ضربة حسمت حرب أكتوبر.. كيف نجح "نسور الجو" في دك حصون العدو الإسرائيلي؟

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


نسور الجو.. هكذا تلقب القوات الجوية المصرية، التى ضربت أروع الأمثلة فى البطولة والإقدام، أثناء مشاركتها فى حرب السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، والتى ألحق خلالها الجيش المصرى، هزيمة مرة، بعدوه الإسرائيلى، فاستطاع أبطاله محو عار هزيمة 1967، واستردوا أرض مصر المغتصبة، التى وقعت فى قبضة الاحتلال الإسرائيلى المتغطرس، الذى كان يرى أن الحرب قد انتهت فى 1967، وأن مصر باتت جثة هامدة.

القوات الجوية

والقوات الجوية هى فرع الطيران العسكرى فى القوات المسلحة المصرية، وشعارها: "إلى العلا.. فى سبيل المجد".

وقد ساهمت القوات الجوية المصرية منذ إنشائها فى العديد من المعارك والنزاعات، التى دارت أحداثها فى منطقة الشرق الأوسط، فى إطار الصراع العربى الإسرائيلى.

تم إنشاء القوات الجوية، بناء على طلب قدمه البرلمان المصرى إلى الحكومة، فى عام 1928، إذ إنها كانت جزءا من الجيش المصرى، لكن أصبحت فرعا مستقلا بقرار ملكى.

ومنذ نشأتها، شاركت القوات الجوية حروب ونزاعات المنطقة، مثل: حرب سنة 1948، وحرب اليمن، وحرب سنة 1967، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر سنة 1973.

وتمتلك القوات الجوية المصرية الآن عددا كبيرا من الطائرات، ما بين مقاتلات وقاذفات ومروحيات، وهو ما جعلها الأكبر حجما فى قارة إفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط، كما أنها تتمتع بقدرات قتالية عالية تجعلها الأقوى فى القارة السمراء.

وللقوات الجوية الكثير من القواعد الجوية الرئيسية، بالإضافة إلى قواعد الاحتياط والخدمة المنتشرة فى أرجاء مصر.

دور القوات الجوية فى حرب أكتوبر

تجلى دور القوات الجوية العظيم فى حرب اكتوبر، التى انتهت بتحقيق انتصار أسطورى على العدو الإسرائيلى، سطره التاريخ بأحرف من نور، كان وما زال وسيبقى على الدوام، شاهدا على شرف العسكرية المصرية، وشجاعة خير أجناد الأرض.

فبعد هيمة يونيو 1967، كان العدو الإسرائيلى يقوم على تطوير قواته الجوية، بينما كانت مصر تعيد بناء قواتها، بعدما تكبدته من خسائر جمة، فى تلك الحرب.

وكانت الضربة الجوية، لازمة من أجل تأمين قوات الجيش أثناء عبور القناة، كما كانت تهدف لإحراز السيطرة الجوية المحلية فوق مسرح عمليات القوات المصرية، إذ إنه فى افتتاحية أى عمل عسكرى رئيسى، يحتاج لعمل جوى رئيسى لافتتاح الحرب، وتمكين القوات كافة من تنفيذ مهامها القتالية.

وبالفعل، عندما حانت ساعة الصفر، قامت الحرب المشتركة، التى اشتركت فيها كل الأسلحة المصرية، من قوات برية وبحرية وجوية ودافع جوى، بتنسيق كامل متكامل، وبخطة محكمة، كل فى توقيته، فبدأ الطيران فى تمام الساعة 2 فى ضرب 56 هدفا فى عمق سيناء، وشارك فى الضربة 220 طائرة مصرية، حققت أهدافها بضرب مطارات واحتياطات العدو، وعادت بخسائر بسيطة جدا تقدر بـ2.5%، وبعد انتهاء الطيران من مهمته فى 53 دقيقة، بدأ 1500 مدفع، فى عمل تمهيد نيرانى متتالٍ على خط بارليف، ثم حملت قوات المشاة 750 قارب مطاطى ونزلت إلى قناة السويس، قبل أن تفرغ المدفعية من ضرباتها، وقبل ذلك بيوم استطاعت أفراد من قوات الصاعقة عبور قناة السويس سباحة، والوصول إلى مخازن النابالم وتعطيلها.

وظهرت براعة القوات الجوية المصرية، وطياريها، فى الحرب، حين نفذت هجوما كاسحا ضد العدو فى سيناء، حتى إن اللواء طيار محمد حسنى مبارك، قائد القوات الجوية آنذاك، استخدم الطائرات التى يتم التدريب عليها فى مدرسة الطيران بالكلية الجوية، بعدما تم تجهيزها للقتال، وفى المجمل، تمكنت القوات الجوية من توجيه ضربتها التى هاجمت تحصينات القوات الإسرائيلية بطول قناة السويس، وفى عمق شبه جزيرة سيناء، فأربكت صفوف العدو، ومهدت الطريق أمام بقية القوات المصرية لشن هجومها، واسترداد الأرض المحتلة.

وعن الضربة التى قادتها القوات الجوية المصرية فى حرب أكتوبر، تحدث الفريق طيار محمد حسنى مبارك، قائد القوات الجوية، حين قال: "وضعنا خطة العمليات التى اشتركت فيها القوات الجوية، وكان من ضمن أهدافنا إثبات أن إسرائيل رغم أن لها ذراعا طويلة، يمكننا قطع هذه الذراع الطويلة، وكانت خطة القوات الجوية ضمن خطة القوات المسلحة".

وأضاف مبارك: "بدأنا الحرب بالضربة الجوية المركزة، التى كان لها اثر كبير فى العملية، وقد بدأت فى يوم السادس من اكتوبر، حين عبرت أكثر من 220 طيارة قناة السويس، فى تمام الساعة 2 بعد الظهر، فهاجمت جميع وسائل الدفاع الجوى، وهاجمت مطارات العدو الموجودة فى سيناء، كما هاجمت مراكز القيادة فى سيناء، فدمرت 95% من الأهداف التى كانت مكلفة بها، وحصل ارتباك فى القيادة الإسرائيلية، فصواريخهم المنتسرة على طول القناة تعطلت ودمرت، وشلت فاعليتها، كما شلت مراكز القيادة وانقطعت الاتصالات، وبذلك بدأت القوات المصرية العبور بكفاءة ونجاح واستمر اقتحام القناة، حتى وصلت القوات المصرية إلى شرق القناة".

ولعل براعة القوات الجوية، كانت سببا فى ثناء الرئيس محمد أنور السادات عليها، حين قال عنها بعد الحرب: "قواتنا الجوية من الضربة الأولى أفقدت إسرائيل توازنها، واصبحت حربنا تسمى حرب الـ6 ساعات، ولا بد ان نعترف بالجدارة والأداء الذى قامت به قواتنا الجوية فى الضربة الأولى، ومهدت لكل هذا الانتصار الرائع".