في ذكرى ميلادها.. تعرف على سبب دخول أبلة فضيلة عالم الإذاعة

الفجر الفني

 أبلة فضيلة
أبلة فضيلة


حبايبي الحلوين كان ياما كان يا سعد يا إكرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.. هكذا كانت تطل بصوتها الرنان عبر إذاعة البرنامج العام أشهر من قدم برامج الأطفال في الإذاعة المصرية وهي أبلة فضيلة

فضيلة توفيق، من مواليد  4 أبريل 1929، والدتها تركية، ولها ثلاث أشقاء بنتان وولد، ومنهم الفنانة محسنة توفيق.

كانت طفلة من الطبقة العليا فى ثلاثينيات القرن الماضي، وعاشت في شارع الملكة نازلي ( رمسيس حاليًا) تعلمت في مدرسة الأميرة فريال ، وكان زملائها جميعًا أبناء أشخاص مرموقين في المجتمع.

كانت صديقتها المقربة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، والملكة ناريمان، التي تزوجها الملك فارق فيما بعد.

دخلت فضيلة، كلية الحقوق وكانت ضمن دفعة عمالقة القانون في وقتنا الحالي وأبرزهم الدكتور فتحي سرور، والدكتور أسامة الباز، والدكتور عاطف صدقي.

فور تخرجها التحقت للعمل كمحامية ي مكتب المحامي ووزير النقل آآن ذاك حمدي باشا زكي، برغم عدم حبها للمحاماة ولكن تلبية لرغبة والديها 

وسبب تركها للمحاماه ودخولها عالم الإذاعة هو محاولة صلحها بين الخصوم وقال أحد زملائها في مكتب المحاماة للأستاذ حامد فعاتبها بشدة وقال : مهنتنا تعتمد على الخلافات ولذا فأنتي لا تصلحين للعمل في المحاماة من الأفضل أن تعملي في الإذاعة ، كانت مدة عملها بالمحاماة 24 ساعة فقط .

فى عام 1953 قابلت الرائد الإذاعى محمد محمود شعبان، والشهير بـ"بابا شارو" وأعربت له عن أملها في الإلتحاق بالإذاعة وخاصةً مع الأطفال، وأجابها بأنه يعمل على هذا الملف الإذاعي وحده.

قدمت أوراقها للعمل كمذيعة لنشرة الأخبار في الإذاعة كمذيعة ربط،  وتعلمت من حسنى الحديدي، وهو أحد أشهر مذيعي النشرة في تلك الوقت،  كيف تقف وراء الميكرفون ومن يوسف الحطاب، التمثيل 

كان أول أجر لها هو 12 جنيهًا ويعتبر مبلغ كبير في ذلك الوقت، وكانت تضع 4 جنيهات في حصالتها التي تمتلكها منذ طفولتها.

بدأت مشوارها الإذاعي عام 1953، خلال تقديم  برنامج ("س" و "ج") الذى قدمته للأطفال عبر أثير الإذاعة.

في عام 1959 تحقق حلمها بعد أن اختارها "بابا شارو" لتحل محله في برنامج "غنوة وحدوتة" بعد إنتقاله للعمل التليفزيوني مع بداية بثه الرسمي، ومن هنا عملت في برامج الأطفال .

ولأن "بابا شارو" يعتبر فضيلة توفيق، ابنته الروحية أصر على أن يجعلها البديل لمدة عشرة سنوات، لتقوم بتقديم برنامجه تحت إٍسم "أبلة فضيلة" وهو من اختار لها هذا الأسم، خلافًا لجميع مذيعات برامج الأطفال اللاتي يقترن اسمهم  "ماما" وهي كانت تحب أن تكون الأخت الكبرى لهم وليس والدتهم لأنها لا تعوض.


عند توليها منصب رئيس إذاعة البرنامج العام، قررت فصل برامج الأطفال الأكبر، عن الأصغر، لأن ما تعلمته على يد سهير القلماوي، أوضح لها أن الأطفال مختلفين، ولا يجب أن نتحدث معهم جميعا بنفس الطريقة، فيجب مراعاة المراحل العمرية، فالأطفال الكبار قدمت لهم برنامج "حديث الأطفال" يوم الجمعة فقط تقدم لهم فيه نصائح، وقررت عمل برنامج "غنوة وحدوتة" لتقديم حواديت تخاطب فيها الأطفال الصغار.


قدمت برنامج "غنوة وحدوتة" واستضافت من خلاله شخصيات بارزة ومنهم نجيب محفوظ، عبد الحليم حافظ، محمد عبد الوهاب، أنيس منصور، الدكتور فاروق الباز، كامل الشناوي، والدكتور يحيى الرخاوي.

