إيمان كمال تكتب: معركة «لما بنتولد» فى الأوسكار

مقالات الرأي




مع الإعلان عن الأفلام السينمائية التى تمثل دولاً عربية مختلفة فى مسابقة الأوسكار 93 لأفضل فيلم أجنبى فى الدورة التى تم ترحيلها لتكون فى الخامس والعشرين من أبريل بدلا من شهر فبراير بسبب فيروس كورونا، شعرت بالإشفاق على فيلم «لما بنتولد» والذى تم اختياره ليمثل مصر كونه الأفضل فى ظل عدم وجود خيار آخر أفضل منه، وعلى الرغم من جودة الفيلم الذى أخرجه تامر عزت ومن تأليف نادين شمس وإنتاج معتز عبدالوهاب، وهنا لا أقلل إطلاقا من قيمة العمل، لكن على الجانب الآخر هناك أفلام عربية قوية استطاعت أن تحقق نجاحات عالمية مثل فيلم «ستموت فى العشرين» والذى وضع مخرجه السودانى أمجد أبو العلا كواحد من المخرجين الواعدين فى إفريقيا، والفيلم حصل على جائزة أسد فينسيا ونجمة الجونة الذهبية، كما حصل على العديد من الجوائز والإشادات عالميا.

ويطرح الفيلم سيطرة فكرة الموت على إحدى القرى شبه المعزولة فى السودان وسلطة علماء الدين القوية عليها، وسطوة العادات والتقاليد فى تشكيل طبيعة البشر فى تلك القرية، وعلى النقيض نرى الطبيعة الساحرة، فيصبح البطل «مزمل» هو النموذج الذى يسير على النقيضين والذى يخاف من أن تنتهى حياته بعد نبوءة وفاته فى العشرين من العمر، ورغبته القوية فى الحياة.

المفارقة أيضا هو وجود فيلمين عن القضية الفلسطينية، الأول يمثل الأردن وهو فيلم «200 متر» للمخرج أمين نايفة، والذى اختار أن يتناول القضية بشكل إنسانى بعيدا عن الشعارات السياسية من خلال بطل الفيلم الذى يحول بينه وبين عائلته جدار عازل، فنعيش مع البطل معاناته ومحاولاته للوصول لابنه بعد دخوله المستشفى، فالمخرج اختار أن يعبر عن الوجع الفلسطينى هذه المرة ببُعد إنسانى، بعيدا عن الأفلام التى تتناول القضية بشكل نمطى، كما برع الممثل على سليمان فى تجسيد الشخصية، ويمثل فلسطين فيلم «غزة مونامور» من إخراج الأخوان ناصر، والذى يتطرق أيضا لمعاناة الشعب الفلسطينى بشكل مختلف من خلال الحياة اليومية تحت الحصار فى قطاع غزة، كل ذلك من خلال قصة حب بين البطل وجارته، ويحمل الفيلم العديد من الإسقاطات السياسية لكن بطريقة هزلية.

وتنافس المخرجة التونسية كوثر بن هنية بفيلمها «الرجل الذى باع ظهره» والذى رصدت من خلاله المعاناة السورية بعد الحرب وإجبار السوريين على ترك وطنهم من أجل الحفاظ على حياتهم، من خلال الشاب سام الذى يعيش فى لبنان ويحاول الانتقال إلى أوروبا من أجل لقاء حبيبته فلا يجد وسيلة إلا أن يقبل أن يتحول جسده إلى عمل فنى حى، ومن هنا يحصل على تأشيرة للسفر.

حصل الفيلم على العديد من الجوائز من مهرجان فينسيا السينمائى ومهرجان السينما المتوسطية بمدينة باستيا الفرنسية، ومهرجان الجونة السينمائى، وتشارك فى بطولته الممثلة العالمية مونيكا بيلوتشى والممثلان السوريان يحيى مهاينى وديا إليان.

معاناة مختلفة وقضية مختلفة فى فيلم «مفاتيح مكسرة» والذى يمثل لبنان، والذى يتناول معاناة الحرب والتطرف من خلال موسيقى سورى يعيش فى قرية منكوبة فى بلده ويحاول الخروج منها ولا يجد وسيلة إلا أن يبيع البيانو الخاص به،، لكنه يعانى بسبب وجود قوى متشددة بدأت تمنع الموسيقى، فيوقعه حبه للموسيقى فى حيرة، فهو غير قادر على العزف، وغير قادر أيضا على مغادرة المنطقة المنكوبة التى يعيش فيها، والفيلم إخراج جيمى كيروز وبطولة عادل كريم وبديع أبوشقرا.

وأفلام أخرى تمثل الوطن العربى فى «الأوسكار» استطاعت أن تحقق صدى عالمى ليس فقط بالقضية والفكرة المتناولة لكن أيضا بالإبداع فى التصوير والإخراج والعناصر الفنية المميزة، وهو ما جعلنى اشعر بالشفقة والغيرة على السينما المصرية التى أتمنى أن تعود للريادة كما كانت، وتقدم أفلاما تستحق المنافسة ليس لأنها أفضل المتاح لكن لأنها بالفعل «الأفضل».