حسام عاشور.. لاعب بألف نادٍ مما يعدّون

الفجر الرياضي

حسام عاشور
حسام عاشور


في فيلم "العار" لم يستطع نور الشريف تمييز دور "طلبة والدفاس وأبو دهشوم" لذلك ظنّ أنه من السهل تعويضهم، هذا الاعتقاد الخاطيء هو ما أضاع في النهاية "شقى عمره"، هذا الدرس ربما وعاه المدرب الخالد للنادي الأهلى مانويل جوزيه، فحين رأى حسام عاشور لأول مرة ولمدة 5 دقائق فقط أدرك أنه أمام موهبة استثنائية فلم يفرط فيه، اختار جوزيه "دفاسه" الخاص وأهدى للأهلى "مسمار خط الوسط" التاريخي للنادي.

 

لكن ما لم يدركه مانويل جوزيه وقتها أن الأهلى كان حلم "عاشور" البعيد، ولنعد إلى البداية، مارس حيث يبدأ كل شيء، ففي العام الذي تغنى المصريين بطاهر أبو زيد الذي مكنّهم من بطولة الأمم الإفريقية 1986، كان محمد عاشور يستقبل مولوده الذي أسماه "حسام" ربما تيمنا باللاعب الصاعد وقتها حسام حسن.

 

حوتان عكس بعضهما يحاولون الهروب، هذا الرمز لبرج الحوت لخصه علماء الفلك بشعار "أريد أن أعيش" وتحت هذا الشعار فإن أصحاب برج الحوت لا يحبون التقيد، يهربون إلى ما يريدون، يستمتعون بما يقدمونه بصرف النظر عن آراء الغير، والأهم أن لديهم من الإصرار ما يمكنهم من تسلق سلم المجد شرط أن يحبوا مايفعلونه فهم لن يبدعوا إلا في هكذا ظروف.

 

ولأن حسام عاشور المولود 9 مارس 1986 وجد حبه في كرة القدم وحلم بارتداء الفانلة الحمراء ، اختار الهروب إلى المستطيل الأخضر، في البداية يلعب لنادي "شيكو" بمنطقة عرب المعادي التي نشأ فيها، يحاول الانضمام للنادي الأهلى يتم رفضه في اختبارات الناشئين، يكرر المحاولة فيفشل، يكررها للمرة الثالثة وينجح، لم يستبدل الفانلة الحمراء بأخرى ولم يراهن على نادٍ سوى الأهلى.

 

عرف الولد الصغير في المرة الثالثة أنه على اعتاب فرصة تاريخية، أسامة عرابي يختاره للانضمام للناشئين وبدر رجب يُعجب بمستواه الفني حين أجرى الاختبارات، الآن يمكن إثبات الذات.

 

عامين متتالين قضاهما "عاشور" في الأهلى ضمن الناشئين، صحيح الخطوات ثابتة لكنها غير محسوسة، دوره البعيد عن الأضواء يحتاج إلى مدرب يُدرك أنه أمام لاعب ثقيل يجب تطويره.

 

يقول المثل الاسكتلندي حين يظهر التلميذ الجيد يظهر الاستاذ الجيد، لذلك لم يتأخر من يكتشف "عاشور"، ففي 2004 ذهب مانويل جوزيه لتصعيد 4 لاعبين من الناشئين للفريق الأول كنوع من التدعيم، لم يكن من بينهم حسام عاشور، لكن بالصدفة رآه جوزيه يلعب لمدة 5 دقائق، وقتها اختاره هو فقط قائلًا "بيلعب السهل الممتنع ومش بيفتي في الملعب".

 

جيل ذهبي على وشك الأنطلاق، بطولات محلية وإفريقية وقارية، مدرب لا يرحم، هل يثبت ابن الثامنة عشر، نعم يثبت، يبدأ موسم 2004 يحصد أول ألقابه (الدوري العام).

 

في سن التاسعة عشر أصبح مسؤول عن منطقة وسط الملعب أمام عمالقة إفريقيا، أول ظهور إفريقي اختبار صعب، لكن حسام عاشور ينجح ويتوّج باللقب في 2005 ليصبح رصيده دوري واحد وكأس دوري أبطال إفريقيا.

 

ما هو طموح اللاعب، كيف ينظر إلى المستقبل وهو في سن صغير وتنهال عليه عروض احتراف من هنا وهناك، يرفض كل ذلك، هل هذا غباء، لا، أصحاب برج الحوت لا ينظرون إلى الأموال قدر الأريحية، هو ارتاح في الأهلي هذا كل ما في الأمر.

