السعيد: نمر الآن بمرحلة فارقة في مسيرة العلاقات التجارية الإفريقية

الاقتصاد

بوابة الفجر


أطلقت اليوم، وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، بالتعاون مع الأمم المتحدة فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمؤتمر لجنة الخبراء الحكومية الدولية للمكتب دون الإقليمي لشمال إفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا، المنعقدة تحت عنوان "اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية: تأثير تيسير التجارة بين دول شمال إفريقيا في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي" خلال الفترة من 25 إلى 28 نوفمبر الجاري، بمدينة اسوان.

وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري خلال كلمتها التي ألقاها نيابة عنها الدكتور أحمد كمالي، نائب الوزيرة لشئون التخطيط إن  تحقيق التنمية هي مسئولية جماعية؛ يتشارك الجميع في تحمل أعبائها، كما يتشارك الجميع أيضًا في حصد ثمارها، مؤكدة أن المؤتمر يعتبر منصة مهمة للحوار وتبادل الرؤى والخبرات حول أفضل السبل والممارسات لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة سواء في الإطار الوطني أو في الإطار الإقليمي وفقًا لأجندة إفريقيا 2063، وبما يعزز الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي والإقليمي المنشود بين دول شمال افريقيا، والذي يدعم فرص تحقيق التكامل بين جميع دول القارة.

وأضافت السعيد أن استضافة مصر لهذا المؤتمر تأتي في ضوء التزام الحكومة المصرية وسعيها لتعزيز الشراكات الإنمائية العالمية والاقليمية، موضحة أن الجهود الأممية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، في إطار الأمم المتحدة، ارتكزت في الأساس على الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مؤكدة أن تحقيق التنمية المستدامة؛ وما تتطلبه من برامج ومشروعات ومصادر متنوعة للتمويل، تستوجب تضافر مختلف الجهود، وتعبئة كافة الموارد المتاحة سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد الإقليمي والدولي، وتأكيدًا لذلك جاء الهدف (السابع عشر) من أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 حول "تعزيز وسائل التنفيذ وتفعيل الشراكة العالمية من أجل التنمية".

وأكدت السعيد على ضرورة أن يكون هناك اتساقًا بين الجهود الوطنية والأهداف الدولية والإقليمية، مع الأهمية القصوى لتكثيف التعاون والتكامل بين دولنا الإفريقية لتحقيق ذلك، خاصة وأن قارتنا الإفريقية تمتلك بالفعل وفرة في الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي المتميز، مع وجود العديد من الموانئ والخدمات اللوجستية ومصادر الطاقة المتنوعة خاصة الطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة الى تمتع القارة بثروة بشرية هائلة قوامها 1.3 مليار نسمة، يشكلون سوقًا كبير الحجم للمنتجات، ووفرة في عنصر العمل، والتي يمكن إذا ما احسن استغلالها أن تعزز القدرة التنافسية لاقتصادات القارة.

وفي إطار الحديث عن ضرورة التكامل الاقتصادي والربط الإقليمي والدور الذي يمكن أن تلعبه التجارة البينية في تحقيق التنمية المستدامة في دول القارة، أشارت وزيرة التخطيط إلى أننا نمر الآن بمرحلة فارقة في مسيرة العلاقات التجارية الافريقية بعد دخول اتفاق التجارة الحرة القارية حيز النفاذ في 30 مايو 2019، باعتباره أكبر تكتل تجارى، من حيث عدد الدول منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، يستهدف تحرير حركة السلع والبضائع بين دول القارة، مؤكدة أننا أمام فرصة تاريخية علينا اغتنامها لتعزيز دور التجارة البينية الإفريقية كمحرك ومحفز لخلق فرص العمل وخفض معدلات الفقر لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، إذ تشير توقعات اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة إلى أن تنفيذ الاتفاقية سوف يزيد من حجم التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة 52% في عام 2022، كما يمهد ذلك الطريق لإقامة اتحاد جمركي بين دول القارة والمضي قدمًا لمراحل أعلى من التكامل الاقتصادي بين دولنا الافريقية الشقيقة.  

وأكدت السعيد حرص مصر في جهودها الوطنية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة على أن تكون هذه الجهود متسقة وداعمة لاندماجها وتكاملها الاقتصادي في محيطها الإقليمي خاصة في الإطار الافريقي، ووفقاً لذلك جاءت رؤية مصر 2030، والتي اُطلقت في فبراير عام 2016 لتمثل الإطار العام المنظم لخطط وبرامج العمل المرحلية خلال السنوات المقبلة، مضيفة أن مصر تبنت برنامجًا وطنيًا ناجحًا للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، حظيت نتائجه الإيجابية بإشادة المؤسسات الدولية، حيث نفذت مصر من خلاله العديد من الاصلاحات التشريعية والمؤسسية تهدف جميعها إلى تبسيط إجراءات إقامة المشروعات وتهيئة بيئة الأعمال، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص وتحقيق النمو الشامل والمستدام من خلال تكثيف الاستثمارات العامة في مشروعات البنية التحتية وتحسين جودتها بتنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى من بينها: مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة بالتوسع في مشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، والتي تأتي في إطار توجه أعم وأشمل بتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، بالإضافة إلى مشروع تنمية محور قناة السويس وهو أحد المشروعات الاستراتيجية التي تقدمها مصر للعالم أجمع كمركز لوجستي واقتصادي عالمي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة والتجارة الإقليمية والدولية.

