عبد الحفيظ سعد يكتب: عقب القبض على صفوان ثابت والسويركى هل تتكشف شبكة أموال التنظيم الإرهابى؟

مقالات الرأي




اعترافات محمود عزت تفضح الأموال السرية «العميقة» لتنظيم الإخوان 

إمبراطورية بيزنس التنظيم السرية تعتمد على ضخ أموال فى رجال أعمال ليسوا أعضاء فى التنظيم

أموال التنظيم الخفية تتجاوز 25 مليار دولار فى استثمارات سرية حول العالم

على عكس ما نتصور، أن تنظيم الإخوان الإرهابى، مجرد تنظيم عقائدى سياسى فقط، بل فى الحقيقة اقترن العمل التنظيمى للإخوان بالتحركات المالية والاستثمارات الضخمة لعمل تلك الجماعة المترامية الأطراف، فيما يزيد على 72 دولة. لذا يعد الجانب المالى من أكثر الأمور أهمية فى الكشف عن السر وراء استمرار التنظيم فى تحركات رغم الضربات القوية التى وجهت له، خاصة بعد ثورة 30 يونيو فى مصر، وانحسار تمدد التنظيم فى بلاد المشرق العربى، فى تونس وكذلك ليبيا.. وانتباه الكثير من الدول العربية وخاصة الخليجية والإسلامية بل والغريبة لخطورة التنظيم.

ونجد أن الأموال أو استثمارات التنظيم سواء المملوكة له أو لقيادات التنظيم وأفراده، لعبت جزءا مهمًا فى بقاء التنظيم والحفاظ على تحركاته وخطورته، بل كانت فى السابق الطريقة لصعود التنظيم، وربما يفسر ذلك استمرار القبض على رجال أعمال غير محسوبين ظاهريا للانتماء للتنظيم، مثل صفوان ثابت صاحب شركة جهينة، وسيد السويركى صاحب محلات التوحيد والنور، وتسريب أن الاتهامات الموجهة لهما تتعلق بوجود أنشطة تتعلق بتمويل أنشطة الجماعة الإرهابية.

1- لغز السويركى وثابت

وجاءت عملية القبض على رجلى الأعمال المشهورين، عقب الإمساك برجل التنظيم القوى محمود عزت، والذى ظل لعدة عقود منذ الثمانينيات من القرن الماضى، أحد أبرز المتحكمين فى مقاليد الأمور داخل التنظيم، ولذلك اعتبر أن القبض على عزت فى أغسطس الماضى ضربة موجعة للتنظيم، لأنه ربما سيقود أجهزة الأمن للكشف عن مزيد من الأسرار الخاصة بالتنظيم، سواء فى تحركات وكذلك الأمور المرتبطة بأموال وتمويل الجماعة، بعد القبض عليهم أو هروب غالبية قادتها البارزين، والكشف كيف يدير التنظيم تحركاته المالية خلال الفترة الماضية، أو بمعنى أدق يمكن أن تقود الأسرار التى يحملها «عزت» فى جعبته، وخاصة تلك الأسرار التى تكشف عن شبكة الأموال العميقة للتنظيم، والتى تعد من الأسرار، لأنها تتعلق بأعمال كانت تدار عبر رجال أعمال غير معروف عنهم بانتماءاتهم التنظيمية، وظلوا بعيدين عن أنشطة التنظيم حتى بعد وصول الإخوان للحكم عقب ثورة 25 يناير.

ونجد هنا أن صفوان ثابت صاحب شركة «جهينة» رغم علاقته بالإخوان عبر عائلة «الهضيبى» فهو جده حسن لأمه حسن الهضيب المرشد الثانى للجماعة، وخاله مأمون الهضيبى المرشد الخامس للتنظيم. لكن نجد أن صفوان ثابت، والذى امتلك أكبر شركات الألبان فى الشرق الأوسط، حرص لسنوات طويلة، الابتعاد بشكل ظاهرى عن الإخوان بل كان طوال فترة حكم مبارك من رجال الأعمال المقربين من الحزب الوطنى الحاكم وقتها، وكان معروفًا عنه أنشطته فى النادى الأهلى، وتغلله فى الأوساط العامة باعتباره شخصية ليبيرالية، وذلك للحفاظ على استثماراته، ومحاولة نفى أى صلة بالإخوان، خاصة علاقته العائلية بالتنظيم .

وبالنسبة لسيد السويركى، والذى يعد مصدر أمواله لغزا كبيرًا، منذ صعوده فى الثمانينيات وتوسعه عبر سلسلة محلات التوحيد والنور، رغم أنه كان مجرد «تاجر شنطة» فى مدينة السويس، لكنه تحول لصاحب أكبر سلسلة محلات تجارية فى مصر خلال سنوات عديدة، والذى بدأ ظهوره مع نهاية ظاهرة، توظيف الأموال.

