ابتكار مبيد حيوى يقضي على الهالوك المدمر للفول بجامعة المنصورة

محافظات

ارشيفية
ارشيفية


ابتكر الدكتور ياسر محمد نور الدين شبانة رئيس قسم أمراض النبات في كلية الزراعة بجامعة المنصورة، وفريقه البحثي، أول مركب حيوي في العالم قادر على القضاء على آفة الهالوك المدمرة وهو نبات زهري طفيلي يتبع الفصيلة الجعفيلية أو الهالوكية لمحصول الفول البلدي بنسبة 100 بالمئة.

وقال الباحث، إن المركب الجديد يعمل بشكل حيوي داخل التربة حيث يتتبع بذور الهالوك، ويهاجمها حتى يقضي عليها تمامًا قبل أن تقترب من جذور الفول البلدي.

ومنذ سنوات كثيرة تجري العديد من دول العالم بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تجارب متنوعة لمكافحة الهالوك وتشمل ذلك طرائق للمكافحة الكيماوية والطبيعية وتطبيق الممارسات الزراعية السليمة غير أن أي من هذه التجارب لم تحقق السيطرة الكافية في حد ذاتها.

وباتت مصر في السنوات الأخيرة تستورد من 65- 70 بالمئة من احتياجاتها من الفول البلدي من الخارج بسبب تفشى الهالوك وهي الآفة الوحيدة المدمرة لمحصول الفول الذي يعد المكون الرئيسي للطعام الأكثر شعبية في مصر.

وقال شبانة إنه وفريقه البحثي توصلا إلى إنتاج مبيد حيوي محبب لمكافحة هالوك الفول لأول مرة في مصر والعالم.

وأوضح أن الفطر المستخدم في إنتاج المبيد الحيوي ثبت تخصصه على هالوك الفول فقط، مؤكدًا على أن المبيد لم يسبب أي إصابات للمحاصيل الأخرى وأنه لن يكون له أضرارًا على الحياة النباتية الموجودة والمعرضة له بالفعل في بيئتها الطبيعية. 

وأضاف أن هذا المبيد المحبب (أي على شكل حبيبات) يضاف عند الزراعة حيث يوضع في جورة زراعة الفول وأنه عندما يتعرض لماء الري فإن الفطر المطمور به ينشط ويهاجم بقوة بذور الهالوك في التربة ويتطفل عليها ويؤدى إلى تعفنها وتحللها ويتسبب في فشلها في الإنبات وحتى إذا هربت بعض بذور الهالوك من الإصابة في المراحل الأولى فإن الفطر سيستمر في مهاجمة الشماريخ الزهرية للهالوك ويسبب ذبولها وموتها قبل تكوينها للبذور وبهذا فإنه يؤدي إلى إنقاص تعداد بذور الهالوك في التربة والحد من مشكلة الهالوك عامًا بعد عام.

وأجرى شبانة أبحاثًا على هالوك عباد الشمس في جامعة هوهنهايم في مدينة شتوتغارت الألمانية في الفترة من العام 2000 إلى العام 2002 وكان لأبحاثه التي أجراها تطبيقات عامة في مكافحة الأعشاب الضارةِ الطُفيليةِ التي تسبب مشكلات وخسائر فادحة في المناطق الزراعية مثل جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وحتى في مناطق أوروبا الشرقية.

وقال أنه قام بتطوير خط إنتاج كامل بجامعة المنصورة لإنتاج مبيد حيوي محبب متخصص على هالوك الفول لإنتاج مستحضر المبيد الحيوي المحبب عالي الكفاءة من جراثيم سلالة فطرية شديدة التخصص على هالوك الفول باستخدام تقنية إنتاج الباستا (باستا لايك بروسيس) ولأنه لا توجد في الأسواق حتى الآن مبيدات حيوية لمكافحة الهالوك فإن هذا المبيد الحيوي يعد سبقًا وفكرًا مبتكرًا للتعامل مع هذه المشكلة الملحة والتي تسبب خسائر اقتصادية باهظة بتقديم تقنية رخيصة وآمنة لمكافحة حشيشة الهالوك.

وأكد على أن مصر أصبحت مؤخرًا في صدارة دول العالم في استيراد الفول البلدي وأن ذلك يرجع بصفة أساسية إلى انتشار حشيشة هالوك الفول بدرجة خطيرة في منطقة الدلتا وأراضي الاستصلاح الجديدة والتي تسبب فقدان في محصول الفول البلدي قد يصل إلى 100 بالمئة في ظروف الإصابة الشديدة وأنه على الرغم من اختبار عدد كبير من مبيدات الحشائش الكيميائية كوسائل لمكافحة الحشائش المتطفلة إلا أنها لم تعط نتائج فعالة في المقاومة علاوة على تكلفتها العالية وتأثيراتها السيئة على البيئة والإنسان ما يحد من استخدامها ومن ثم كان الاهتمام بإنتاج مبيد حيوي للقضاء على الهالوك. 

