عبدالحفيظ سعد يكتب: كيف يستغل أردوغان قضايا المسلمين فى حربه مع فرنسا؟

مقالات الرأي



تحركات أنقرة ضد باريس ليس دفاعا عن الرسول بل لتصفيه حسابات سياسية

انتفض المسلمون شرقا وغربا على إعادة فرنسا نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام ، خاصة بعد كلمات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بالدفاع عن نشر الرسومات المسيئة، أثناء حفل تأبين المدرس الذى قتل على يد مسلم متطرف بعد إعادة عرض الرسومات المسيئة للرسوم على تلاميذه.

انتفض المسلمون شرقا وغربا على إعادة فرنسا نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام ، خاصة بعد كلمات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بالدفاع عن نشر الرسومات المسيئة، أثناء حفل تأبين المدرس الذى قتل على يد مسلم متطرف بعد إعادة عرض الرسومات المسيئة للرسوم على تلاميذه.

وخرجت أصوات المسلمين، تدافع عن نبى الرحمة، لما له فى قلوبهم من محبة وتقديس، وتحرك الأزهر للرد على هذه الإساءة ومحاولة استغلال الإساءة للرسول فى حروب التطرف ومحاولة استغلالها فى تصفية الحسابات، وتحركت أيضا هيئة كبار العلماء فى السعودية. وصدرت الإدانات من حكومات ورؤساء الدولة العربية والإسلامية باعتبار أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رمز للإسلام والمسلمين، والتهجم عليه قضية لا تخضع لما تدعيه فرنسا يندرج تحت حرية الرأى والتعبير، وهو أمر لا يتفق عليه المسلمون فقط بل المسيحيون أيضا، والذين عبروا عن رفضهم لأى إساءة للرسول الكريم.

لكن وسط ذلك فى معركة محاولة إعادة المفاهيم لفرنسا، المسيحيون لابد أن نفرق بين محاربة التطرف والإرهاب، ومحاربة الإسلام والصدام مع المسلمين بالمساس بشخص نبيهم، خرجت تركيا فى محاولة استغلال التصرفات الفرنسية الأخيرة فى محاولة تصفية حسابات سياسية واقتصادية مع فرنسا، وذلك باستغلال تلك القضية.

ووجدنا أن الرئيس التركى رجب أردوغان، ظهر بتصريح يهاجم فيها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ويتهمه بأنه «مختل عقليا»، فى محاولة منه فى الظهور أنه يدافع عن الرسول والإسلام، وبهدف الحصول على «التريند»، كما هو معتاد هذه الأيام وصناعة « الشو» التى يدمنها أردوغان.

لكن الرئيس التركى لم يكن فقط، يسعى للظهور دفاعًا عن الإسلام، بل إن هدفه هو محاولة تصفية الحسابات مع فرنسا، والتى تصد أطماعه ومحاولات توسعاته، سواء فى شمال سوريا، خاصة فى ظل موقف فرنسا الرافض لتقسيم سوريا ووجود قوات تركية محتلة لشمال سوريا، وكذلك موقف فرنسا الرافض لوجود قوات أجنبية تركية فى ليبيا، مما يساهم فى استمرار القتال، وأيضا رفض فرنسا لأطماع تركية فى غاز المتوسط، ووصولا للصراع الحالى بين أرمينيا وأذربيجان.

فى تلك القضايا تصطدم توجهات تركيا بتحركات فرنسا، وهو السبب الحقيقى لتصعيد تركيا تجاه فرنسا، وليس الدفاع عن الإسلام، كما تدعى أنقرة ورئيسها أردوغان، خاصة أن الدفاع عن الإسلام ورسوله، ليس بالكلام فقط، أو وصف ماكرون بأنه «مختل عقيا»، بل الدفاع عن الإسلام يبدأ من تبديد المغالطات والأكاذيب عن الإسلام بأنه دين تطرف وأن رسالة نبيه ما هى إلا رحمة للعالمين، وكان رسوله لا يرد على التطاول ضده، إلا بالحسنى، وليس بالعنف، هكذا كانت رسالته التى أحبها الناس وسار وراءها الملايين.

لكن تركيا ورئيسها الأردوغانى، أخذت قضية الدفاع عن الرسول فى مسار آخر، محاولا استغلال الدين كما تعلم ورضع من مدرسة الإخوان، بأن الدين ما هو إلا مطيه لتحقيق أهداف السياسة، ونجده استخدم نفس اللعبة عند دفاعه عن المسلمين الأيجور والذين يتعرضون للاضطهاد فى الصين، ولكن عندما حقق مصالحه مع الصين، لم يعد يتكلم عن قضيتهم وتوقف إعلامه عن الحديث عن اضطهاد المسلمين.

فإذا كان حقيقيا أن أردوغان وتركيا تدافع عن المسلمين، لماذا كان أحد الأسباب التى تم تدمير سوريا، وتشتت المسلمين بسبب تدعيمهم للحرب والميلشيات هناك لماذا لا تريد أن توقف صوت المدافع؟.، لماذا لا توقف القتل فى الأكراد، وهم مسلمون أيضا؟

ما هو موقف تركيا من الحرب فى ليبيا، وهى تغذى الميلشيات المتطرفة حتى تضمن لنفسها قدما فى ليبيا وتستغل خيرات شعبها المسلمين.

فهل يرضى نبى الرحمة عما تفعله تركيا، وأن تتحول لأداة لزيادة أزمات المسلمين، وتدفع ببرود الحرب ليقتل شبابهم ويرمل نساءهم وييتم أطفالهم.

ما تقوم به تركيا ومحاولة استباحة خيرات بلاد المسلمين وتحول أرضهم لساحة لمعركها، دفعت المسلمين وخاصة فى البلاد العربية للاستجابة لدعوة لمقاطعة بضائع تركيا وهو ما يؤثر على اقتصاد تركيا المنهك نتيجة شطحات وتطلعات رئيسة، والتى أدت لتراكم الديون عليها وانهيار سعر عملتها للنصف خلال أشهر قليلة.

فنجد بدلا من أن توقف تركيا تحركاتها وأطماعها فى العرب المسلمين، حتى لا تؤثر مقاطعة بضائعها على اقتصاد، وجدت ضالتها فى الكلام الأرعن من ماكرون، وحاولت أن تستغل الأزمة لتصفية الحسابات واستغلال الدين، ودعت لمقاطعة منتجات فرنسا، حتى تلفت الانتباه عن دعوات المقاطعة الشعبية لها، ومحاولة تحويلها لفرنسا.

ومن هنا لم يكن التصعيد التركى تجاه ماكرون، سوى «فخ» يتم فيه استغلال الدفاع عن الإسلام، لتحقيق مصالحه وتصفية حسابات، ومحاولة صناعة الوهم بأنه المدافع عن المسلمين، والذين تشوهت صورتهم نتيجة الصورة التى يدعمه أردوغان، والظهور بشكل المتطرف، وهو أهم ما يريده الذين يكرهون هذا الدين، ليطمسوا به صورته المتسامحة.