لكن خلال بدايات صاحب محلات التوحيد والنور ورغم اللغط الذى صاحب الصعود والتوسع المالى لصاحبها، لم تكن هناك علاقة ظاهرة سواء تنظيمية أو مالية بتنظيم الإخوان، رغم أنه حرص على أن تكون محلات ذات صبغة دينية، ولكن مع صعود الإخوان للحكم، بدأ وجود تقارب بين السويركى والإخوان، ودعمه للجماعة، ولكن سرعان ما ابتعد بعد سقوط محمد مرسى عقب ثورة 30 يونيو، ليأتى القبض عليه مؤخرا ليضع تكهنات بأنه ربما قادت اعترافات محمود عزت رجل التنظيم القوى وحامل الأسرار على مدار يصل لأربعين عاما، إلى وجود رابط تمويلى بين الإخوان وسيد السويركى، وأن أمواله وصعوده فى بيزنس التجار جزء من المنظومة المالية العميقة للتنظيم.

2- شبكة أموال التنظيم «العميقة»

وبتتبع تاريخ حركة أموال الإخوان نجد أن عملية القبض الأخيرة على محمود عزت، ربما تقود إلى الكشف عن جزء آخر خفى من الأموال العميقة للتنظيم، وهى تختلف عن حركة الأموال الظاهرة للإخوان خلال فترة حكم مبارك من الثمانينيات حتى 25 يناير، أو بمعنى أدق عقب مرحلة التأسيس الثانى للتنظيم مع بداية الثمانينيات فى القرن العشرين والتى قامت على استراتيجية تربط بين التحرك التنظيمى، والاستثمارات المالية.

ومن هنا تعاظم دور البيزنس فى عملية تحريك الإخوان سواء فى عملية الترقى للأعضاء داخل الهيئات العليا داخل التنظيم والتى وصلت لدرجة أنه قبل حلول عام 2011، زاد عدد أعضاء رجل الأعمال داخل مكتب الإرشاد على 6 من بين أعضائه الـ15، كان على رأسهم خيرت الشاطر وسعد الحسينى، وحسام أبو بكر ومحمود غزلان ومدحت الحداد ومحمد عبد الرحمن، وكانت سيطرة مجموعة رجال العمال على تنظيم الإخوان حتى قبل 25 يناير، مثار انتباه وغضب من الأعضاء داخل تنظيم الإخوان وعلى رأسهم عبد الستار المليجى عضو مجلس شورى التنظيم والذى انشق عنه فيما بعد والذى فجر فى مقال له فى عام 2009، مفاجأة بالتحدث عن المسكوت عنه داخل الإخوان، وتمثل فى سيطرة أموال خيرت الشاطر على تنظيم الإخوان، وأن توزيع المناصب ارتبط بشكل كبير بالولاء لمجموعة رجال الأعمال وعلى رأسهم خيرت الشاطر الذى كان يتحكم فى مفاصل التنظيم عن طريق سيطرته على اللجنة المالية للجماعة.

غير أن ما طرحه القيادى عبدالستار المليجى، لم يكن يدرك الخطورة بأن أموال تنظيم الإخوان ليس مجرد بيزنس يدار ليجلب للتنظيم الأموال، بل إنه تحول لأداة لسيطرة الجماعة على أعضائها، بعد أن يتم ربط مصالحهم بأموال التنظيم عبر ربط مصادر دخلهم بأموال التنظيم والإمبراطورية الاقتصادية للإخوان التى تصل إلى 8 مليارات جنيه سنويا داخل مصر، حتى عام 2012، وهو ما أفصحت عنه دراسة للدكتور عبد الخالق فاروق، فى كتابه «اقتصاديات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر والعالم»، والرقم المشار إليه يعد إجمالى ما يتحصل عليه التنظيم من أموال سواء عبر الاشتراكات من أعضائه والتبرعات وأموال الزكاة، ونسبة الأرباح من أموال المملوكة للتنظيم فى مشروعات، بالإضافة لأموال الزكاة التى تجمع من المساجد التى يسيطر عليها التنظيم.

وكانت هذه الأموال أحد الأسرار التى جعلت التنظيم يحافظ على استمراره، خاصة أن هناك استراتيجية اعتمدت فيها الجماعة على عملية إدارة أموالها أنها ربطتها بأعضاء التنظيم، عن طريق أنه التنظيم يمنح لأى اثنين من أعضائه ثلث تكلفة المشروع على أن يحصل على ثلث الربح، وهو ما يعنى وجود ارتباط تنظيمى بين الأعضاء والجماعة، أو مصالح مشتركة تجبر الأعضاء الالتزام، بها بالإضافة لاعتماد الإخوان على اقتصاد «الجيتو» وهو قائم على ربط مصالح الأعضاء والتابعين بشبكة مصالح اقتصادية متشابكة مما يحافظ على التزامهم بالتنظيم.

وظلت هذه التحليلات تقليدية عن حركة أموال تنظيم الإخوان، لكن يعتقد أن ما تمثله المعلومات التى فى حوزة محمود عزت، ربما تكشف عن مزيد من المعلومات السرية للشبكة العميقة لأموال تنظيم الإخوان، ليس فى داخل مصر فحسب بل فى بلاد ضمن شبكات أخرى تدار فى أمريكا وأوروبا ودول شرق آسيا، وكذلك دول الخليج. وبما تقود لمعلومات ومفاجآت عن الإمبراطورية المالية للإخوان، وأهم الشخصيات والكيانات التى يحرك التنظيم أمواله فيها حول العالم والتى يقدر الجزء المحصور ما يتجاوز 25 مليار دولار، وهو ما تكشف عنه الأيام القادمة والمعلومات التى فى جعبة رجل التنظيم القوى «الصيد السمين» محمود عزت!!