الاستقلال إلى جانب رحيل النظام.. كيف أنتفض عرب الأحواز في وجه الحكومة الإيرانية

عربي ودولي

الاحتجاجات الإيرانية
الاحتجاجات الإيرانية



لم تبتعد كثيرًا عن المدن الإيرانية المنتفضة في وجه النظام، إلا أنها شكلت حالة خاصة عن باقي المناطق، إنها الأحواز التي تقع على الجهة الأخرى للخليج العربي، والتي يسكنها شعب عربي احتلت إيران أراضيه، في عهد الشاه رضا بهلوي عام 1925، فرغم علامات الضب والحنق إلا أن الأهداف والشعارات وحتى التعامل الأمني كان له طابعه المميز في تلك البقعة عن باقي جغرافية إيران.

"تختلف مظاهر المظاهرات الأحوازية عن المظاهرات الايرانية" بتلك الكلمات وصف نائب الأمين العام لحركة التحرير الوطني الأحوازي اللواء مهدي الزبيدي، حالة المظاهرات في الأحواز المحتلة، مبينًا أن الاسباب التى أدت إلى إنطلاق المظاهرات الإيرانية، هي بسبب ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 50% عن السعر العادي، حتى بلغ قيمة اللتر الواحد 30.000 ريال إيراني، وكانت الأحواز المحتلة إيرانيًا والتي يستخرج منها النفظ والغاز أول شرارة للمظاهرات.

وأكد اللواء الزبيدي لـ "الفجر"، على أن مظاهرات الأحوازيين لم تكن مرتبطة بحالة معينة، بل منطلقاتها الأساسية هي رفضهم الأول والأساسي لوجود الاحتلال الإيراني في بلدهم، فحالة المظاهرات والعصيان المدني لم تكن وليد هذه الحالة أو غيرها، بل مرتبطة عضوياً باليوم الأول من الاحتلال للأحواز، فالشعب الأحوازي يعاني من وضع اقتصادي متدهور ووضع سياسي سيىء، نتيجة الاحتلال الإيراني له.

وبين نائب الأمين العام لحركة التحرير الوطني الأحوازي، أن الأحواز بلد غنية بالنفظ والغاز، فلو قدر له ولم يكن الاحتلال الإيراني موجود في الأحواز، لكان الشعب من أغنى الشعوب بالعالم على الاطلاق؛ حيث أن الشعب الأحوازي يقدر 12 مليون وثروته النفطية والغاز وموانيه المطلة على مساحات واسعة على الخليج العربي، ويتمتع بايرادات كبيرة جداً فيكون المواطن يحيي حياة كريمة جداً، حاله حال اشقاءه العرب في الخليج العربي.

وكشف الزبيدي، عن أن الأحواز حالياً تغطي مصاريف ما يسمى بإيران، التي تقدر في مجملها 82 مليون نسمة وكلها تتغذى من خيرات الأحواز، فلو تحررت البلدة ستكون الثروة الأحوازية تفوق احتياجات الشعب، بل ستوفر احتياطات مالية ضخمة للاجيال القادمة لعدة عقود من الزمن.

بينما قال رئيس المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان علي قاطع الأحوازي، مازال الغليان يعم الكثير من المدن في إيران بما فيها المدن العربية بالأحواز، موضحاً أن استهداف السلطة والمطالبة بإسقاطها وإطلاق الشعارات، التي استهدفت كل رموز السلطة ومقدساتها كان المطلب المشترك لكل المحتجين أو بالأحرى الثوار في عموم إيران، وبالرغم من المطلب المرحلي المتمثل بإسقاط نظام الحكم للمتظاهرين، لكن هناك اختلاف في الأسباب، والشعارات وكذلك الأهداف النهائية.

