مقترح أثيوبي خطير.. القصة الكاملة لأزمة سد النهضة

تقارير وحوارات

سد النهضة
سد النهضة


توتر سياسي بين مصر وأثيوبيا، هذا هو العنوان المناسب لما يحدث بشأن سد النهضة، على مدار السنوات الماضية، منذ إعلان محمد أنور السادات، الرئيس الراحل، أزمة مد مياه النيل إلى سيناء عام 1979 لاستصلاح 35 ألف فدان، ما أثار غضب وثورة أثيوبيا، التى عارضت المشروع بشدة. 

فى عام 1980، قدمت أثيوبيا شكوى رسمية ضد مصر إلى منظمة الوحدة الأفريقية، وقام الرئيس الأثيوبى وقتها بالتهديد بتحويل مجرى النيل، إلا أنه لم ينجح. 

ومن ثم، بدأت المحاولات من الجانب الأثيوبي، لاستغلال نهر النيل، وظهرت الأطماع واضحة، فى الكثير من المواقف، ما أدي إلى التصعيد من جانب الحكومة المصرية، باعتبار المياه قضية أمن قومي.

من البداية للنهاية.. تفاصيل أزمة سد النهضة فى نقاط:- 

1– فى مايو 2010، قررت 6 من دول منابع النيل التوقيع على اتفاقية عنتيبى فى أوغندا، هى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندى، بينما رفضت كل من مصر والسودان والكونغو الديمقراطية الانضمام إليها، وفى مارس 2013، أعلنت دولة جنوب السودان أنها ستنضم إلى الاتفاقية.

2– أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوى حجر الأساس للسد وقد تم انشاء كسارة للصخور جنبا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع.

3– بدأت مصر طريق التفاوض بتشكيل لجنة ثلاثية دولية لتقييم الدراسات الإثيوبية للسد، وانتهت اللجنة بتقرير نهائى فى 31 مايو 2013، أى بعد نحو عامين من تاريخ الموافقة على تشكيلها، وأوصت فى تقريرها بإعادة واستكمال الدراسات الإنشائية، والهيدرولوجية، والبيئية، والاقتصادية، والاجتماعية.

4– أعمال اللجنة الثلاثية توقفت مرتين، الأولى بعد المؤتمر الذى عقده الرئيس المعزول محمد مرسى، ثم عادت، وتوقفت مرة أخرى فى 2014 بسبب الخلاف بين مصر واثيوبيا على فكرة وجود خبراء دوليين ضمن اللجنة المشرفة على الدراسات.

5– عقد محادثات بالخرطوم فى أغسطس 2014، وتوقيع بيان ختامى نص على تشكيل لجنة خبراء رباعية من الدول الثلاث، بجانب الاستعانة بشركة استشارية دولية لإجراء الدراستين الإضافيتين للسد. وأقر البيان اختيار خبراء دوليين لحسم أى خلاف قد يظهر إبان النتائج النهائية فى فترة أقصاها أسبوعان.

6– 23 مارس 2015 إعلان المبادئ بين رئيسى مصر والسودان، ورئيس وزراء إثيوبيا، وتضمن البيان عشرة مبادئ أساسية تحفظ فى مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة فى مبادئ القانون الدولى الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.

7– تشمل المبادئ العشرة فى إعلان 2015، مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادى، التعهد بعدم إحداث ضرر ذى شأن لأى دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون فى عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوى، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيرًا مبدأ الحل السلمى للنزاعات.

8– تضمن الاتفاق الثلاثى التزام الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى فى ضوء نتائج الدراسات، فضلًا عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون فى عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.

9– فى يونيو 2017، شارك الرئيس السيسى يشارك فى القمة الأفريقية، تحت شعار "المرونة دون التفريط فى الحقوق"، حيث أكد الرئيس أهمية أن يستمر التعاون المشترك بين دول الحوض فى المرحلة الحالية بحيث يؤدى إلى ترسيخ مناخ الثقة وتحقيق المصلحة المشتركة، مشيرًا إلى ضرورة العمل من أجل بلورة رؤية استراتيجية شاملة لتحقيق التعاون الأمثل بين دول الحوض فى المسائل المتعلقة بالمياه.