وعن لحن أغنية برنامج "غنوة وحدوتة" طلبت من أستاذة في معهد الموسيقي العربية، اسمها عطيات عبد الخالق، موسيقى شرقية للبرنامج، مختلفة عن الموسيقى الغربية التي صاحبت برنامج بابا شارو، استأذنتها أن تضيف لها كلمات، وافقت، وقدمت لها ثلاث ألحان، ولكن وقع اختيارها على لحن "يا ولاد يا ولاد"، لشعورها إن هناك من ينادي الأطفال ويجمعهم حولها لكي يسمعوا الحدوتة، وبعد فترة طلب منها المستمعين أن تضيف نفس الأغنية على برنامج حديث الأطفال.


بعد شهرتها وأصبح صوتها معروف وقبل شرائها سيارة كانت تركب التاكسي وسائقينه كانو يرفضون أخذ الأجرة منها، ولكنها كانت تصمم وتقول "خدوا الأجرة وهاتوا بيها حاجة حلوة لأولادكم".

في احدى حلقات برنامج "غنوة وحدوتة" استضافت موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وأعجب بها وانتشرت الشائعات بعدها انهما تزوجا سرًا وهذا لم يحدث.

بدأ يذهب لمبنى الإذاعة بشكل متكرر بحجة تسجيل أغنياته، وعرض عليها الزواج بالفعل وذهب لمقابلة والدتها، ولكن قوبل طلبه بالرفض، لأنه كان زوجًا وأبًا لعديد من الأبناء فكان رد والدتها قاطع :" إحنا مش خرابين بيوت، وأنت رجل متزوج".

علمت السيدة "إقبال نصار" زوجة عبد الوهاب بموضوع عرض الزواج، وغارت منها، وطلبت من صلاح سالم، وزير الإعلام وقتها، فصلها من التليفزيون، وطلب صلاح سالم، من مدير مكتبه "محمد أبو نار" أن يجري تحرياته حول موضوع زواجها بعبد الوهاب، وقال له:" شوف موضوع البنت اللي هتتجوز عبد الوهاب دى"، وعندما سألها "أبو نار"، قالت له لا طبعا ده راجل متجوز وانا مبحبهوش، ونقل لصلاح سالم كلامي، واقتنع به، وانتهى الأمر على ذلك.

زارتهم في الأستوديو السيدة سوزان مبارك، قرينة الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك.

وكانت علاقتها بكوكب الشرق أم كلثوم، وطيدة ومن المواقف التي لا تنساها أبلة فضيلة، معها وهو كانت في القطار وفي طريقها للذهاب إلى مدينة الأسكندرية فنظرت أمامها، وقالت بصوت عالي وصل لها "القفا ده انا عارفاه"، فخبطت على كتفها" فإذا هي بالفعل أم كلثوم، فقلت لها ضاحكة، "اصل انا قولت القفا ده انا عارفاه، قالتلى ايه يا قليلة الادب انا قفا، قولتها لا اصل الشنيون بتاعك انا عارفاه، وضحكت الست".

وكانت تذهب أم كلثوم، كثيرًا إلى الأذاعة ومع كل زيارة تطلب من رئيس الإذاعة وتقول: "اندهللى البت بتاعة العيال" وهذا ما كانت تناديها به وتقول لها: "أحلى ما فيكى طفولتك خليكى كده أحسن لأن لو الطفولية دى راحت هتبقى وحشة".

تزوجت من المهندس إبراهيم أبو سريع، وكان كبير المهندسين بالإذاعة، ووكيل أول وزارة الإعلام سابقًا، وقالت عنه برغم شدته وحزمه، فإنه كان في غاية الرقة والحنان، وبرغم إنه كان أصغر مني سناً إلا إنه كان شخص ناضج، قادر على احتوائي.

عندما تقدم لها إبراهيم أبو سريع، كان في نفس الوقت متقدم لها ضابط بالجيش يمتلك الكثير من الثروة، بعكسه هو لم يكن يمتلك سوى راتبه فقط حتى لم يمتلك شقة للزوجية كما قالت.

إلا إن والدتها وافقت عليه وقالت لها:" هذا سيحافظ عليك العمر كله" وفي احدى حواراتها قالت أبلة فضيلة عنه: "عند مرضي كان يجلس بجواري ويبكي، ويقول لي :" أوعي تموتي قبلي، إنتي تقدري تعيشي من غيري، ولكني لن أستطيع أن أعيش يوماً بعدك".