وأضافت السعيد أن اعتزاز مصر بانتمائها الإفريقي يدفعها دائمًا لتكثيف العمل والتنسيق مع باقي الدول الإفريقية لتبادل الرؤى والخبرات والتجارب الناجحة لتحقيق التنمية المستدامة، فتشارك مصر بفاعلية في جهود تنفيذ أجندة إفريقيا 2063، وتسعى للتعاون المثمر والفاعل مع أشقائها في الدول الافريقية في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية خاصة في ظل رئاسة مصــر الحالية للاتحـاد الافريقي، موضحة أنه تعزيزًا لهذا التعاون وتحقيقًا للتكامل الافريقي الداعم للتنمية الشاملة والمستدامة التي تلبي تطلعات شعوبنا الافريقية، اتخذت الدولة المصرية العديد من المبادرات تتمثل في دعم المجهودات الجارية لتنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية لتحقيق التكامل والربط الاقليمي على مستوي القارة، ومنها: مشروع إنشاء طريق القاهرة – كيب تاون، لدمج أقطار القارة وتوسيع حركة التجارة بين البلدان الافريقية، فقد تم إنجاز جزء من الطريق الممتد من مصر إلى الحدود مع السودان، وهو جاهز للعمل، فضلاً عن مشروع الربط النهري بين الإسكندرية وبحيرة فيكتوريا، والذي من شأنه أن يربط بين دول شمال ووسط إفريقيا عبر نهر النيل.



وأفادت السعيد أنه يتم حاليًا إنشاء مرصد التجارة الإفريقية من خلال شراكة تنموية مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف توفير المعلومات عن التجارة في السلع والخدمات بين الدول الأعضاء، كما تعمل مصر كذلك على إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا، بهدف تشجيع المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم لأفريقيا، حيث بلغت الاستثمارات المصرية في أفريقيا خلال 2018 نحو 1.2 مليار دولار، ليصل إجمالي استثماراتها بالقارة إلى 10.2 مليار دولار.
وأوضحت وزيرة التخطيط أن البنك المركزي المصري عمل بجهود كبيرة خلال رئاسته لجمعية البنوك المركزية الإفريقية عام 2018، وفي ضوء اختياره نائبًا لرئيس إقليم شمال إفريقيا لعام 2019-2020 بالتعاون مع الأشقاء في الدول الإفريقية على دعم الاستقرار النقدي والمصرفي في إفريقيا، وذلك بالتزامن مع دخول عدد من البنوك المصرية الحكومية للعمل في أسواق العديد من الدول الأفريقية الشقيقة، من أجل تنمية حركة التبادل التجاري، وتوفير التمويل اللازم للتجارة والاستثمار المشترك.

وفي إطار التفاعل المصري والتواصل المستمر مع مختلف المبادرات الداعمة لجهود القارة لتحقيق التكامل والتنمية الشاملة والمستدامة، أشارت السعيد إلى استضافة مصر يومي 22 و23 من نوفمبر الجاري مؤتمر إفريقيا للاستثمار 2019، والذي عُقد هذا العام تحت عنوان" استثمر في إفريقيا" بتشريف السيد رئيس الجمهورية، وبحضور عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات والوزراء وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني من مختلف الدول الإفريقية بهدف تحفيز الاستثمار في دول القارة، كما تستضيف مصر في شهر ديسمبر القادم المائدة المستديرة الأربعين للمنظمة الأفريقية للإدارة العامة AAPAM، والذي يهدف لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين الدول الأفريقية في مجالات الإصلاح الإداري المختلفة.

واختتمت وزيرة التخطيط كلمتها بالتأكيد على أنه يتوج كل ذلك مبادرة مصـر التي أكدها السـيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في كلمته في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، بالدعوة لعقد النسخة الأولى من "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين"، والذي تقرر عقده في 10 ديسمبر المقبل، ليكون نموذجًا لإطلاق الحوار بين الفاعلين الدوليين والإقليميين، من القادة السياسيين، والمؤسسات التمويلية، والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لوضع المبادرات والآليات الدولية والإقليمية في إفريقيا موضع التنفيذ.

وجدير بالذكر أن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري قد وقعت اتفاقية مع الأمم المتحدة ممثلة في اللجنة الاقتصادية لإفريقيا بشأن ترتيبات استضافة الدورة الرابعة والثلاثين لمؤتمر لجنة الخبراء الحكومية الدولية للمكتب دون الإقليمي لشمال أفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لأفريقيا.

وتشارك بالمؤتمر الدول الأعضاء باللجنة الاقتصادية لأفريقيا وهى مصر، تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، السودان، موريتانيا فضلًا عن مشاركة عدد من وكالات الأمم المتحدة، منظمات حكومية وغير حكومية، وموظفو الأمانة العامة للأمم المتحدة، كيانات تابعة للقطاع الخاص.