10– فى سبتمبر 2017 تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى كلمته أمام الأمم المتحدة، مساء الثلاثاء، عن قضية سد النهضة، حيث تحدث الرئيس الشيسى عن ضرورة الالتزام بالاتفاق الثلاثى بين مصر، وأثيوبيا، والسودان، قائلًا: "وفقًا لمبادئ القانون الدولى، والقواعد المستقرة لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة فى أحواض الأنهار العابرة للحدود فى مختلف أنحاء العالم، هذا الاتفاق يظل الإطار القانونى القادر على منطق التعاون والتشارك بين الدول الثلاث متى خلصت النوايا".

من جانبه، قال محمد السباعي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، إنه ليس متفائلًا بتحقيق أي اختراق أو تقدم في المفاوضات الجارية حول سد النهضة، وذلك بسبب استمرار التعنت الأثيوبي، والذي ظهر جليًا خلال الاجتماعات التي تعقد حاليا بين وزراء الموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا.

وأوضح المتحدث الرسمي في بيان صحفي، أنه في الوقت الذي أبدت فيه مصر المزيد من المرونة خلال المباحثات وقبلت بورقة توفيقية أعدتها جمهورية السودان الشقيق تصلح لأن تكون أساسًا للتفاوض بين الدول الثلاث، فإن إثيوبيا تقدمت، خلال الاجتماع الوزاري الذي عقد يوم الخميس 11 يونيو 2020، بمقترح مثير للقلق يتضمن رؤيتها لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة وذلك لكونه اقتراحا مخلا من الناحيتين الفنية والقانونية.

وأضاف المتحدث الرسمي أن هذا المقترح الأثيوبي، الذي رفضته كل من مصر والسودان، يؤكد مجددًا على أن أثيوبيا تفتقر للإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل حول سد النهضة ويكشف عن نيتها لإطلاق يدها في استغلال الموارد المائية العابرة للحدود دون أية ضوابط ودون الالتفات إلى حقوق ومصالح دول المصب التي تشاركها في هذه الموارد المائية الدولية.

وكشف المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري عن بعض أوجه العوار في هذا الطرح الأثيوبي الأخير، ومنها ما يلي:

أولًا: في الوقت الذي تسعى فيه مصر والسودان للتوصل لوثيقة قانونية ملزمة تنظم ملء وتشغيل سد النهضة وتحفظ حقوق الدول الثلاث، فإن أثيوبيا تأمل في أن يتم التوقيع على ورقة غير ملزمة تقوم بموجبها دولتي المصب بالتخلي عن حقوقهما المائية والاعتراف لأثيوبيا بحق غير مشروط في استخدام مياه النيل الأزرق بشكل أحادي وبملء وتشغيل سد النهضة وفق رؤيتها المنفردة.

ثانيا: إن الطرح الأثيوبي يهدف إلى إهدار كافة الاتفاقات والتفاهمات التي توصلت إليها الدول الثلاث خلال المفاوضات الممتدة لما يقرب من عقد كامل، بما في ذلك الاتفاقات التي خلصت إليها جولات المفاوضات التي أجريت مؤخرًا بمشاركة الولايات المتحدة والبنك الدولي.

ثالثًا: إن الورقة الأثيوبية لا تقدم أي ضمانات تؤمن دولتي المصب في فترات الجفاف والجفاف الممتد ولا توفر أي حماية لهما من الآثار والأضرار الجسيمة التي قد تترتب على ملء وتشغل سد النهضة.

رابعًا: تنص الورقة الأثيوبية على حق أثيوبيا المطلق في تغيير وتعديل قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي على ضوء معدلات توليد الكهرباء من السد ولتلبية احتياجاتها المائية، دون حتى الالتفات إلى مصالح دولتي المصب أو أخذها في الاعتبار.

واختتم المتحدث الرسمي تصريحاته بالإشارة إلى أن هذه الورقة الأثيوبية هي محاولة واضحة لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب، حيث أن الموقف الأثيوبي يتأسس على إرغام مصر والسودان إما على التوقيع على وثيقة تجعلهما أسرى لإرادة أثيوبيا، أو أن يقبلا بقيام أثيوبيا باتخاذ إجراءات أحادية كالبدء في ملء سد النهضة دون اتفاق مع دولتي المصب. وقال المتحدث الرسمي أن هذا الموقف الأثيوبي مؤسف وغير مقبول ولا يعكس روح التعاون وحسن الجوار التي يتعين أن تسود العلاقات بين الأشقاء الأفارقة وبين الدول التي تتشارك موارد مائية دولية.