للقديسين، لعلها تحقق لهم في ما وراء المنظور ما لم يتمكنوا من بلوغه في عالم بلا رحمة.

بلغة مرحة وساخرة، وقدرة لغوية وتعبيرية على تصوير المرئيات والوقائع والأخبار التي يختلط فيها الواقعي بالحلمي، والمنطقي بما هو غير معقول، ينجز صاحب هذه اليوميات كتابًا شيقًا لقارئ لم يزر الهند، وقد استحق عليه بامتياز جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة المعاصرة (2019).

ويقول الكاتب في مقدمته: "لا أثر للحب في شوارع دلهي.

الأحضان نادرة، والنظرات باردة، والقُبلات ممنوعة.

والأيام غير العادية في حياة الهنود قليلة، ستجدها سيناريوهات معادة ومكررة لأيام وأوهام في كتب الأساطير والآلهة؛ ففي الطرق الصحراوية والزراعية بين أي مدينة وأخرى، تسعى جماعات ترتدي ثيابًا ملونة تتفاوت بين الأحمر والأصفر والزعفراني والبرتقالي الباهت حاملة تابوتًا زجاجيًابداخله تمثال يرمز إلى الإله على عربة نصف نقل، وصندوق نذور تتساقط منه الزهور والحبوب والحُلي الذهب.

يدسّ الكاهن أو أحد أتباعه أول قطعة سرًا لتشجيع الآخرين على التقرب للآلهة بالذهب بدلًا من الهدايا الرخيصة.. تنتهي رحلة الإله بعد تلاوة أوراد وصلوات وأداء رقصات على موسيقى دينية عنيفة تبرزها ضربات الطبول تنتهي بهم إلى حافة الجنون، حيث تهيم الروح حبًا في صاحب الكرنفال، وطلبًا لرضاه.. والمسافات بين المدن طويلة.. والمساحات شاسعة.. تفصل بينها ممرات ضيقة.. يعبر منها أهالي القرى الصغيرة الراقدة على حواف المدن إلى الحياة تحت ظلال الأشجار.

وعلى ضفاف الترع يتقاسم 300 مليون إله – حتى الآن - الهنود ويصل عددهم – وفق إحصاءات رسميّة – إلى مليار وثلاثمائة مليون نسمة.. يتكاثرون لأنهم أفقر من شراء فياجرا.. فالإنجاب أرخص، وأسرع، والولد الذي يأتي لن يكون مكلفًا لأهله، سيرضع لبنًا مجانيًا، ويأكل من خشاش الأرض، ويلعب في التراب، ويرث إلهًا يعبده، ويصبح طفلًا الأمراض تغطي وجهه قبل أن يتحول جسمه إلى ساحة معركة بين القوارض والحشرات، وحين يتزوّج سيطلب مهرًا من العروس، ويغدو شابًا رفيعًا، ممشوق القوام، أو عملاقًا مكسور الظهر، لونه بني غامق، تتصارع عليه صبغة من الأنيميا والأرق والأسود، ويضع في شعره الغامق الذي ينسدل على عينه زيت خاص يمكن أن يشربه لأنه من نخل جبال الهيمالايا، الذي يطرح جوز هند.. رائحته عفنة لكن طعمه حلو.. وفي النهاية، يجلس منحنيًا في شوارع الهند المزدحمة، يمدّ يده للعابرين طالبًا عشرة أو عشرين أو خمسية روبية "بحق الآلهة" التي تساعدنا".

ويحكي "مبارك" عن أغرب ما رآه في الهند، فيقول: "الفكرة الرئيسية هي الناس هناك، فهم مختلفون عن بعضهم البعض أشد الاختلاف، وهو ما أدهشني من اللحظة الأولى، كل فرد يعيش في ملكوت خاص به، في المترو، أول يوم، قابلت رجلًا عاريًا تمامًا تقريبًا، يرتدي سلاسل وقواقع، وإلى جانبه راكب آخر يضع على رأسه مطواة، وإلى جانبهم شخص يرتدي بدلة كاملة ويبدو أنه مبرمج، ولا يبدو أن هذا الأمر يثير الاستغراب لديهم، فأدركت إني في بلد تمتلئ بالأسرار، وبدأت أكتشفها".