وأكد قاطع لـ "الفجر"، على أن أسباب الأحوازيين كبيرة وكثيرة وعميقة حتى يعانون من سياسات ممنهجة عنصرية تصدهم، لأنهم عرب بالدرجة الاولى ولم تعترف بأبسط حقوقهم، بل تهدف إلى تطهيرهم عرقياً وإجلائهم من مناطقهم إلى العمق الإيراني، وكانت هذه السياسات تطبق في زمن الحكومة الملكية في إيران وأنتقلت كذلك إلى حكومة الملالي بعد نجاح ثورة 1979 في إيران.

وأوضح رئيس المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان، أنه تشاهد الشعب العربي الأحوازي يعاني من فقر شديد بالرغم من وجود كل الثروات الغازية والنفطية الايرانية في الأحواز، مشيرًا إلى أن الاحوازيين يطالبون بحقوق قومية وتاريخية لا يمكن أن يحصلوا عليها إلا عبر تحرير بلدهم الأحواز؛ حيث يناضل الأحوازيين وبطرق مختلفة لاسترجاع وطنهم المحتل من قبل إيران عبر تحريره من الاحتلال الإيراني. 

وشدد قاطع، على أن الثورة الاحوازية لم تكن وليدة مرحلة غلاء البنزين أو ما قبلها أو ما سيلحقها، ولكنها اندلعت منذ بداية الاحتلال الإيراني، ومستمرة إلى يومنا هذا وقدمت قوافل من الشهداء من أجل استرجاع الحق الأحوازي، الذي اغتصبته الدولة الفارسية.

الإستقلال وإنهاء الإحتلال.. عن أهداف وشعارات الأحوازين
وأوضح رئيس المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان، أن الهتافات التي أطلقها الأحوازيين مختلفة تبدء من المطالبة بالحقوق المدنية وتفعيل المواد المعطلة في الدستور الإيراني، التي تتيح بعض الحقوق للقوميات وترتفع لتصل الى الهتافات الوطنية الأحوازية المطالبة بتحرير الاحواز وطرد المحتل الإيراني.

كما أضاف نائب الأمين العام لحركة التحرير الوطني الأحوازي، أن المظاهرات في الأحواز تنادي بالاستقلال وإنهاء الاحتلال الإيراني، ولم تكن يوما محصورة بالحالة المعيشية على الاطلاق بل يعتبر الأحوازيين الحالة المعيشية نتيجة لوجود الاحتلال الإيراني في بلدهم، واصبحت كل الشعوب المحتلة من قبل إيران تؤمن بما يؤمن به الشعب العربي الأحوازي، وأصبحت تنادي بالاستقلال أيضا؛ حيث أنها فقدت الأمل بل يأست من شعارات التعايش مع الفرس نفسهم لما لهم من تسلط ورغبة جامحة في قمع الشعوب وسحقها وعدم الاعتراف بقومياتها وخصائصها وخصوصياتها ناهيك عن التحقير والتعالي.

وتطرق الزبيدي، إلى الشعارات التي ترفع في المظاهرات في الأحواز المحتلة كلها منددة بالاحتلال الإيراني أولاً، والمطالبة بالاستقلال والخلاص الوطني وبالفساد، التي تمارسه الطغمة الفارسية ناهيك عن التعسف والقمع المستمرين يوميا تجاه الاحوازيين.

سياسة قمع الإحتجاجات
"كنت أتمنى أن يكون العنف الإيراني تجاه الأحوازيين يكمن فقط في الحل الأمني" بتلك الكلمات وصف رئيس الهيئة التنفيذية لاستعادة شرعية الأحواز، وحفيد أخر حكام الأحواز عارف الكعبي، مبينًا أن التعامل مع الأحوازيين هو تعامل أمني عسكري إلى حد بعيد، ولذلك لأن الأحواز رافضين للوجود الإيراني منذ أحتلالهم للأحواز في عشرينات القرن الـ20.

