مصطفى عمار يكتب: مؤسسة «صناع الخير»

مقالات الرأي




قبل عدة أشهر قدم للعمل معنا فى العقار الذى نسكن فيه، حارس عقار من إحدى قرى أسون، شاب فى نهاية العشرينات، وهذه المرة الأولى الذى يغادر فيها قريته للبحث عن لقمة عيش تساعده على الحياة بعيداً عن قلة فرص العمل داخل قريته الصغيرة، لن أحدثكم عن طيبة أهل أسوان وأمانتهم، فهذه مسألة مشهور بها كل أبناء المدينة وقراها بلا استثناء، وقد لاحظ أحد جيرانى من الأطباء إصابة التهاب عين الشاب بشكل متكرر ومستمر، وعندما سأله هل ذهب من قبل لأى طبيب فأجابه بالنفى، تكرم جارى العزيز وعرضه على أحد الأطباء الذين شخصوا حالته بإصابته بمرض يسمى «ظفرة» يصيب العين ويجب علاجها لأن مضاعفتها قد تصل فى بعض الأحيان إلى فقدان البصر، وبالفعل اصطحبه جارنا إلى إحدى المستشفيات الحكومية لإجراء الجراحة، ولكن الشاب يوم أحد العملية فى الصباح انتابته حالة من الخوف من غرفة العمليات وقرر الهروب من المستشفى لأنه مصاب بوفيا من المستشفيات، وبمجرد رؤيته للأطباء وغرفة العمليات لم يتمالك نفسه من الصريخ وقرر المغادرة.. لم أكن على علم بهذه القصة سوى عندما أخبرنى الشاب فى مساء نفس اليوم وهو يودعنى لأنه قرر العودة لقريته مرة أخرى وترك العمل، لأنه شعر بإحراج من جارنا الطبيب، بسبب عدم تحمله فكرة إجراء عملية جراحية تبدو بسيطة ولكنه الخوف الذى تمكن منه، أخربته أن الموضوع بسيط وأنه من الممكن أن يستأذن لأخذ إجازة يسافر فيها إلى قريته وبعدها يعود لنبحث عن مستشفى توافق على إجراء الجراحة تحت البنج الكلى وليس الموضعى، وبالفعل سافر وكنت أشك فى عودته مرة أخرى، ولكنه على أى حال عاد مرة أخرى، وقررت أن أتوسط عند أحد الأصدقاء الذى تربطه علاقة صداقة بطبيب عيون شهير، وبالفعل ذهب إليه ورفض الطبيب تقاضى حق الكشف وأخبر صديقى تليفونياً أن الشاب يحتاج جراحة لإزالة «الظفرة من عينه « وأنها ستتكلف 8000 آلاف جنيه، بخلاف أجرة طبيب التخدير، وبالفعل قررنا كسكان للعقار توزيع المبلغ علينا ليجرى الشاب الجراحة ويستطيع ممارسة حياته بعدها بشكل طبيعى، وبالصدفة تذكرت مبادرة عينيك فى عنينا التى تشرف عليها مؤسسة صناع الخير التى يرأس مجلس أمنائها الصديق مصطفى زمزم، والصديق العزيز محمد العقبى المنسق العام لمبادرة عينيك فى عنينا، وبالفعل أرسلت رسالة للدكتور العقبى، استفسر منه عن شروط إجراء الجراحة للشاب ضمن المبادرة التى تشرف عليها المؤسسة، وجاء رد العقبى على الفور بأنه إذا كان يستحق إجراء الجراحة ستجرى له فوراً، وبالفعل تواصل معى فى اليوم التالى أحد المسئولين بالمؤسسة وطلب بيانات الشاب وطلب منى أن يتوجه لأحد مستشفيات العيون الشهيرة بمنطقة الدقى، وبعد أن ذهب الشاب إلى المستشفى وتم توقيع الشكف عليه، وتم وصف حالته فى تقرير طبى وما يحتاجه من إجراء لعملية ومتابعة، فوجئت بالمسئول بالمؤسسة يتصل بى ويطلب منى أن يجرى الشاب بحثا اجتماعيا فى المحافظة التابع لها يؤكد استحقاقه لإجراء الجراحة ضمن المبادرة، وسولت لى نفسى بأن هذا طلب صعب يستحيل إجراؤه فالشاب من محافظة أسوان ومن أجل أن يجرى بحثا اجتماعيا يجب أن يسافر مرة أخرى إلى قريته بأسوان، وتحدثت للدكتور العقبى، لكى يستثنى الشاب من إجراء البحث الاجتماعى، لأن بطاقته تؤكد أنه حاصل على دبلوم تجارة، ولكن رد الدكتور العقبى أكد لى مدى أمانته هو ومصطفى زمزم وجميع العاملين فى المؤسسة على أن يحصل من يستحق فقط على العلاج ضمن المبادرة، وقال لى العقبى، إحنا أمناء أمام الله ولا نستطيع أن نجرى له الجراحة دون أن نتأكد من أنه يستحقها وهذا لن يتم إثباته سوى بالبحث الاجتماعى، وتأكد أنه سيجرى العملية بعد عمل البحث مباشرة، وثقت فى كلام الدكتور العقبى لأن بيننا عشرة تتجاوز العشرين عاماً، وبالفعل ذهب الشاب وأجرى البحث الاجتماعى وعاد للقاهرة ودخل بعدها مستشفى من أكبر مستشفيات العيون فى القاهرة، ليجرى الجراحة.

ويتعافى ولا يصدق أنه أجراها فى مثل هذا المستشفى الكبير دون أن يدفع لا هو ولا اى شخص مليمًا واحدًا.. أيقنت بعدها أنه لولا هذه المبادرات ولولا الشرفاء من القائمين عليها لما تحقق كل هذا الإنجاز الذى تم تحت رعاية رئيس الجمهورية مثلما حدث فى حملة 100 مليون صحة وحملة حياة كريمة النقلة الإنسانية الكبيرة التى تشهدها قرى مصر تحت إشراف مباشر من رئيس الجمهورية.. شكراً مصطفى زمزم وشكراً محمد العقبى وشكراً لكل شخص يعمل من أجل تلبية احتياجات ومطالب البسطاء وهو على يقين أنه أمين على حياتهم وعلى مستقبلهم دون أن ينتظر شكرًا أو تقديرًا من أحد.