منال لاشين تكتب: سؤال مثير للغضب متى يرتفع الدولار؟

مقالات الرأي



انخفاض سعر الدولار نتيجة للركود مرض خبيث الانخفاض الآمن يأتى عبر أبواب زيادة الصناعة وليس تقليل استيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام وزارتى الصناعة وقطاع الأعمال ومبادرات المركزى قد تنقذ الاقتصاد

أدرك أن طرح سؤالى هذا قد يثير غضب الكثير من المسئولين فى الحكومة والبنك المركزى على حد سواء. فحتى سؤال هل يرتفع الدولار أمام الجنيه أصبح الطلاق أبغض الحلال. فما بالك بالجرم الأكبر بالحديث حول وقت أو موعد محدد يعاود فيه الدولار ارتفاعه ويسترد كرامته.

قبل أن يغضب أحد وحتى لا يتصور آخرون أننى أتمنى أو أسعى أو أسعد برفع سعر الدولار. فإننى أبادر بنفى التهمة. فالحقيقة أننى لا أعبر فى هذا المقال عن أفكارى أو مواقفى أو مخاوفى. ولكننى أحاول نقل مخاوف وآراء مستثمرين ورجال بنوك حول الانخفاض المستمر للدولار مقابل الجنيه. وكنت قبل أسبوعين قد تناولت فى مقال تحليل خطة يمتزج فيها المالى بالاقتصادى. وذلك للوصول بالدولار إلى عشرة جنيهات مقابل الجنيه، وذلك بدلا من الفرحة المهوسة بانخفاض الدولار إلى ما تحت 16 جنيها، أو حتى وصوله لـ 15 جنيها. وقد تلقيت ردودا كثيرة حول المقال. ولكننى توقفت أمام تعليقات لرجال الأعمال والمستثمرين تتعلق بأسباب انخفاض الدولار. وأحدهم وصف هذا الانخفاض بأنه انخفاض سلبى أو غير حميد، وكأن هناك انخفاضا للدولار مثل الأورام بعضه حميد، والآخر خبيث كالسرطان. فى تحليل رجل صناعة ومن عائلة صناعية ما يستدعى القلق. قال لى الرجل الذى خاف أن أنشر اسمه: إنك لمست «على خفيف» الركود كأحد أسباب انخفاض الدولار. ولكن أثر الركود يحتاج إلى الكثير من التوقف أمامه. لأن استمرار الركود كأحد أسباب انخفاض الدولار يؤثر سلبا على الاقتصاد، وذلك بدلا من تقوية ودعم الاقتصاد. والكثير من أهل الصناعة من أمثالنا أوقفنا مشروعات جديدة أو إضافة عنابر أو خطوط لمصانعنا لأسباب متعددة. وأضاف رجل الصناعة قائلا: إن أى تحليل للواردات المصرية يكشف بسهولة مأساة الاقتصاد المصرى. فمواد الإنتاج ومستلزماته انخفضت بنسبة مؤثرة. وقد تأثر سعر الدولار أو بالأحرى انخفاض سعر الدولار بانخفاض استيراد مستلزمات الإنتاج. ولذلك يرى رجل الصناعة المهم أننا أمام انخفاض خبيث للدولار. وبالطبع لم ينكر رجل الصناعة أثر اكتشافات الغاز وحقل ظهر على انخفاض الدولار.

رجل أعمال آخر علق على إجراءات تقييد استيراد المواد الاستهلاكية أو الاستفزازية. يرى الرجل الذى يعمل فى الاستيراد والتصدير أننا نخدع أنفسنا ونضع رءوسنا فى الرمال بتقييد الاستيراد وخاصة من الصين. لأن هذه الإجراءات ساهمت فى زيادة التهريب. من وجهة نظرى أن تقييد الاستيراد هو قرار رشيد وحكيم، ولكن من وجهة رجل الاستيراد أن هذه السلع لها ناسها. فإن لم تجد طريقا شرعيا لها، فسوف تصل عن طريق التهريب. اختلفنا حول هذا الرأى، ولكننا لم نختلف أن أثر تقييد الواردات سيظل أثرا طفيفا على المدى البعيد.

رجل أعمال آخر تناول القضية من منظور إيجابى أو تفاؤلى. يرى البيزنس مان أن زيادة أو تدفق الاستثمارات الأجنبية أو المحلية نتيجة إصلاحات اقتصادية ستؤدى رفع أسعار الدولار مرة أخرى. لأن الواردات من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج ستزيد مع سرعة عجلة الإنتاج.

ويوافق رجل مصرفى من أفضل رجال البنوك على رأى أو بالأحرى تحذير رجل الأعمال، فالاعتماد على قلة الواردات من مستلزمات الإنتاج خطر على استقرار الجنيه على المدى المتوسط والبعيد. ولذلك يرى خبير البنوك أن وزارتى الصناعة وقطاع الأعمال عليهم دور عاجل وحاسم ومحورى حتى لا يعاود الدولار الارتفاع إذا زاد استيراد مستلزمات الإنتاج. ويؤكد رجل البنك أن كل تقارير صندوق النقد والمؤسسات الدولية تشير إلى أهمية دفع عجلة الإنتاج بأقصى سرعة ممكنة. وذلك للاستفادة من كل إجراءات الإصلاح المالى الذى جرى وتحمله المصريون بصبر وتعب.

ويضيف رجل البنوك أن البنك المركزى مطالب بسياسات وإجراءات تحفز الصناعة وتدعم أهلها. وألا يترك المركزى الأمر للحكومة لأن خطواتها بطيئة جدا. ومع اختلاف وجهات نظر ورؤى الثلاثة. فإن الجميع يؤكد على ضرورة مواجهة سوق الصرف أو أسعار الدولار من خلال الاقتصاد والصناعة وليس من خلال الركود. فالمطلوب أن تزيد سرعة وحجم عجلة الإنتاج الصناعى والزراعى المصرى حتى نقف فى منطقة الانخفاض الآمن الحميد للدولار.