دكتور خالد صلاح يكتب: عام هجري جديد

ركن القراء

ارشيفية
ارشيفية


عام هجري جديد يحتفل المسلمون في هذه الأيام بذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة تحمل في طياتها تأريخ وتاريخ وحاضر.

التاريخ يتمثل في ذكرى تدوين التاريخ الهجري بهجرة الرسول الكريم.

وتاريخ لما حدث قبل وبعد الهجرة وما أشتمل عليه من دروس مُستفادة قبل وأثناء الهجرة.

إبتداء من أمر الله عزوجل للنبي بالهجرة من مكة إلى المدينة بعد إشتداد إيذاء قريش للمسلمين وتنفيذ الرسول الكريم الأمر محتسباً لوجه الله ومخالفة لنفسه التي كانت تهوى عدم ترك مكة وهي بلده ومولده وشبابه وتركها وهي أحب بلاد الله إلى قلبه.

ومروراً بحب وتضحية أبي بكر الصديق لدين الله وذهابه مع الرسول بالرغم من معرفته لمخاطر الرحلة ومطاردة قريش لهما, وترك وراءه ماله وأهله في سبيل الله.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وجدنا شجاعة غلام والمتمثل في نوم سيدنا علي بن أبي طالب مكان النبي صلى الله عليه وسلم, وقام بتوزيع الأمانات التي كانت أمانة عند الرسول على أصحابها الذين أخرجوه من مكة ويطاردونه لقتله.

ولم تخلو الهجرة النبوية من تضحية الفتاة المسلمة وتحملها للايذاء لحماية رسولها وأبيه, وأقصد بذلك ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق.

وبالتالي كانت الهجرة النبوية تاريخ نأخذ منه الدروس لمّا حدث فيه قبل وأثناء الهجرة.

والهجرة النبوية بالنسبة لنا حاضر نستضئ من مواقفه وأحداثه دروس لنا في حياتنا الآن, ونكتفي ببعض منها والمتمثلة في الأمانة في المعاملات الحياتية بيننا.

وصفة الأمانة لا تقتصر على رد الودائع التي لدينا لأصحابها وإنما الأمانة تتضمن الأمانة في القول والعمل.

الأمانة في الكلمة التي ننطقها ونتناقلها وأن نتحرى الصدق في نقلها أي كانت مقروءة أو مسموعة وخاصة في الميديا بأنواعها سواء كانت لنا او علينا وأن نتصدى لحرب الإشاعات التي تريد أن تنال من وطننا وتهدف إلى نشر الفوضى والبلبلة بين الناس وخاصة العامة منهم والذين لايتوفر لديهم التحقق من صحة الأخبار.

والأمانة أيضاً يجب أن نتحلى بها في أعمالنا وما يوكل إلينا من مهام ومسؤليات وواجبات سواء كانت بدون أجر مثل واجباتنا الاجتماعية من الآباء للابناء ومن الابناء للآباء ومن جميع أفراد الأسرة تجاه بعضهم البعض.

والواجبات التي بأجر وهي الوظائف التي نقوم بها في جميع قطاعات الدولة سواء كان موظفاً أو معلماً أو مهندساً أو طبيباً أو كافة وظائف الدولة, فيجب أن يقوم كلاً بواجبه نحو دينه ووطنه بكل معايير الأمانة الوطيفية والأمانة العامة.

والأمانة أيضاً يجب أن تكون متوفرة لدى جميع الأفراد بمختلف مهنهم وخاصة الذين يكونون مجال لتعامل جميع الناس.

إبتداء ببعض باعة الخضروات الذين إما يغشون في المكيال والميزان أو في جودة السلعة فيضعون الجيد مع الردئ وكأنك تقف أمام مهرج في سيرك فيصرف انتباهك عن ماجئت إليه.

ومروراً ببعض باعة الفاكهة الذين تذهب إليهم فتجد بعضهم يرفعون حاجباً وينزلون حاجباً وكأنك عدوهم وممنوع عليك الاقتراب من لمس الفاكهة وكأنك مصدر لفسادها بلمسك إياها, أو كأنك تتسول منه وليس تشتريها باغلى الأثمان متحملاً نفقة  زراعتها وحاملها وجشع وفتونة بائعها إليك.

وإنتهاء ببعض بائعي اللحمة الذي إما يغشك في كيل وميزان أو في نوع اللحمة تقف أمامه وتتحسس أجزاء الجسم وكأنك تقف أمام ساحر.
ولسنا ندري نذهب لمن أو نبتاع مِن مَنْ؟

وأصبح من أكبر المشكلات التي تواجهنا كيف ومتى نأكل نوع جيد من اللحوم أو الدجاج يكون صحيح الميزان والجودة.

ونختم ذهابنا للسوق بالخبز الذي نقف أمام البعض منهم ومن يقف على ترتيب الخبز فنجده يقوم بكشف هيئة للخبز فيقسمه للجيد وغير........ فيعطي من يعرفه الجيد ومن لا يعرفه غير.

وليس هذا مقصور في هؤلاء من ذكرناهم فقط وإنما شاملاً لمعظم من نتعامل معهم في حياتنا اليومية, ووصل الأمر أننا من الضرورات أن نكون ذو معرفة سابقة لهؤلاء أو نعرف أحد يعرفهم!

فالأمر ليس منوط بنا أو بهم، إنما الأمر منوط بضرورة توفر ووجود المراقبة التي يجب أن تفعل بشكل مؤثر وفعّال على منتجات هؤلاء وضمائرهم.

فربما يكون منهم جاهل يجب إعلامه.

أو منهم جشع يجب ردعه.

نحن جميعاَ أشتقنا إلى:

            عام هجري يحمل ذكرى طيبة وأمل وسعادة في عام هجري جديد