وأكد الكعبي لـ "الفجر"، على أن الإيرانيين يتعاملون مع المظاهرات الأحوازية على أربع محاوز عسكري وأمني وإعلامي ونفسي، تمارسها الأنظمة الإيرانية المتعاقبة ضد الثوار الأحوازيين، وهذا لا يتوقف على الداخل الأحوازي بل قامت أجهزة الاستخبارات الإيرانية باغتيال بعض القادة الميدانيين والعسكريين في الخارج، وهذا يعني أن الحرب بين الأحوازيين ونظانم الملالي مفتوحة.

أسلحة ثقيلة وقتل الجرحى وسرقة أعضاء.. جرائم الملالي ضد المظاهرات
"دائماً كان ومازال التعامل الايراني مع اي احتجاج او مظاهرة في الاحواز يختلف جدا عن بقية المدن الايرانية" بتلك الكلمات وصف قاطع المعاملة الأمنية مع المحتجين الأحواز؛ حيث تتعامل دائماً سلطات الأمن الإيراني مع أحداث الاحواز وكأنها تدخل في حرب مع تهاجم أجنبي، لذلك نجدها تقمع أي إحتجاج بقسوة مفرطة وتقتل المحتجين دون اي رحمة، موضحًا أنه في الاحتجاجات الاخيرة هاجمت القوات الإيرانية الاحتجاجات الأحوازية بالدبابات ورشاشات الدوشكا المضادة للطائرات وبقية الأسلحة الثقيلة والقوات الخاصة.

وأردف مدير المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان، أنه في فترة الاحتجاجات التي إندلعت قبل حوالي عشرة أيام، ارتكبت السلطات الإيرانية انتهاكات واسعة يرتقي أحدها إلى عملية إبادة جماعية نفذتها قوات حرس الثورة الإيرانية الإرهابية؛ حيث قتلت خلالها العشرات من أبناء مدينة معشور والكورة وجراحي، ومازالت تصل أسماء القتلى الذين يكشفهم الاهالي في الأهوار والمستنقعات المتواجدة بالقرب من هذه المناطق، بالإضافة إلى مئات الجرحى والمعتقلين، ويوجد بين المتظاهرين الذين تم قتلهم عدد من الاطفال والقاصرين وكذلك النساء.

وكشف قاطع، أن الملفت للنظر هو وجود مقاطع فيديو سجلت بشاعة الإنتهاكات، التي ارتكبها الأمن الإيراني بحق الأحوازيين، ومنها إطلاق رصاصة الخلاص على الجرحى، الذين يقعون بيد عناصر الامن والمخابرات الإيرانية، كما أن شهود عيان نقلوا للمرصد الأحوازي لحقوق الانسان اخبار عن قيام عناصر الأمن بقتل الجرحى، الذين وصلوا للمستشفيات لتلقي العلاج، كما أن هناك حالة الشهيد حمزة الساري، الذي يقال إن "السلطات سرقت أعضائه الداخلية بعد أن فارق الحياة في المستشفى، وهذه كلها تعد جرائم ضد الإنسانية".

أعداد القتلى
"هناك فارق شاسع بين الفمع الأحوازي والقمع بباقي إيران" هكذا وصف القيادي في حركة النضال العربي الأحوازي والإعلامي بفضائية "أحوازنا" ناجي الأحوازي، أن عدد القتلى من مدن الأحواز أكبر من باقي المدن الإيرانية مجتمعة، وذلك رغم أن الأحوازيين لا يشكلون سوى 12 مليون نسمة، وباقي الإيرانيين 80 مليون، فحتى هذا اللحظة سقط 300 شهيد أحوازي جرى توثيق أسمائهم وصورهم، وعمدت إيران على قطع الإنترنت لترتكيب المزيد من المجازر، فكل يوم يصل عدد من الشهداء.

