د. مصطفى السعداوي يكتب: قراءة في قانون الإدارة المحلية الجديد

ركن القراء

د. مصطفى السعداوي
د. مصطفى السعداوي


تعتبر مصر من أوائل الدول التي اعتمدت نظام الإدارة المحلية، وذلك عندما أنشأت ما سُمي -بمجالس المديريات- كفروع للإدارة المركزية في جميع أنحاء البلاد بموجب “القانون النظامي المصري” الذي أصدره الخديوي توفيق عام 1883 وبموجب دستور 2014 الحالي، والذي نص في المادة 176 علي أن: تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية.

وينقسم نظام الإدارة المحلية في مصر إلى “وحدات الحكم المحلي” والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية مثل (المحافظات، المدن، المراكز، الأحياء، القرى) والتي لها الاختصاص الأصيل في إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها ومُباشرة جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح وفي حدود السياسة العامة للدولة. 

يضاف إليها “مجالس محلية” أو ما يعرف “بالمحليات” التي تشكل على مستوى كل وحدة من وحدات الحكم المحلي عن طريق الانتخاب المباشر. مما يعني انتخاب “مجلس محلي” لكل محافظة، مدينة، حي…إلخ، تكون وظيفته الأساسية الرقابة على عمل تلك الوحدات المحلية ومتابعة أداء القائمين عليها ومحاسبتهم. ويعتمد النظام المنصوص عليه في قانون الادارة المحلية الجديد بشكل أساسي على اللامركزية الإدارية والمالية لوحدات الإدارة المحلية، مع منحها قدر كبير من الاستقلالية وسلطة اتخاذ القرارات. بالإضافة إلى تهيئة الجهاز الإداري بالدولة وتأهيل العاملين به على كيفية التعامل مع المجالس التشريعية وفقًا للاختصاصات الجديدة الممنوحة. 

كما يتبني القانون الجديد اللامركزية بشكل واضح ويصنع من تلك الخطوط العريضة التي رسمها الدستور بداية لنهضة إدارية في مصر، فاللامركزية هي بالأساس عملية إصلاح في بنية نظام الدولة, وقد جاء القانون الجديد بمفاهيم إدارية جديدة تضمن أسس ومرتكزات الحكم الرشيد سعياً لتحقيق خطة الدولة في ارساء دعائم التنمية المستدامة والمشاركة في بناء مصر الحديثة, وقد فعل وسائل الرقابة والمحاسبة ومن أهم مرتكزاته:

أجاز مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد، لأعضاء مجلس النواب المشاركة في الاجتماعات التنفيذية بالمحافظات والمدن والأحياء، لمناقشة سبل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمحافظة أو المدينة.

كما منح مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد، ثلث أعضاء مجلس النواب بالمحافظة حق الدعوة لعقد الاجتماع. بنصه في المادة 33 للمحافظ دعوة أعضاء مجلس النواب بالمحافظة لاجتماع يشترك فيه أعضاء المجلس التنفيذي أو بعضهم لمناقشة سُبل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمحافظة، وتنفيذ الخطط والبرامج المتعلقة بهذا الشأن،  والقرارات الصادرة عن الجهات التنفيذية بالمحافظة، ولتبادل الرأي فيما يطرح  من موضوعات، ولُثلث أعضاء مجلس النواب بالمحافظة الحق في الدعوة إلى عقد هذا الاجتماع.

ومن أهم ما تضمنه قانون الادارة المحلية الجديد إنشاء مجلس تنفيذي  يُشكل بكل حي مجلس تنفيذي برئاسة رئيس الحي وعضوية كل من:  نائب  رئيس الحى. مأمور القسم. سكرتير الحي ويكون أمينا ً للمجلس. رؤساء الأجهزة التنفيذية ومديري أفرع شركات المرافق العامة في نطاق الحي الذين تحددهم اللائحة التنفيذية ( وأن كان يمكننا القول أن كان يجب الإستعانة في هذا التشكيل بالخبرات الجامعية والمراز البحثية ). 

ويجتمع هذا المجلس بدعوة من رئيسه مرة على الأقل كل أسبوعين في المكان الذي يحدده، وفي حالة غياب الرئيس يحل محله نائبه، وتحدد اللائحة التنفيذية نظام عمله. ويتولى المجلس التنفيذي للحي الإختصاصات الآتي ( الرقابة علي المواد-  تنظيم حسن سير العمل بالأجهزة الإدارية والتنفيذية للحي- متابعة الأعمال التي تتولاها الأجهزة التنفيذية للحي، وتقييم حُسن إنجاز المشروعات والخدمات ومستوى  اداء المرافق على مستوى الحي، وفقا ً لمؤشرات قياس الأداء الخاصة بالحي. مناقشة  مشروعى خطة وموازنة الحى، وتوزيع الإعتمادات التي تخصص للإستثمارات على مستوىالحي، وفقا ًلخريطة الوظائف والمسئوليات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون. مناقشة الحساب الختامي السنوي للحى.