كانت علاقتها مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، قوية فقد كان يزور شقيقتها الراحلة  يسر في منزلهم وعندما سافرت الي روما بدأت فضيلة تتعرف عليه عن قرب وتستضيفه في برامجها مع الاطفال وحينما علم بيوم زفافها ذهب إلى الحفل وغني لها اغنية "صافيني مرة " وعندما انتهى منها قال "العروسة تحب تسمع اية تاني" فقالت له فضيلة "صافيني مرة"  ليكررها لها ثلاث مرات بناء علي رغبتها.

وعن أصعب المواقف في حياتها هو وفاة زوجها إبراهيم أبو سريع، وفي احدى لقاءاتها قالت: " زوجي وتوأم روحي، شعرت إني ظهري انكسر، وأن الحياة لا تعني شيء، وظللت في حالة عدم استيعاب لفترة طويلة، حتى استطعت أن أتماسك وأخرج للحياة من جديد"، لكن هو لا يزال يحيا بداخلي، وأنظر إلى صوره، وأحكي معه بالساعات.

ومن أشهر حكاياتها: "الكتكوت الصغير" ، "القطة مشمشة" ، "كوب اللبن"، "أرنب وتعلب".

كان الرئيس جمال عبد الناصر، له مكانة خاصة عندها أول مرة قابلته فيها عبد الناصر، كان في عيد الإعلاميين في الإذاعة مددت يديها حتى تصافحه ولم تتركها، حاول سحبها من يديها ولكنيها طبقت بيديها الثانية على يديه، فشعر بحبها له، فربّت علي يديها، وقالت "له يا فندم مصر بتحبك والناس كلها بتحبك"،سألها عن اسمها، وعندما عرف هويتهت فهم سبب تلقائيتها وبراءتها.

بعد وفاة "عبد الناصر" أصبت بانهيار عصبي واكتئاب، ورقدت اسبوعين في المنزل، لم تستطع التوقف عن البكاء، ولم تذهب لعملها، ثم طلبوا من الدكتور يحيي الرخاوي، المجيئ لمنزلها لمعالجتها من تلك الحالة، فقال لها "والدك توفى، واديكي عشتي واشتغلتي"، أجابته بأن عبد الناصر كان أكثر من والدي، حاول اقناعها بعدم وجود شخص خالد، وأن الجميع سيموتون، وبعد فترة بدأت تتعافى.

وصرحت في احدى الحوارات عنها حبها للرئيس عبد الفتاح السيسي، وقالت: "أحب السيسي جدا، عندما رأيته لأول مرة سألت من كانوا معي، هل هذا عبد الناصر، قالوا لي هذا اسمه "عبد الفتاح السيسي"، وهذا لأنه أعطاني أحساس مشابهة لما كان يشعرني به عبد الناصر، فهو انسان يحب مصر من قلبه.

كما قدمت برنامج آخر بعنوان "مستقبلي" استضافت فيه أفضل وأهم الرموز في مختلف المجالات الطب، والموسيقى، والحقوق، وعدد كبير من المطربين والملحنين الكبار.

تحولت مجموعة من حواديتها إلى رسوم متحركة طلبت منها شركة قطاع خاص تحويل برنامج "غنوة وحدوتة" إلى برنامج تليفزيوني، وتركوا لها حرية الاختيار بين تحويلها إلى رسوم متحركة أو برنامج، فرفضت تماما، فلم ترغب باستغلال نجاحها في الاذاعي، فأخذوا مجموعة من الحواديت وحولوها إلى حلقات رسوم متحركة.

وعن رأيها في البرامج التي تقدم للأطفال الآن، قالت:" القطاع الخاص يقدم أي محتوى حتى إذا لم يكن مناسبا للأطفال، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة منزلية، لذلك يجب أن يهتم الآباء بالأطفال ولا يتركوهم يشاهدون التليفزيون بمفردهم".

كُرمت أبلة فضيلة، 28 مرة على مدار حياتها، وحصلت على لقب الأم المثالية

 وظلت تسجل حلقات برنامجها "غنوة وحدوتة" حتى الشهور الأولى من 2007، وفى نهاية 2014 سافرت لكندا للإقامة مع أبنتها الوحيدة ريم، و تعيش حاليًا مع أحفادها، وحصلت على الجنسية الكندية حتى تستطيع التواجد بشكل كامل مع ابنتها واحفادها دون مشاكل.

"وتوتة توتة فرغت الحدوتة.. حلوة ولا ملتوتة"