د.حماد عبدالله يكتب: استكمال رسالتي إلى وزير التربية والتعليم {3}!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله


هذا مقالى الثالث عن المدارس فى "مصر" زمان ، وأتحدث لكم اليوم عن أهمية المدرسة فى حياة المصريين كما كتبت أول أمس عن إستعداد الأسرة لموسم الدراسة، وكذلك التلاميذ فى المرحلة الإبتدائية والإعدادية ، فإن مرحلة الثانوية هى مرحلة إعداد الشباب للدخول فى مرحلة جديدة من الإعداد لإختيار الكلية المناسبة لميول كل طالب.
فكانت المدرسة الثانوية شيىء مبهر فى "مصر" ،و وهناك مدارس لها أسماء رائعة فى "التاريخ المصرى" الحديث حيث مدرسة "الإبراهيمية" (نسبة إلى إبراهيم باشا) "خديوى مصر" ومقرها فى "جاردن سيتى" وكانت أمل كل طلاب القاهرة أن يلحقوا بها حيث تجرى فيها الدراسة كما تحدثت لكم يوم الخميس الماضى (كما الكتاب) مدرسة لصنع "الرجال والأبطال والمشاهير" فى كل الأنشطة الحياتية وكانت هناك مدرسة (السعيدية) بالجيزة والمجاورة لجامعة القاهرة ، ونسبة إلى (سعيد باشا) خديوى مصر أيضاُ الأبن الثالث للوالى (محمد على) وهذه أيضاً أخذت من الصيت والسمعة على أنها هى المدرسة التى يبدأ منها التحرك بمظاهرات ضد الإحتلال أو ضد الملك أو ضد الأحزاب، ويتجهون منها لإخراج طلاب "مدرسة الحقوق العليا" ثم "المهندس خانة" وهى كليات جامعة القاهرة لكى يتجهوا إلى كوبرى (عباس) فى إتجاههم لوسط القاهرة حيث قام البوليس السياسى مرة بفتح الكوبرى أمام الطلبة وهوجموا من البوليس وسقط العشرات فى النيل ، وأصبح هذا اليوم مناسبة وطنية كان يحتفى به إسمه "يوم الطلبة" !!
وتعرضت بعض المسلسلات الوطنية فى الدراما المصرية لهذا الحدث مرات!!
وهناك أيضاً مدرسة (الخديوية) وأيضاً أنشئت فى عصر (محمد على) وأولاده وموقعها فى شارع الخليج المصري بجوار "مسجد السيدة زينب" وتقع المدرسة فى منطقة مجاورة للقاهرة القديمة (حيث أحياء المغربلين ، والدرب الأحمر ، والداودية ، وشارع المعز واليكنية ، وباب الخلق والغورية ) وكانت تعج هذه المنطقة (بالتكايا) جمع (تكية) أى قصور من الشجر المثمر والمياه السائلة (سبيل) وإستراحة لمن يرغب أن يئوى إليها وكتاب لتعليم القرأن ، وفى المساء يصبح المكان "ملتقى للمنشدين والذاكرين" لسيرة أولياء الله الصالحين وبجانب كل ذلك المكتبات التى تعج بالكتب القديمة ، والكراريس للتلاميذ وأيضاً (الحبر البودرة) لكى نُسَّيِلُه ونستخدمه فى الدواية للكتابة (بالريشة) وفى زمن متقدم لملأ (القلم الأبنوس) وهو القلم الحبر ، وكان من الملاحظ هذه الأيام إتساخ أصابع كثير من الطلبة باللون الأزرق ، والأسود من إستخدامهم للحبارة !!.
وأيضاً هذه "المدرسة الخديوية" كانت قلعة من قلاع "الوطنية المصرية" بطلابها يتوارثون عن بعض كل التراث الوطنى وحب الوطن والدفاع عن حقوقه أمام "محتل وملك وخونة وعملاء" .
وفى نفس المنطقة وفى "شارع خيرت" تقع مدرسة (السينية) الثانوية بنات ، تلك المدرسة التى بنيت أيضاً فى عصر (محمد على) وطرازها المعمارى الإسلامى وكلها مشربيات حيث أنها مدرسة بنات ومنها (خلعت البنت الخمار والنقاب والبيشة) من على وجهها وخرجت فى ثورة عام 1919 مع زملائها طلاب المدارس ولعل ثلاثية (بين القصرين ، وقصر الشوق ، والسكرية) للراحل العظيم (نجيب محفوظ) قد صورت لنا تلك الحركة الوطنية ومشاركة الطلاب فيها من تلك المدارس وكانت هناك فى (شبرا) مدرسة (التوفيقية) (نسبة إلى الخديوى توفيق باشا) أيضاً كانت تجمع شباب (شبرا وروض الفرج والسبتية وباب الحديد والفجالة والوايلى ) كانت قلعة فى شمال القاهرة تتحرك منها جحافل الشباب إما لتأدية مهرجان فنى ثقافى أو قيادة حركة معارضة للوضع السياسى السيىء فى البلاد! 
وكانت تلك الحركات الطلابية تضغط على النظام القائم ، مما يجعله يتقدم بإقالة الحكومة وإلغاء القوانين الضارة ، وإيقاف الإعتداء على الدستور الذى إعتدى عليه عشرات المرات منذ أن عرفت "مصر" الدستور عام 1923 أول دستور خرج فى "مصر"!!هكذا كانت مدرس مصر زمان ، الله يرحمه!!.