"يأتي الشتاء بما لا تشتهي المحليات".. أستاذ طرق: بالوعات صرف الأمطار"زي عدمها".. وهذه روشتة العلاج (حوار)

أخبار مصر

بوابة الفجر


-القاهرة الجديدة.. نموذج لفشل التخطيط في التعامل مع الامطار 

-مصر غير مستعدة لمواجهة التغيرات المناخية الجديدة.. والطرق الداخلية الاكثر تأثرا بزيادة الامطار

-تحديد اماكن بلوعات صرف مياه الأمطار بالطرق يقوم بها المقاول والفني.. وبس

-كارثة.. الاحياء والمحليات لا تمتلك خريطة خطوط المرافق المدفونة ضمن نطاقها الاقليمي

تأتي الأمطار بما لا تشتهي الطرق.. كلما طرق الشتاء أبوابنا، تزايدت أزماتنا في شوارع قاهرة المعز ومحافظات المحروسة، التي تغرق في شبر مياه، على الرغم من المحاولات المضنية التي تمضى فيها الدولة قدمًا، لتحقيق أعلى جودة لمصاف التسريب، خلال التعامل مع موجات الطقس السيئ، التي تحملها التغيرات المناخية، إلا أن التكدس المروري يصبح سيد الموقف، والذي يمتد لساعات طويلة، في ظل ارتفاع منسوب المياه، الذي يتسبب في بعض الأحيان إلى انسداد بالوعات الصرف الصحي.


أجرت "الفجر" حوارًا مع الدكتور حسن مهدي، أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس، استعرض خلاله أسباب الأزمة، والحلول التي تمكن متخذي القرار من تفادي ما ينتج عن هطول الأمطار بالمحليات والمدن الداخلية من شلل مروري وأزمات تعرض الركاب للخطر.

 وإلى نص الحوار:

- ما أسباب تكرار أزمة الشلل المروري أثناء هطول الأمطار في القاهرة والمحافظات؟

هناك عدة أسباب للمشكلة التي تحدث بالطرق الداخلية والمحليات، بعد هطول الأمطار في فصل الشتاء، ومنها عدم الاستعداد الجيد لاستقبال هذا الموسم، كما أن هناك أسباب أخرى ومنها، أن الطرق غير مستوية ما يؤثر في تشكيل برك المياه، ونستطيع اكتشاف عيوب الطرق أثناء هطول الأمطار والتي تظهر وجود المناطق المنخفضة في الطرق والتي بدورها تتحول لبرك مياه.

- وماذا عن شبكة صرف مياه الأمطار في البنية الأساسية للطرق؟

تتأثر شبكات صرف مياه الأمطار، بشكل واستواء سطح الطريق، بحيث تتساوى المياه فوقه بشكل مستوي، لكننا نجد مناطق تخلوا من المياه ومناطق أخرى تمتلئ، ما يعني ويؤكد عدم انتظام السطح، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار هذه الملاحظات عند تصميم شبكات الطرق، فبقدر المستطاع يجب أن يتم تصميم وتنفيذ الصرف السطحي أو الانحدارات المتواجدة في الاتجاه الطولي والعرضي يساعد في صرف مياه الأمطار، ومع الأسف ذلك غير مفعل، لأن هناك مناطق (Low Point) أو مناطق تجميع المياه، "عاملة زي الطبق المياه بتجري من المنطقة العالية وبتروح على التجمعات دي"، وكذلك في منازل الكباري وفي مداخل الأنفاق. 

ما طبيعة الحلول المطروحة لتفادي أزمة الأمطار؟

هناك حلول خارج الصندوق يمكن طرحها لحل مشكلة فصل المياه عن الصرف الصحي،  ليس فقط تدفق المياه، ومثال على ذلك غرق القاهرة الجديدة نتيجة عدم تحمل شبكة الصرف الصحي كم الأمطار، ونتج عنها خروج المياه من شبكة الصرف الصحي فأصبحت الشوارع ممتلئة ليس فقط بمياه الأمطار، ولكن بمياه الصرف الصحي أيضًا، ما يتسبب في مشكلات صحية.

ولكننا أمام ظاهرة هطول مياه أمطار غزيرة، وليست بدرجة سيول وهي طبيعبة وفقًا للتغيرات المناخية، التي لا تناسب استعدادات مصر، من حيث طاقة استيعاب وجاهزية البنية التحتية، وخاصة شبكات صرف الأمطار بالطرق والشوارع.


- ما حجم تأثر كل الطرق الداخلية للمدن والطرق السريعة بهطول الأمطار؟
إذا قررنا السفر مثلا إلى الإسماعيلية، أو الإسكندرية، مستقلين أحد الطرق السريعة، التي تم إنشائها في إطار المشروع القومي للطرق، سنجد أن الوضع أفضل 100%، مقارنة بالطرق والشوارع الداخلية للمدن والمحافظات، لكون المدن الجديدة حدث ولا حرج عن مشاكل البنية الأساسية، وعدم وجود تنسيق بين المرافق وبعضها البعض، فالمطر والطرق تعد ضمن المرافق لكن الإدارة المسؤولة عن توفير بالوعات الأمطار من المفترض أن تقوم بالتنسيق مع إدارة الطرق لتحديد أفضل مكان لوضع وتركيب بالوعات تصريف مياه الأمطار. 

وفي الواقع يقوم المقاول وفقا لما تشترطه المقايسة لتنفيذ الطريق، وليكن بتركيب 50 بلوعة في طريق ما، يقوم بتركيبها حسب اختياراته، أو حسب الفني أو المشرف المشترك معه، والمنتدب من الجهاز أو رئاسة ديوان الحي.

