المملكة تعيد التذكير بثوابت ومتغيرات سياسة الخارجية عبر قمة الـ 20

السعودية

بوابة الفجر


أكدت المملكة العربية السعودية، اليوم الخميس، مجددا على مكانتها الإقليمية والدولية، وأعادت التذكير بثوابت ومتغيرات سياسة الخارجية، من خلال عقد القمة الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين، برئاسة خادم الحرمين الشريفين  الملك سلمان بن عبدالعزيز، المخصصة لبحث تداعيات وآثار جائحة كورونا المستجد.

وتعبر هذه الخطوة المتقدمة عن الرؤية الاستراتيجية السعودية وسرعتها في الاستجابة للأزمات الدولية، بالقدر نفسه الذي تتصدى به الرياض لملفات إقليمية معقدة؛ ما يعيد التذكير بالدور المسؤول لخادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان، ولى العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، في تحقيق الاستقرار العالمي.

وفيما تتطلع شعوب العالم لنتائج القمة الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين، فإن السعودية (التى تسلمت في نوفمبر الماضي الرئاسة الدورية للمجموعة لمدة عام) تراهن على أن يتوصل قادة قمة مجموعة العشرين إلى رؤى ومواقف تعزز المواجهة الجماعية لجائحة كورونا.

وتتبنى المملكة العربية السعودية فلسفة واضحة في تعاطيها مع دول العالم، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، تقوم على مبادئ وثوابت، وضمن أطر رئيسية، أهمها حسن الجوار وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة مع دول العالم، وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية.

وتحرص المملكة في المجال الدولي -بحسب وزارة الخارجية- على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى التي ارتبطت معها بشبكة من المصالح يمكن وصفها بأنها جاءت انعكاسًا لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي، الذي سعت من خلاله الرياض إلى توسيع دائرة التحرك السعودي على صعيد المجتمع الدولي.

وتحاول المملكة أن تتفاعل مع مراكز الثقل والتأثير في السياسة الدولية، آخذةً في الحسبان كل ما يترتب على هذه السياسة من تبعات ومسؤوليات، وتعتز المملكة بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة عام 1945م، انطلاقًا من إيمانها العميق بأن السلام العالمي هدف من أهداف سياستها الخارجية.

وتدعو المملكة باستمرار إلى أسس أكثر شفافيةً للعدالة في التعامل بين الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، باعتبارها السبيل الوحيد إلى الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم، وسط تأكيدات بمحاربة التطرف والإرهاب، ورفض خطاب الكراهية، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، عبر موقعها المهم (إسلاميًّا، وعربيًّا).

وتؤكد المملكة باستمرار، على لسان وزراء خارجيتها، أن المملكة تحترم كل الآراء وتقبل الانتقادات إذا كانت في محلها، لكن لا تقبل الإملاءات، وأن السعودية لا تحاول فرض ‏مبادئها على أحد، مدعومةً في موقفها بمؤازرة دول مجلس التعاون الخليجي (باستثناء قطر) والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.

ومنذ تسلُّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية، في توقيت بالغ الحساسية (إقليميًّا، ودوليًّا)؛ سارعت المملكة إلى إعادة النظر في جملة تحالفاتها الإقليمية والدولية، والعمل على إعادة ترتيبها بما يتوافق مع حجم التحديات والتهديدات، وقد تبدَّى ذلك منذ مشاركة خادم الحرمين في مؤتمر القمة العربية بشرم الشيخ (مارس 2015).

وأكد الملك سلمان ثوابت المملكة ودورها القيادي (خليجيًّا، وعربيًّا، وإسلاميًّا)، قبل تحرك لاحق تم بموجبه تشكيل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب (بمشاركة 41 دولة)، مدعومةً بسلسلة زيارات خارجية لخادم الحرمين والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، توضيحًا لموقف المملكة من كل الملفات والقضايا الإقليمية والدولية.

واستهدفت السياسة الخارجية للمملكة (خلال الأعوام الثلاثة الماضية) صناعة اصطفاف إقليمي ودولي لمواجهة ظاهرتي (الإرهاب، وانتشار الميليشيات المسلحة في الجوار الإقليمي)، والعمل على مكاشفة العالم بجرائم إيران المرتبطة بالظاهرتين. وبجانب الجهود الدبلوماسية، حرصت المملكة على دعم مؤازرتها لليمن (عسكريًّا) بتوافق مدعوم بطلب رسمي من الحكومة الشرعية لمواجهة الحوثيين.

ومع جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، لم تتخلَّ السعودية عن نهجها الإنساني، الذي ميَّز سياستها الخارجية، ومن ثم نشط مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية لتقديم المساعدات في شتى بقع الصراع العربي لدعم المدنيين، والعمل على إنقاذهم من لهيب الصراعات المسلحة، دون تفرقة في مد يد العون إلى جميع المحتاجين.

وتهدف سياسة السعودية الخارجية إلى ترسيخ الاستقرار، مع تحمُّل مسؤولياتها في تعزيز التضامن بين الحكومات العربية، ومد الجسور مع دول الجوار والعالم على السواء، قبل أن يشهد العام الأخير تحركات محورية في عدد من الملفات والقضايا.

وقد شكَّلت رؤية المملكة 2030، نقطة ارتكاز مهمة في هذا الشأن، مدعومة بجهود إصلاحية (اقتصادية، واجتماعية، وحقوقية...). وفي سبيل دعم الأمن الإقليمي، جرى إنشاء مركز مكافحة التطرف، واستضافة ثلاث قمم تاريخية (سعودية-أمريكية-خليجية، وأمريكية-عربية، وإسلامية-أمريكية) أكدت جميعها الدور القيادي للمملكة.

وتتعامل السياسة الخارجية السعودية مؤخرًا بديناميكية تجمع بين الثوابت ومواكبة المتغيرات في علاقاتها الإقليمية الدولية، مع احترامها المواثيق والتعهدات والاتفاقيات، ودعم المنظمات الدولية السياسية والحقوقية والاقتصادية والتعليمية، ومد الجسور مع الجميع على مبدأ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

وكانت المملكة حاضرة بقوة في قضايا حوار الحضارات والطاقة والبيئة والمناخ والأزمات المالية العالمية، محققةً نجاحات كبيرة في حفظ الأمن القومي والإقليمي، وهي متغيرات مهمة نقلت السياسة الخارجية السعودية من رد الفعل إلى المبادرة بالحسم (دبلوماسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا) مع توظيف علاقات الاستراتيجية لصالح دعم وتعزيز الأمن والسلم (إقليميًّا، ودوليًّا).