رامي المتولي يكتب: Ordinary Love.. فيلم رومانسي غير تقليدى عن السرطان

مقالات الرأي



واقعية الفيلم لا تفسده من الناحية الفنية

فى عالم السينما تبحث حواسنا عن غير العادى، صناع السينما عادة يصيغون أعمالهم مختزلة خالية من الروتين اليومى الذى يفعله البشر بشكل مكرر واعتيادى، يميلون إلى المبالغة لحد ما فى عرض القضايا والشخصيات، بهذه الطريقة يصبح الفيلم جذابًا مختلفًا عما يراه مليارات البشر فى حياتهم اليومية، لكن Ordinary Love فيلم من الذين يكسرون هذه القاعدة.

بداية من عنوان الفيلم الذى يمهد للمشاهد أننا أمام علاقة عادية جدًا لزوجين فى منتصف العمر، الزوج مشاغب يخالف زوجته فى كل ما تقوله على سبيل المرح وهى تنهره قدر المستطاع، علاقتهما مستقرة يبدو هذا واضحًا من شكل المنزل وأثاثه، يبدو كأى زوجين ممكن أن نقابلهما فى أى مكان فى العالم، الفيلم بالطبع رومانسى لكن عنوانه وبداياته يدلان أنه لن يكون كالأفلام السائدة التى تبدأ بالبحث عن الحب ثم يجد البطلان بعضهما البعض ثم بداية علاقة ومشاعر قوية تصطدم بالمشكلة الكبرى فيفترقان، وتختلف النهاية أما بالعودة بعد زوال المشكلة ويعيشان فى سعادة حتى النهاية أو يجدان صيغة للتفاهم فيما بينهما وتظل الذكرى الطيبة والابتسامة.

فيلم Ordinary Love لا ينتمى لهذه النوعية، هو بالطبع رومانسى ملىء بالمشاعر لكن نستطيع القول أيضًا أننا أمام فيلم شديد الواقعية يشبه حياة الملايين حول العالم، مهما اختلفت ثقافتهم ولغاتهم وعادتهم، ومن فرط العادية فى الدقائق الأولى للفيلم الذى يؤسس لزوجين لديهما ابنة وحيدة انتهوا منذ فترة وجيزة احتفالهما بالكريسماس ويرفض الزوج توم (ليامن يسون) أن يجمع الزينة من على شجرة الاحتفال كسلاً منه، ويحاول أن يجعل الزوجة جوان (ليزلى مانفيل) تفعلها، مناقشة عادية وسط جو عادى لا يثير أى اهتمام وربما يوحى بالملل، حتى يحدث العارض الذى يكسر الروتين المستمر منذ سنوات ويمهد لما هو قادم وهو اكتشاف الزوجة لكتلة غريبة فى ثديها تثير قلقها وقلق توم معها، كل منها يحاول أن يظهر الأمر وكأنه ليس بالشىء المخيف، لكن عندما يخلو أى منهما مع نفسه يظهر التوتر والخوف الذى يحاول كل طرف اخفائه عن الآخر.

هذه الواقعية والعادية فى الفيلم لا تعنى أنه ضعيف من الناحية الفنية، أو أن عاديته هذه هى مؤشر على ضعفه على العكس، الفيلم مصنوع بشكل جيد جدًا إلى جانب كونه مترابطاً يعتمد على الإيقاع الهادى ليعبر عن رتابة الحياة وعاديتها الأمر الذى ينعكس على كل تفاصيل الفيلم التى تمعن الكاميرا فى إظهارها لهذا الغرض، تتكون علاقات بين المشاهد والتفاصيل فى المنزل حتى سمكة الزينة الصغيرة التى يطعمها الزوج ولا تفضلها الزوجة، ولكى يكسر المخرجان جلين ليبرن وليزا باروس ديسا وقع الرتابة على المشاهدين استخدما المونتاج فى القطع الحاد بين المشاهد ليخلقوا حالة من التغيير والتنبيه، إلى جانب استغلالهما للغة سينمائية فى التعبير عن حالة الزوجين بربطها بطقس روتينى يفعلانه معًا وهو السير بغرض الرياضة صبًاحا حتى يصلا لنقطة محددة وهى شجرة يدوران حولها ويعودان أدراجهما، يتكرر هذا المشهد مرات خلال الفيلم لكن مع كل تكرار يتغير شىء ما الطريق بإصلاحاته أو سلوك الزوجين نفسه.

أيضًا الأداء التمثيلى سواء عند ليام أو ليزلى منح الفيلم ثقلاً وبعداً مختلفاً عن الرتابة، طوال الوقت نتابع أداء جيداً غير مصاب بالافتعال أو المبالغة فى إظهار المشاعر عند المواقف الميلودرامية، هذا مع عناصر أخرى مثل التصوير والمونتاج والحوار جعلا الفيلم يسير بدقة على وتيرة ممتعة إلى جانب كونه فيلماً يحمل لمحة من التوعية يركز على مشاعر النساء أثناء تعاملهن مع المرض الخطير.