تصريحات نارية من شيخ الأزهر عن إصلاح الفكر الديني

أخبار مصر

بوابة الفجر


وجه فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الشكر الجزيل لدولة أوزباكستان، رئيسا وحكومة وشعبا، وخص بالشكر "مير ضياييف" رئيس الجمهورية، على دعوة فضيلته للمشاركة في مؤتمر "الإمام المتريدي".

جاء ذلك في كلمته اليوم الثلاثاء، بمؤتمر"الإمام أبو منصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية" بأوزباكستان، الذي يستمر حتى 5 من مارس، بمدينة سمرقند، ويناقش تحليل سيرة الماتريدي وآثاره العلمية، والآراء والأفكار المرتبطة بتاريخ تطور علم الكلام في عهده، وبحث تطور التعاليم الماتريدية، وأهمية تراث الإمام الماتريدي وأتباعه في حل القضايا الملحة في العصر الحالي.

وقال شيخ الأزهر: إن المؤتمر جاء في سياق زمني ومكاني بالغ الضرورة، وهو أمارة على فطنة القائمين عليه وانتباههم لضرورة اكتشاف الجذور، والتنقيب في التراث العريق عن الأصول الثابتة والقواعد الراسخة، واستصحابها للتدرع بها في معترك النهضات وصراع الحضارات.

وتابع: "الأحرى والأخلق بهذا المؤتمر أن ننظر إليه بحسبانه ضوءا يسطع في نهاية نفق شبه مظلم، أو مركبا آمنا في بحر متلاطم الأمواج، وشكرا لدولة أوزباكستان على هذا السّبق الذي يحقّ لها أن تفخر به وتعتز. 

وأكد أهمية النظر لهذا المؤتمر من خلال منظورين بالغي الدقّة والأهميّة، الأول، تحـديد موقف الأمة من طوفان الحداثة وما بعد الحداثة، وتسلّط رؤاها وأنظارها، وبكلّ وسائل التواصل الحديثة، على عقول الصغار والكبار، بل على طائفة ممّن يملكون التأثير على عقول الشباب، سواء بالكلمة المكتوبة أو «المتلفزة» على شاشات الفضاء، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.

وقال: الأخطر أنّ بعضا ممّن يتزيّون بزيّنا ويتحدّثون بلغتنا، اختلطت في أذهانهم أوراق «الحداثة» في نسختها العربيّة، بأوراق دعوة التجديد أو دعوة إصلاح الفكر الدينيّ، ونتج عن هذا الخلط -المتعمّد أو غير المتعمّد- استباحة الحديث عن الإسلام من غرباء على علومه النقليّة والعقليّة، بل استباحة التطاول -أحيانا- على أئمّة المسلمين وأعلامهم الأفذاذ.

وتابع: ليس لهذا الاضطراب الذي أوشك أن يكون «تيها يتربّص بالأمّة كلّها» إلا مخرج واحد هو «إحياء التراث»، ودراسته وتدريسه في المعاهد والجامعات المختصّة، وانتقاء ما يساعدنا على نهضة حديثه تجمع بين قيم التراث والتطوّر الفكريّ والتقنيّ. وهذا أمر يحتاج إلى أن يعقد له أكثر من مؤتمر يضمّ جميع علماء المسلمين للتباحث حول كيفيّة الإحياء، وتحديد معايير «الفرز» بين ما يستدعى من الأطر التشريعيّة والقواعد الفقهيّة التي تسمح بتغيّر الصور الجزئيّة وتبدّلها، وبين ما يبقى خاصّا بزمنه الذي قيل فيه، ولا يفيدنا استصحابه في زمننا هذا. وهنا يكون بعث التراث وعقد المؤتمرات المتخصّصة في مجاله أمرا يجب تشجيعه والثناء عليه.

وأضاف أن المنظور الثاني: الذي تتبيّن فيه «قيمة هذا المؤتمر» فينبع من أنّه يأتي تعبيرا عن مذهب «أهل السّنّة والجماعة» وهو مذهب السواد الأعظم من المسلمين، ويعني هذا المفهوم في المقام الأوّل: الأشاعرة والماتريديّة وأهل الحديث من الأحناف والمالكية والشافعيّة والحنابلة، وأئمّة علوم الذّوق والسّلوك، وأهل اللغة والبيان، ومن المؤلم أن نشير -من جديد – إلى ما ابتليت به الأمّة في الآونة الأخيرة من اضطراب مفهوم «أهل السّنّة والجماعة» في أذهان نابتة من أبنائها جعلوا منه شارة بل علما على التشدّد والتطرّف، والغلوّ والتكفير، واستباحة الدّماء، وحكموا على من لا يعتقد عقائدهم بالخروج من دائرة أهل السّنّة والجماعة. ونحن في الأزهر نعمل ليل نهار على تصحيح هذا المفهوم، وعودته إلى دلالته الحقيقيّة التي أجمع عليها المسلمون على مدى أكثر من ألف عام.