وفي كثير من الأحياء والمحليات نجد بالوعة مياه الأمطار متواجدة في المكان الخطأ، في منطقة لا تصل إليها مياه الأمطار، حيث رأي المقاول أثناء التنفيذ وضعها في المنطقة المرتفعة من سطح الطريق مثلا.

ماذا عن الصيانة الدورية التي تتم لبالوعات تصريف مياه الأمطار؟

إذا تفائلنا بتوافر البالوعات، فسنجدها دون صيانة موسمية، وبالتالي لم يصبح لها أي فائدة حال مواجهة مياه الأمطار، حيث تمتلئ بالأتربة والمخلفات، ويصبح وجودها مثل عدمه.

- لماذا لم تراعي أبعاد الميل الهندسي في تصميم الطرق على الجانبين لتصريف مياه الأمطار؟

تخطيط الطرق قديما كان يراعي صرف الأمطار، وحاليا عملية رفع كفاءة الطرق في المحليات لا تتم بوجود متخصصين للتصميم واستشاري، إنما تعتمد على وجود مقاول يقوم بتنفيذ رفع كفاءة لبعض الشوارع يقوم بترتيبها حسب فهمه وخبرته، والتي لا تأخذ في الاعتبار، تنفيذ عملية تصريف مياه الأمطار أو كيفية تنفيذها أو توزيع البالوعات في الشوارع سواء رئيسي أو جانبي.

- هناك خطة لرفع كفاءة الطرق.. في حالة إضافة بند "دراسات الأمطار" هل سيشكل تكلفة؟

ليس سهلا تنفيذه، فبشكل شخصي أعمل مع بعض الجهات التي تسعى لتنفيذ ذلك في أحياء محافظة الجيزة، ومنها جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، والذي يقوم يتنفيذ تطوير الطرق والشوارع الداخلية في خمسة أحياء منها بولاق الدكرور والهرم وحي شمال الجيزة، ولدينا تصور لما يمكن تنفيذه في هذه الأحياء بهدف رفع كفاءة هذه الشوارع.

بعض الشوارع قمنا برفع كفاءتها عن طريق استخدم الرصف ببلاط "الأنترلوك" لأنها عبارة عن حواري ضيقة مساحتها 3 أو4 أمتار لا تحتمل دخول السيارات، وعرضها غير كاف لاستخدام الأسفلت.

ولكننا عانينا الأمرين في بعض الأماكن كنا نجد كابلات الكهرباء ومواسير المياه على بعد قريب يصل إلى 5 سم من السطح، ويقوم المقاول بتنفيذ المشروع  فيجد أنه يضطر لقطع كابلات وكسر مواسير المياه وسيترتب على ذلك عمل محاضر في الشرطة له.

لكم أن تتخيلوا حجم المعاناة في المحليات، عندما نجد خطوط مرافق ليس لها خطة، ولا يعرف أحد خط سيرها، كأنك تقوم بغلق عين أحدهم ومطالبته بالسير، ليجد نفسه يتحسس طريقه منعا للاصطدام وهذا شبيه بما يحدث في المحليات، وينطبق على واقع عملنا في عشوائيات محافظة الجيزة.

- ما الهيئات التي تساعدكم في اكتشاف أعماق الأرض لتجنب إتلاف المرافق؟

هناك مركز الاستشعار عن بُعد، لكنه لا يُظهر طبقات الأرض، وذلك يعد ضمن مهام مراكز المعلومات في المحافظات، فهم لديهم أجهزة كشف باطن الأرض، أحيانا تعطي نتائج صادقة وأحيانا لا، ولكن مراكز المعلومات في المحافظات لها سلبيات فهي لا تتعاون "غير بالطلب".

ماذا يعني تعاون مراكز المعلومات بـ"الطلب"؟

بمعنى أن الشركة المعنية بتنفيذ مشروع ما في مكان يتبع المحافظة عليها أن تستدعي عاملين من مركز المعلومات، بعد أن تقوم بدفع رسوم استدعاء ليقوموا بعمل مسح لمرافق أرض المشروع المقرر تنفيذه وتحديد أماكن خطوط الكهرباء والمياه.

ومن المفترض ان يكون لديهم قاعدة بيانات شاملة ولكنهم يقوموا بالتنفيذ باستخدام الأجهزة حسب الطلب وفي مقابل دفع رسوم.

- كيف يمكن حل هذه المشكلة أو محاولة تقليل تبعياتها مستقبلا؟

المحليات بها مشكلة كبيرة، وهي أن حلقات التنسيق بين الجهات مفقودة، لأنها تقوم بأداء أقرب ما يكون بأداء العشوائيات الموجودة بها ولا يوجد تخطيط مستقبلي من القائمين عليها.

يجب أن نراعي التنفيذ الصحيح والمدروس للمشروعات الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، حيث أن المدن الجديدة المقرر بناؤها يجب أن تشمل دراستها على الاهتمام بدراسات تصيرف مياه الأمطار والسيول ودراسات متخصصة من متخصصين في دراسات "هيدرولوجية" فهم الأكثر دراية بما يجب تنفيذه، سواء كان حمايات في مكان ما من الطريق بسبب وجود سيول أو غيرها.

-أخيرا.. أين تتوافر هذه التخصصات وهل هي متوفرة في مصر؟

هذه التخصصات تتواجد في كل جامعات مصر وتتبع كليات الهندسة المدنية، كما أن هناك قسم الهندسة البيئية والصحية يستطيع تصميم شبكات المياه والصرف، وكذلك تصميم حمايات للطرق من العواصف والأمطار ويوجد لديهم خبرة ومعرفة كبيرة عن الحلول التي يمكن تطبيقها أيضا لحل مشكلات الطرق.