وأكد الأحوازي لـ"الفجر"، على أن في مدينة الجراحي التابعة لمدينة معشور حصدت آلة الفتل الفارسية 120 شهيد في 48 ساعة؛ حيث حاصروا المدينة وأبادوها إبادة كاملة، مشيرًا إلى أن المغاقلين يحسبون في عداد الموتى لأن السلطات الإيرانية تقوم بعمل إعدامات جماعية لهم، ففي كل مظاهرة وإنتفاضة يعتقلون المئات وهؤلات إما يموتون تحت التعذيب أو عبر الإعدام الجماعي.

وأضاف القيادي في حركة النضال العربي الأحوازي، إن الإيرانيين يداهمون البيوت ويضربون بالرصاص الحي من يقف في وجههم، مبينًا أن الشعب الأحوازي يتعرض لإبادة جماعية، فحتى مسيل الدموع المستخدم يؤدي لحالات الإختناق ويتوفى الكثيرين على أثره، فهم يستخدمون مادة سامة وليس الغاز المسيل للدموع المعروف، فهناك أطباء في الأحواز حللوا المادة ووصلوا لنتائجها الخطرة، والتي تؤدي للوفاة.

فاتورة مظاهرات الأحواز
وتطرق مدير المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان، إلى الفاتورة التي يدفعها النظام الإيراني من جراء الإحتجاجات في الأحواز؛ حيث أن حجم وأبعاد الاحتجاجات كلفت السلطة الحاكمة في إيران الكثير، فعلى على سبيل المثال أجبرت الاحتجاجات السلطة على قطع الانترنت حتى تقوم بقمعها بعيدا عن الرقابة ومنع نقل الأحداث للخارج، لكن هذا الانقطاع كلف الاقتصاد المليارات من الدولار!، وهذا كان بالإضافة إلى التخريب الذي حدث ووقوف حركة السوق والتجارة والنقل في الوقت، الذي يعاني الاقتصاد الإيراني من العقوبات الأمريكية، التي جلبتها إيران لنفسها جراء سياساتها الفاشلة والمهددة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

واستكمل قاطع حديثه، عن تأثير الاحتجاجات داخل إيران على سلوك السلطة الحاكمة مع جيرانها وحجم تدخلاتها في شئون الدول الاخرى، فعلينا الانتظار حتى تظهر نتائج هذه التاثير أكثر، إما مشاهدة الأن هو أن لم تتغير بسلوكها ومستمرة بسياساتها العدوانية ضد دول وشعوب المنطقة العربية، وإنها مازالت مستمر بمساندة الحوثيين وكذلك مازالت متواجدة في العراق وبقوة وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الشأن العراقي، وحتى أنها أرسلت ولمرات عدة قوات يرأسها قاسم سليماني؛ لقمع الثورة الحالية في العراق.

المظاهرات الأحوازية إلى أين
بينما كشف الكعبي، أن تحرير الأحواز يتطلب أمور كثيرة، هذه الإحتجاجات والوجود الشعبي المناهض، أحد تلك الأدوات، ولكن يوجد الدور الدولي المتمثل في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والبعد الإقليمية مثل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، والمؤتمر الإسلامي، وتحالفات مع الجهات المتضررة من الوجود الإيراني ومنها دول كسوريا ولبنان واليمن، وجهات في الداخل مثل الأكراد والبلوش والمقاومة الإيرانية.

وأردف الأحوازي، أن دور المعارضة الأحوازية في الخارج  توثيق كل جرائم حكومة الملالي ورصدها، موضحًا أنها عقدت يوم 30 نوفمبر و1 ديسمبر مؤتمر هام جدًا؛ حيث اتفق الأحوازيين مع باقي الشعوب الغير فارسية، واتفقوا على إتفاقية تتكون من 7 بنود وعمل مشترك، بين الشعوب غير الفارسية، فهذه القوميات 6 وهم العرب الأحواز والبلوش والأكراد والبلوش والآذريين، والتركمان والقشطائيين، وكلهم اتحدوا واجتموا تحت سقف واحد على أن تكون تلك الشعوب هي البديل لنظام الملالي.