كما نظم مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد الموارد المالية للمحافظات، لتتمكن من تعظيم مواردها، حيث نص على أن يكون لكل محافظة موازنة محلية مستقلة, وهو ما لم يكن ينظمه أي قانون سابق.

ويكون المحافظ السلطة المختصة في كل ما يتعلق بتطبيق قانون الخدمة المدنية ويكون رئيسا لجميع الموظفين المدنيين بالمحافظة، ويمارس بالنسبة لهم جميع اختصاصات الوزير، ويختص المحافظ بالنسبة للموظفين بفروع الوزارات والجهات التي لم تنقل اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية، فيما عدا الجهات والهيئات القضائية والجهات المعاونة لها والجهات التابعة للقوات المسلحة ووزارة الإنتاج الحربي.

ويجوز للمحافظ أو من يختاره أن يتولى رئاسة الأجهزة المحلية جزئياً أو كليا ً بصفة استثنائية في حالة الكوارث الطبيعية والإنسانية التي تعجز الأجهزة المحلية عن التعامل معها بمفردها، وتحدد اللائحة التنفيذية أسلوب القيام بذلك، ومدته، وكيفيه العدول عنه، وأنه يحق للأجهزة المحلية طلب دعم فني من المحافظ، كما يجوز للمحافظ أن يقترح دعما ً فنيا ً إذا تكشف له حاجة هذه الأجهزة لذلك بناءً على تقارير الرقابة والأداء ونص على أنه للمحافظ إحالة أي من رؤساء الأجهزة التنفيذية بالمحافظة إلى التحقيق عما يقع منه من جرائم أو مخالفات تأديبية أثناء تأدية أعمال وظيفته أو بسببها.

ونص مشروع القانون، على أن يشكل فى كل محافظة مجلس محلى من أعضاء عن كل مركز ومدينة بواقع ثمانية أعضاء عن كل وحدة محلية منها، وبالنسبة للمحافظات التى بها مدن رئيسية يزيد عدد أحيائها على خمسة تمثل بثمانية أعضاء عن كل حي، ويكون للمدينة ذات الطابع الخاص التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية مجلس محلى يشكل طبقا لنص الفقرة الأولى من هذه المادة وتكون له كافة الاختصاصات المقررة للمجلس المحلى للمحافظة المنصوص عليها فى هذا القانون.

ووفقا لمشروع قانون الإدارة المحلية، يتولى المجلس المحلى للمحافظة فى حدود السياسة العامة للدولة الرقابة على مختلف المرافق والأعمال التى تدخل فى اختصاص المحافظة طبقاً لأحكام هذا القانون، وله أن يطلب عن طريق المحافظ أى بيانات تتعلق بنشاط الوحدات الأخرى الإنتاجية والاقتصادية وغيرها العاملة فى دائرة المحافظة.

كما يتولى الإشراف على تنفيذ الخطط الخاصة بالتنمية المحلية ومتابعتها، وذلك على النحو المبين بهذا القانون ولائحته التنفيذية، ويختص فى إطار الخطة العامة والموازنة المعتمدة، إقرار مشروعات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإقرار مشروع الموازنة السنوية للمحافظة ومتابعة تنفيذها والموافقة على الحساب الختامى، وتحديد وإقرار خطة المشاركة الشعبيه بالجهود والإمكانيات الذاتية للمعاونة فى المشروعات المحلية.

كما نص مشروع قانون الإدارة المحلية على أنه بناء على اقتراح مجلس محلى المحافظة بعد أخذ موافقة مجلس الوزراء يجوز بقرار من المحافظ إنشاء لجان للخدمات بالمناطق الصناعية، الحرة، الإستثمارية، التكنولوجية، التجارية اللوجيستية، وغيرها من المناطق، ويصدر من المحافظ قرار بتشكيل هذه اللجان طبقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية. وتتولى لجنة الخدمات تحت إشراف المجلس المحلى المختص العمل توفير الخدمات اللازمة لهذه المناطق والإشراف على تنفيذ مقترحات الإصلاح والتنمية بها.

وتتعاظم الأهداف المرجوه من هذا القانون وأخصها القضاء على المناطق العشوائية الخطرة لأنها من ضمن مهام الإدارة المحلية, والتصالح في مخالفات البناء, ولابد أن يكون هناك بعد ثقافي وفكري وتنموي لهذه الأجهزة لمواجهة الأفكار التي تتعارض مع أسس ومقومات المجتمع المصري, وأن تعمل علي إعادة بناء الإنسان وهو الأمر الذي طالما وجه إليه الرئيس (إنسانية الإنسان) وهو ما يسهم في إعادة بناء الرأي العام الصالح. حفظ الله مصر وبارك شعبها.