 

الأرقام القياسية قبل حسام عاشور لم تكن غائبة بالطبع عن النادي الأهلى لكن هذا "المسمار" صاحب الثلاثة أهداف خلال 16 عام كان على موعد مع الأرقام القياسية التي لن تتكرر كثيرًا، سيمضي لآخر الشوط مع الأهلى.

 

أرجو ألا يمل القاريء بهذا السجل، ففي تاريخ حسام عاشور 11 كأس سوبر مصري و12 دوري عام، و5 دوري أبطال إفريقيا، وثلاث كأس مصر، وبرونزية كأس العالم للأندية.

 

هذا على مستوى الأندية أما على مستواه الشخصي فهو أكثر لاعب إفريقي شارك في بطولات إفريقيا للأندية برصيد 123 مباراة، وأكثر لاعب عربي إفريقي شارك في كأس العالم للأندية فهو ضمن 4 لاعبين فقط شاركوا في جميع مباريات كأس العالم للأندية وهم محمد أبو تريكة وشادي محمد ووائل جمعة وحسام عاشور، وتفرد "عاشور"  بكونه الوحيد الذي شارك مع النادي الأهلي في الخمس مرات التي تأهل فيها للبطولة برصيد 12 مباراة.

 

هل أنتهت الأرقام أو ملّ القاريء، لأن حسام عاشور هو أصغر من حمل شارة كابتن النادي الأهلي،  وصاحب أسرع هدف للأهلي في الدوري بعد 33 ثانية فقط من بدء إحدى المباريات وأكثر من شارك في مباريات القمة ضد الزمالك برصيد 32 مباراة فاز في 19 منها وتعادل 10 مرات وخسر 3 فقط.

 

حسام عاشور هو ايضًا أصغر لاعب في التاريخ يخوض 100 مباراة في بطولات أفريقيا للأندية، وكانت المباراة المائة له وهو في الثامنة والعشرين من عمره عام 2014، أما رصيده بفانلة النادي الأهلى تخطى 500 مباراة ليصبح أول لاعب في تاريخ القلعة الحمراء يصل لهذا العدد من المباريات. 

 

وفي المنتخب الذي لعب له لأول مرة ضمن منتخب الناشئين في بطولة أفريقيا  2003 وانطلقت بعدها مسيرة إنجازات موازية فشارك في كثير من البطولات التي أضيفت لرصيده.

 

تلك المسيرة هي ما دفعته لأن يكون منافسه الوحيد عالميًا هو البرازيل داني ألفيش الذي حصل على 42 بطولة وليجعل حسام عاشور بالأرقام التي لا تكذب "لاعب بألف نادٍ مما يعدون"!

 

لكن هل هذا كل شيء، نعم هذا كل شيء وما تبقى هي رتوش، فاللاعب الذي فضّل الأهلى على كل شيء لا يعرف سوى الاجتهاد وحصد البطولات كما تعلم من الجيل الذهبي للقلعة الحمراء والذي يعدّ "عاشور" ضمن آخر حباته مع أحمد فتحي وشريف إكرامي ووليد سليمان، وفي الآونة الأخيرة أصبح قياديًا أكثر منه لاعب ويظهر أنه يستعد للاعتزال.

 

لكن الحصار الإعلامي الذي فرضه حسام عاشور على حياته الشخصية لم تمنعنا من الوصول لبعض الأسرار حتى لو كان "المسمار" يرفض الظهور إعلاميا ولا يتفاعل كثيرًا مع مواقع التواصل الاجتماعي" لكنه برغم ذلك يعشق مشاهدة المباريات على "يوتيوب" كما يحب مشاهدة مباريات الأهلى وكرة القدم العالمية أما لاعبه المفضل ميسي.

 

"عاشور" الذي يفضل الأغاني الشعبية ومطربه المميز هو "رمضان البرنس" اختار الاستقرار الأسري فتزوج مبكرًا من السيدة سارة وأنجب منها أبناءه "جنى ولي لي وإياد" والأخير يلعب كرة القدم.

 

ابن عرب المعادي الذي يبدأ يومه بفنجان قهوة عربي فيلمه المفضل "الكيف" ونقطة ضعفه "صينية البطاطس بالفراخ" كما يعشق البامية والمكرونة الباشميل والمانجا العويسى، أما السفر فهو "جوّال" فما إن يحصل على إجازة حتى يكون السفر وجهته مع زوجته خاصة شرم الشيخ مدينته المفضلة.