حكاية أغنية.. "لا تكذبي" الحقائق والأكاذيب في واقعة كامل الشناوي ونجاة.. وكانت الأعلى تكلفة إنتاجية في عصرها

الفجر الفني

بوابة الفجر



حكاية أغنية اليوم عن واحدة من أجمل أغنيات المطربة الكبيرة نجاة، وهي "لا تكذبي" التي حققت نجاحًا كبيرًا.

بدأت الحكاية في زيارة الشاعر الكبير كامل الشناوي، لمنزل المطربة الكبيرة نجاة، قد كان ضيفا دائمًا عليها ويزورها كثيرًا، وكانت خادمتها تعرفه جيدًا ففتحت له وسمحت له بالدخول عندما صعد إليها فجأة بدون موعد سابق، فوجدها في مشهد عاطفي مع المخرج عز الدين ذو الفقار، وكان جارها ويسكن معها فى نفس العمارة.

ولم يدرك من صدمته أن عز الدين مخرج فيلمها الجديد "الشموع السوداء" يدربها على مشهد تمثيلي، فظنه حقيقة.

تنوعت الآراء واختلفت والجدل احتدم، ويمكنك أن تحصى ستة أسماء على الأقل، كل فريق يؤكد أنه هو من يوسف إدريس ليوسف السباعى ومن محمود درويش إلى إسماعيل الحبروك ومن نزار قبانى لشقيقه صباح، ولكن الحقيقة بأنه المخرج عز الدين ذو الفقار.

كان حب أفلاطوني، كانت هي ملهمته، ولم تتعد العلاقة أكثر من ذلك بين كامل الشناوي، ونجاة.

وصف الكاتب الكبير مصطفى أمين، مشاعر صديقه كامل الشناوي، أثناء كتابة هذه القصيدة قائلًا:"كتب قصيدة "لا تكذبي" في غرفة مكتبي بشقتي في الزمالك..وهي قصيدة ليس فيها مبالغه أو خيال..وكان كامل ينظمها وهو يبكي..كانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها..وكان يتأوه كرجل ينزف منه الروم العزيز وهو ينظم..وبعد أن انتهى من نظمها قال: إنه يريد أن يقرأ القصيدة على المطربة بالتليفون".

كامل بالفعل اتصل بالمطربة التي عشقها، ووصف مصطفى هذه المكالمة قائلًا: "بدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت..تتخلله الزفرات والعبرات والتنهدات والآهات..مما كان يقطع القلوب..وكانت المطربة صامته لا تقول شيئًا، ولا تعلق..ولا تقاطع..ولا تعترض.. وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت المطربة: كويسه قوى..تنفع أغنيه..لازم أغنيها".

القصيدة الشهيرة "لا تكذبي" التي غناها كلًا من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، ونجحت نجاحًا كبيرًا بصوت نجاة الصغيرة، كتبها الشاعر الراحل من واقع قصة حبه، وكان يحدث فيها حبيبته.

لحن الأغنية موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وربما كان أسعد الجميع بالأغنية هو عزالدين ذوالفقار، نفسه المتهم الأول، فقد وجد أنها إضافة مهمة للأحداث في فيلم "الشموع السوداء"، الذي عرض عام 1962، وقامت نجاة ببطولته مع صالح سليم، ومنح الأغنية 10 دقائق من عمر الفيلم محتفظًا بالمقدمة الموسيقية الطويلة وبالتوزيع المبهر الذي قام به علي إسماعيل للحن.

أغنية "لا تكذبي" هي الأعلى تكلفة إنتاجية في عصرها، فقد تراوحت تكلفتها بين خمسة وسبعة آلاف جنيه، كتبها الشاعر كامل الشناوي ضمن ديوان كامل له، ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب.

استمرت بروفات أغاني الفيلم شهرين كاملين فهي من القصائد الصعبة عكف عبد الوهاب على تلحينها تحت مسمى السهل الممتنع في الغناء التمثيلى.

تم تسجيل الأغنية في إستوديو مصر واستمر التسجيل عشر ساعات متواصلة تحت قيادة المخرج الذي أصدر أوامره بعدم دخول أي شخص إلى الإستوديو وتم إعادة تسجيلها 28 مرة بسبب دقة ووسوسة عبد الوهاب.
وبسبب المجهود الذي بذلته الفرقة الموسيقية.

قرر المخرج عز الدين ذو الفقار صرف علاوة ثلاثة أضعاف أجرهم المتفق عليه تقديرًا لمجهودهم الزائد إلا أن المنتج اعترض لكن أصر ذو الفقار وانتصر.

غناها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، في حفل عام في نفس الأسبوع الذي غنتها فيه نجاة بفيلم "الشموع السوداء" وغضبت منه نجاة كثيرًا واعتبرته تعديًا على حقوقها وتصرفا لا يليق، وقد قام علي إسماعيل بنفسه بقيادة الاوركسترا في حفلة عبدالحليم، والمدهش أن الموسيقار محمد عبد الوهاب، سجلها هو الآخر بصوته وطرحها في اسطوانة.

وقصة غناء عبدالوهاب للاغنية يعود إلى ان إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية -والتي شاع تسميتها الآن بالـ بي بي سي عربي - استضافت عبدالوهاب والشناوي، وأدار الحوار أحد مذيعيها الكبار، وفي اللقاء طلب من عبدالوهاب ان يغنيها فغناها كاملة بالعود مع مقدمة موسيقية تختلف عن تلك التي غناها فيما بعد في الأسطوانة.

وقد اعتادت إذاعة لندن إذاعة ذلك التسجيل في برنامجها المعروف بـ "من لندن فقط" وكان يتخلل الأغنية كلمات الإعجاب من الحضور في الاستديو، ومنهم كامل الشناوي، بعد ذلك.

وبعد ان رأى عبدالوهاب إعجاب مستمعي الاذاعة بذلك التسجيل قام بغنائها بالعود مرة أخرى في مصر، وأصدرها في أسطوانة من انتاج شركة "صوت الفن".