وقال أن هذا المبيد الحيوي المبتكر يمكن أن يفيد مزارعي الفول البلدي ليس في مصر فقط بل في البلدان الأخرى التي يمثل فيها هالوك الفول مشكلة، موضحًا أنه يمكن استخدام التقنية ذاتها في إنتاج مبيدات حيوية أخرى لمكافحة الحشائش الأرضية أو حتى المسببات المرضية للنبات المحمولة في التربة.

ويطمح شبانة إلى تسجيل المبيد الحيوي المبتكر وإنتاجه وتوزيعه في مصر والدول التي يمثل فيها هالوك الفول والبقوليات مشكلة كبرى، نظرًا لأن هذا المبيد الحيوي سوف يمكن المزارع من التغلب على مشكلة هالوك الفول التي هي السبب الرئيس في عزوف المزارعين عن زراعة الفول في مصر وأيضًا في بلاد أخرى كثيرة حول العالم وذلك؛ لأن بذور هالوك الفول تكمن بأعداد ضخمة فى التربة وتبقى حية لمدة تصل إلى 20 عامًا ولا تنبت إلا عند زراعة الفول (النبات العائل) لذلك فمن المتوقع أن يزيد الإقبال مرة أخرى على زراعة الفول البلدي لتعود مصر مرة أخرى للاكتفاء الذاتي من الفول البلدي ما سيدعم الاقتصاد الوطني للبلاد حيث سيوفر الكثير من العملة الصعبة التي تنفقها مصر في استيراد الفول حاليًا.

الجدر بالذكر أن الدكتور ياسر شبانة عمل على فطر فوموبسيس إس بي في مختبرِ الدكتور راغافان شاروداتان في جامعة فلوريدا الأمريكية أنتجت تسجيل اثنتان من براءات الاختراع في الولايات المتحدة والآن يعتبر هذا الفطرِ أساسًا لحل مشكلة حشيشة البالمر أمرنث المقاومة للمبيد الكيماوي الجليفوسات التي أصبحت مؤخرًا مشكلة جسيمة في حقول القطنِ في الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة الأمريكية نظرًا لفشل مقاومتها بالمبيدات الكيماوية. 

وكان لأبحاثه التي قام بها بجامعة بوردو في ولاية إنديانا الأمريكية دورًا رئيسًا في تطويرِ المبيد الحيوي الفطري ميكروسفايروبسيس أمارانثي لمقاومة الحشيشة الضارة ووترهيمب التي تشكل مشكلة خطيرة في النظم المحصولية للمنطقة الوسط غربية من الولايات المتحدة وأدت إلى ابتكار تقنية جديدة لإنتاج لقاح فطري أكثر فتكًا في مكافحة الحشيشة وأرخص في تكلفة الإنتاج والتي يمكن أن تكون مفيدة أيضًا في إنتاج فطريات مقاومة حيوية أخرى على المستوى التجاري وتمكن الباحث من تحسين ورفع كفاءة فطر المقاومة الحيوية في مكافحة الحشيشة المستهدفة وذلك بصياغته في مستحلب الزيت النباتي وكانت هذه النتائج إضافة بارزة ومنفعة عظيمة إلى البرنامج البحثي للدكتور المضيف بجامعة بوردو د ستيفين هاليت على حد قوله.

حصل على نتائج هامة حين كنت مديرًا لبرنامج المكافحة البيولوجية للحشائش بجامعة فلوريدا (2006-2009) كان لها مردودًا علميًا هائلًا حيث أدت إلى تطوير نظام مبتكر لتطبيق المبيد الحيوي لحشائش السعد الأصفر والأرجواني (من أسوأ الأعشاب الضارة التي تؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي في مصر والولايات المتحدة وأجزاء كثيرة أخرى من العالم) من خلال تنمية فطر المكافحة الحيوية على بقايا بعض النباتات التي استخدمت بعد تنمية الفطر عليها كغطاء (مالش) يفرد على مصاطب الطماطم لمنع نمو الحشائش وبخاصة حشائش السعد، كوسيلة مكافحة متكاملة حيث يعمل الملش العضوي (أورجانيك مالش) على حجب الضوء وكعائق ميكانيكي لنمو الحشائش وإذا نجحت الحشيشة في اختراقه فإنها تحتك بفطر المكافحة الحيوية (المحمول على الملش) الذى يصيبها ويفتك بها قبل أن يشتد نموها، وهى طريقة مبتكرة لم تطبق من قبل ولاقت استحسانا فريدا من قبل الشركات الأمريكية الصغيرة التي بدأت بالفعل في تطبيقها بالتعاونِ مع جامعة فلوريدا.