"قديمًا جعلوه بطلًا ثم أهانوه".. الحمار في احتفالات المصريين الشعبية

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


ارتبط الحمار في العقل الجمعي الشعبي بعدد من الصفات أبرزها أنه مثال للتحمل والصبر، وكذلك هو الأول بين الحيوانات في أشغال الحقل، إلا أن صفته الأغلب لدي المصريين حديثًا هي الغباء، فهل كان الحمار كذلك لديهم قديمًا. 
الرحالة ووسائل الترفيه واللهو في القاهرة

قال شريف فوزي منسق عام شارع المعز، إن الرحالة وصفوا وسائل التسلية واللهو في ميادين وشوارع القاهرة المملوكية في كثير من كتاباتهم، وجاء ذكر الحمار ضمن هذه الوسائل، وتتحدث عنه وثائقهم كونه حيوانًا ذكيًا. 

وأشار فوزي إلى وصف أحد الرحالة الأوربيين لمظاهر التسلية وعروض السيرك الشعبي في العصر المملوكي، مثل عروض الدببة والقرود ومصارعة الديوك واللعب بالحمام، فكانت القاهرة تعج بهؤلاء من أرباب الملاعيب مدربي الحيوانات وأيضا الملاكمين والمصارعين ورافعي الأثقال الحديدية ومسرح خيال الظل، والمنجمين. 

وتابع: جاء ذكر الحمار في الكثير من كتب الرحالة كونه بطلًا لعروض تمثيلية شعبية، تم أداؤها في شوارع القاهرة المملوكية، حيث كانت مدينة الألف مئذنة، ولا زالت، مركز الشرق ونبراس الحضارة، تجد فيها كل العجائب والغرائب، فكما أنها أصل الفن والعمارة، وفهي كذلك أصل التمثيل والألعاب البهلوانية والسيرك المتجول في الشوارع. 

الحمار يتعرف على صاحب الخاتم

وتابع: يصف أسير ألماني يدعى يوهان وايلد في مذكراته، مشهد فكاهي تمثيلى بين مدرب للحمير، وحماره، في العصر المملوكي، حيث يقوم المدرب "اللاعب"، بتغميه عيني الحمار، ثم يلف به ثلاث مرات، وذلك بعد أن يقوم اللاعب بوضع خاتم في ملابس أحد المشاهدين، فما كان من الحمار رغم أن عينيه عليها عصابة، إلا تمكنه من التعرف على من معه الخاتم من بين المشاهدين بأن يقف أمامه. 

الحمار يستيقظ لحضور موكب الملك 

ويصف كريستوفر هارانت عرضًا آخر في أحد شوارع القاهرة المملوكية، ويظهر منه مدى براعة وذكاء وموهبة الحمار، حينما يتصنع الحمار الموت، ويسقط على الأرض رافعًا أقدامه إلى أعلى، ويغلق عينيه حينها يقوم صاحبه أو شريكه في العرض التمثيلي بالنواح عليه ومحاولة تحريكه دون جدوى، ثم يبدأ صاحبه حكاية عن يوم غد وأنه سيشهد مرور موكب كبير للسلطان، وأن النساء الجميلات سوف يركبن أجمل الحمير، وأن الحمير سوف تشرب الماء العذب وتأكل الشعير، فيهب الحمار بعد سماع تلك الكلمات ويقوم بالرقص طربًا. 

وختم فوزي كلماته قائلًا تلك إذن نماذج تدل عن مهارة الحمار وذكائه، وكيف استطاع المدربين تطويعه للقيام بأعمال قد لا يتخيل المصري في العصر الحديث أن هذا قد يصدر منه، كما تحكي لنا هذه الأمثلة عن وسائل اللهو البرئ في القاهرة المملوكية.