إيمان كمال تكتب: «أفغانستان لماذا».. حلم سعاد حسنى للعالمية الذى لم ير النور

مقالات الرأي



الفيلم يفضح مخططات الغرب ضد العالم الإسلامى، والمخرج التقى مجاهدين واضطر للتصوير فى تطوان

من يتخيل أن السندريللا سعاد حسنى التى برعت فى أدوار الفتاة المرحة، والشخصيات المركبة التى تحمل أبعادا نفسية مختلفة، هى نفسها التى رآها المخرج المغربى عبدالله المصباحى الأفضل لتقديم فتاة أفغانية، فاختياره لها كما قيل وقتها جاء بعين جواهرجى لعبقريتها التى فرضتها على الساحة وجعلتها تستطيع تقديم ملامح فتاة أفغانية حتى بقليل من الماكياچ، فبراعة سعاد فى تقمص الشخصية كفيل بأن يقنع جمهورها بأنها بالفعل أفغانية.

سعاد التى نحتفل هذا الأسبوع بذكرى ميلادها الـ78 حيث ولدت فى السادس والعشرين من يناير، يمر على تجربتها العالمية الوحيدة «أفغانستان لماذا» 37 عاما، وهو الفيلم الذى جمع بينها وبين الممثل العالمى شون كونرى، وشاركها فى البطولة من مصر عبدالله غيث، ومن اليونان الممثلة إرين باباس التى شاركت من قبل فى فيلم «الرسالة» و»عمر المختار»، والممثل الإيطالى چوليانو جيما، والفرنسى مرسيل بوزفى، بجانب مجموعة كبيرة من الممثلين من مختلف العالم وقام بتصويره مدير التصوير المصرى عبدالعزيز فهمى، ومن إخراج عبدالله المصباحى صاحب تجارب «سأكتب اسمك على الرمال» و»أين تخبئون الشمس».

فيلم «أفغانستان لماذا» تم تصويره فى منتصف الثمانينيات وبالتحديد فى عام 1984 لتظهر سعاد لأول مرة كفتاة أفغانية، متفتحة ومتعلمة تهوى الموسيقى وتكره التشدد فى الرأى، ولعل ذلك ظهر أكثر من مرة من خلال صورة الراحل عبدالحليم حافظ التى كانت معلقة على الحائط فى أكثر من مشهد، فى حين يقدم عبدالله غيث شخصية أستاذ جامعى بجامعة كابول وهو أيضا عالم دين ومفكر ومناضل قاد حركة قوية ضد الاحتلال السوفييتى، قبل أن تنفجر الخلافات داخل المجتمع الأفغانى نفسه، لينشر دعوته للتصدى إلى الاحتلال وينضم إليه مئات الآلاف الذين قرروا تحدى السوفييت وطردهم، لكن سرعان ما تنفجر الخلافات بين الأفغان أنفسهم ويحدث انقسام داخلى ورغبة كل منهم فى أن يكون هو صاحب الكلمة العليا وأن يستولى على السلطة وهو ما سهل لاحقا اختراق القوات الأمريكية للمجموعات الأفغانية التى تقاوم الاحتلال السوفييتى، فالهدف الأساسى لمخرج الفيلم كان فضح مخططات الغرب ضد العالم الإسلامى، فاختار فترة الاحتلال السوفييتى لأفغانستان وتلاعب أمريكا بالأفغان.

وبالفعل سافر المصباحى إلى باكستان فى مرحلة قبل التصوير والتقى هناك العديد من المجاهدين، وكان بالفعل يرغب فى التصوير هناك بمجاهدين حقيقيين بجانب الاستعانة ببعض الممثلين، لكنه اضطر للتصوير فى مدينة تطوان المغربية.

لم يحالف الحظ سعاد حسنى فى خطوتها نحو العالمية، ولا شون كونرى فى تجربته بفيلم يحمل بصمة عربية، فظل الفيلم حبيس الأدراج، بعد أن واجه الكثير من الصعوبات والعقبات فى رحلة ممتدة لسنوات طويلة، المشكلة الأولى كانت تصوير المخرج 70% فقط من المشاهد، وكان بحاجة لمساعدة الجيش المغربى لاستكمال تصوير نصف ساعة كاملة هى مشاهد المعارك، وطلب استخدام السلاح الثقيل والدبابات وشاحنات الجيش، ولكنه فوجئ برفض الجيش المغربى لاستخدام آلياته فى عمل سينمائى، لكن ذلك لم ينه حلمه فى استكمال تجربته العالمية فقد قام بإضافة مشاهد مختلفة من أجل أن ترى تجربته النور، وقام بالتغييرات التى تتوافق مع المستجدات السياسية التى طرأت على الساحة وقتها، مثل ظهور بن لادن واحتلال أمريكا لأفغانستان ومعتقل جوانتانامو، من أجل أن تكون تجربة الفيلم طازجة خاصة أنه كان قد مرت سنوات طويلة على تصويره.

وعاد فى عام 2013 ليصرح بأن الفيلم سيعرض فى دور العرض المغربية، وبأنه يواجه ضغوطات من بعض الدول العربية وروسيا لمنع عرض الفيلم، كما أعلن أيضا من خلال الصحف المغربية رغبته فى تقديم جزء ثان يفكر به منذ سنوات، وبأن أسباب منع عرض فيلمه قد زالت بفضل توجهات الملك محمد السادس السياسية والتى غيرت الكثير من المفاهيم، ولكن على الرغم من تلك التصريحات لم يعرض الفيلم حتى هذه اللحظة، ولكن تتواجد نسخته الأصلية محفوظة فى أدراج المركز السينمائى المغربى.