د. نصار عبدالله يكتب: كورونا ومعرض الكتاب

مقالات الرأي




أخيرا حدث مالم يكن من حدوثه بد، وتقرر تأجيل معرض الكتاب الذى كان ينتظره ملايين القراء (وكاتب هذه السطور واحد من بينهم)، كانوا جميعا ينتظرونه فى شوق شديد، لكن الرياح تأتى أحيانا بما لا تشتهيه السفن، وقد جاءت فى هذا العام بما لا تشتهيه سفينة الثقافة بوجه خاص، حيث جاءت محملة بفيروسات كوفيد 19 فتقرر تأجيل المعرض من يناير إلى يونيو!!.. هذه هى المرة الثانية التى لا ينعقد فيها المعرض فى موعده التقليدى: نهاية شهر يناير من كل عام حيث يتزامن مع موعد عطلة المدارس والجامعات فى منتصف العام فتتاح بذلك الفرصة لأكبر عدد ممكن من الطلاب والباحثين لحضوره وحضور فعالياته الثقافية التى أصبحت جزءًا لا يتجزأ منه جنبا إلى جنب مع فعاليته الأساس وهى عرض الكتب وبيعها، أما المرة الأخرى فقد كانت فى عام 2011، حيث سافرت يومها كعادتى فى كل عام من مقر إقامتى فى سوهاج إلى مسكنى القديم فى القاهرة لكى أشارك فى فعاليات المعرض من ناحية ولكى أقتنى الخزين السنوى من الكتب الذى أشتريه من المعرض فى كل عام من ناحية أخرى، لكن ثورة يناير فاجأتنا جميعا قبيل افتتاح المعرض بيوم واحد، ومن ثم فقد تأجل الافتتاح إلى أجل غير معلوم!! وبدلا من أن أشارك فى فعاليات المعرض شاركت فى فعاليات الثورة!! التى كان مركزها الأساس ميدان التحرير وهو شديد القرب من مسكنى فى القاهرة، إذ لا يستغرق الوصول إليه سوى خمس أو عشر دقائق سيرا على الأقدام !.. فى ذلك العام عدت بسيارتى خالى الوفاض بدون كتب إلى سوهاج، لكننى حمدت الله كثيرا أنى تمكنت من العودة بسلام، فقد شهدت مصر أثناء الثورة واقعة ما تزال أسرارها الخفية مجهولة إلى الآن ألا وهى اقتحام السجون وإطلاق سراح عتاة المجرمين الذين راحوا يعيثون فى البلاد فسادا ويقطعون الطرق على المسافرين ويجردونهم من كل مامعهم بما ذلك ثيابهم إذا كانت فاخرة (من هذه الناحية لم يكن ينتابنى قلقًا على الإطلاق لأن ثيابى والحمد لله ليست كذلك!) لاحظ أن ما حدث فى عام 2011 من اقتحام للسجون وإطلاق لسراح المجرمين، يشبه فى بعض جوانبه ما حدث أثناء العدوان الثلاثى على مصر حين قام الطيران الإنجليزى والفرنسى بنفس المهمة التى قام بها المقتحمون عام 2011 حيث تمكن الطيران المعادى من تدمير أسوار وأبواب الليمانات وبوجه خاص ليمان طره مخليا سبيل الفرار أمام عتاة المجرمين! نعود الآن إلى الموعد الجديد الذى تحدد هذا العام لانعقاد معرض الكتاب وهو 30 يونيو 2021 أى بترحيل موعده خمسة أشهر كاملة عن الموعد المعتاد، نعود لنتساءل هل هذا الموعد كاف تماما لانحسار كوفيد 19، وخروج العالم من هذه الجائحة التى نزلت عليه فجأة وزلزلت أركانه؟؟ والجواب هو إن الأمل الآن قد أصبح معقودا على مدى فعالية اللقاحات التى تم إنتاجها بالفعل وفى مقدمتها اللقاح الذى أنتجته شركة فايزر واللقاح الذى أنتجته شركة مودرنا فضلا عن اللقاح الذى توصلت إليه جامعة أكسفورد، وطبقا للتصريح الذى أدلى به وزير الصحة المصرى فإن مصر قد قامت فعلا بحجز حصتها من تلك اللقاحات بواقع 20% من عدد السكان أى أنها قامت بحجز حصة تكفى لعشرين مليون مصرى كدفعة أولى على أن تقوم بوضع معايير للأولويات التى سوف يتم بناء عليها إعطاء اللقاح، وفى مقدمة الذين سيحصلون على اللقاح بطبيعة الحال سائر العاملين فى المجال الطبى من أطباء وممرضين وفنيين للتحاليل وموظفين وعمال فى المستشفيات، غير أنى أود فى هذا الخصوص أن أقترح على كل من وزير الصحة ووزيرة الثقافة أن ينسقا بينهما لوضع بروتوكول يتم بمقتضاه إعطاء أولوية خاصة للراغبين فى حضور معرض القاهرة الدولى للكتاب قبل شهر على الأقل من موعد افتتاحه حيث إن اللقاح كما هو معروف يعطى على جرعتين يفصل بينهما شهر كامل، كما يمكن من الناحية العملية طبع تذاكر معينة تشمل فى آن واحد ثمن اللقاح وسعر الدخول إلى المعرض ولا يحصل عليها إلا من قام بأخذ الجرعتين فعلا، وبهذه الطريقة نضمن أن يكون دخول المعرض آمنا لجميع الزوار بنفس نسبة فعالية اللقاح وهى 95%.