عائشة نصار تكتب: التنظيم بـ٧ أرواح.. رعب عالمى من عودة داعش

مقالات الرأي




شبكات سرية وخلايا نائمة وملايين الدولارات تدعم خطط التنظيم لاستعادة نفوذه

تنظيم إرهابى بـ7 أرواح.. فقد خلافته المزعومة وانتحر زعيمه الأشهر، أبو بكر البغدادى، وخسر معاقله الرئيسية، لكنه يستميت لخلق حواضن جديدة، وينجح بالأخير فى العودة إلى صدارة الاهتمام الدولى.

التحذيرات والتوقعات بشأن استمرار خطر تنظيم داعش داخل وخارج الشرق الأوسط، رغم زوال دولة «الخلافة» أصبحت الآن واقعًا على الأرض، تدلل عليه الهجمات الإرهابية للتنظيم وخاصة فى معاقله القديمة بالعراق وسوريا، كما تنطق به التصريحات الدولية التى توالت منذ مطلع العام، مؤكدة تصاعد خطر تنظيم داعش فى الآونة الأخيرة.

وذلك اعتمادًا على استراتيجية النكاية والانهاك، وحرب الاستنزاف طويلة الأمد التى عاد التنظيم لإنتهاجها مرة أخرى، بعد انتهاء مرحلة التمكين، فأعاد تشكيل شبكته السرية، وتنشيط خلاياه النائمة داخل المدن، فى ظل واقع مازال يحمل نفس المعطيات التى أدت لنشأة التنظيم فى بداياته.

ويركز التنظيم عملياته الإرهابية على العمليات السريعة والضربات الخاطفة، وعلى نصب الكمائن للقوات العسكرية والميليشيات، مستفيدًا من مجموعات صغيرة تتسم بمرونة الحركة، وتنفذ هجماتها فى المناطق الهشة أمنيًا.

600 عملية إرهابية لداعش فى سوريا، وأكثر من 1400 هجوم فى العراق خلال 2020، وفقًا لمزاعم التنظيم الإرهابى، فضلًا عن 100 هجوم بشمال شرق سوريا، خلال يناير الماضى فقط، لتتواصل بعدها هجمات داعش خلال شهر فبراير، بالعراق، وفى مناطق متفرقة من البادية السورية، الممتدة بين ريف محافظات الرقة وحماة وحمص ودير الزور، مستهدفاً أمنيين وعسكريين.

ووفقًا لإحصائية للمرصد السورى لحقوق الإنسان فإنه منذ سقوط الباغوز، آخر معاقل داعش فى مارس 2019، أسفرت الهجمات التى شنّها التنظيم عن مقتل أكثر من 1300 شخص بين عسكريين سوريين ومقاتلين موالين لإيران، فى المقابل قتل أكثر من 600 من عناصر التنظيم.

داعش لم ينته بعد».. تأكيد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدى، وقد جاء تعقيبًا على تزايد هجمات التنظيم مؤخرًا شمال شرقى البلاد.

وفى هذا السياق يشير تقرير منشورلمعهد دراسات الحرب الأمريكى، إلى أن التنظيم قد عمل على إعادة بناء مجموعاته القتالية فى شرق وغرب نهر الفرات بسوريا، وفى المناطق الصحراوية والجبلية غرب وشمال غربى العراق، وقام بسحب معظم قياداته إلى مناطق آمنة.

وفى جلسة عقدها مجلس الأمن الدولى، قبل أسابيع، حذر فلاديمير فورونكوف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، من أن «10آلاف مقاتل إرهابى لايزالون ينشطون فى تنظيم داعش، وأن التنظيم نجح بالفعل فى استغلال انشغال حكومات العالم بفيروس كورونا، لمواصلة هجماته الإرهابية فى العراق وسوريا، ومناطق الصراع الأخرى، خاصة فى المناطق الحدودية».

وأن «مقاتلى داعش ما زالوا قادرين على التحرك والعمل، وأن جهود التنظيم لإعادة تجميع صفوفه وإحياء أنشطته اكتسبت زخماً إضافياً فى النصف الثانى من عام 2020».

هل من الممكن أن يكون نمط الحياة الجديد المرتبط بانتشار جائحة كورونا، مسببًا فى تصاعد خطر الإرهاب بالعالم فى المرحلة القادمة ؟!.. هذا تمامًا ما تم التحذير منه على نطاق دولى.

فلفت كورونكوف إلى أنه «بعيدًا مناطق النزاع، تتزايد أيضًا مخاطر التعرض لدعاية داعش وتحريضه، لا سيما أن الناس، خاصة الشباب، يقضون وقتا أطول فى المنزل وعلى الإنترنت»، وهو مايعنى زيادة خطورة الدعاية الداعشية فى ظل جائحة كورونا أن ذلك «قد يؤدى إلى سلسلة مفاجئة من الهجمات فى بعض البلدان، عندما تخفف قيود الحركة المرتبطة بكوفيد-19».

وكان تقرير أصدرته «لجنة معاقبة القاعدة وداعش» التابعة لمجلس الأمن الدولى، أكد أنه بخلاف 10 آلاف من عناصر التنظيم موزعون بين سوريا والعراق، فإن «التقديرات تشير إلى أن داعش الإرهابى لديه 100 مليون دولار من الاحتياطى النقدي»، وأن «التنظيم حصل على أموال من الخارج من خلال شبكات مالية غير رسمية»، وأنه لا يزال قادرًا على جنى الأموال عبر «عمليات الابتزاز والخطف والفدية».

وشمن جانبها قدرت وزارة الخزانة الأمريكية احتياطيات التنظيم المالية بنحو 300 مليون دولار، كما نشرت «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن «داعش» يمتلك شركات وأصولا تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وكان تنظيم داعش قد تلقى ضربةً موجعة بمقتل زعيم تنظيم داعش فى العراق، أبو ياسر العيساوى، وذلك بعد أسبوع واحد من هجوم انتحارى مزدوج وضخم شهدته ساحة الطيران ببغداد، وأسفر عن مقتل 32 شخصا. من جانبها، أطلقت فرنسا تحذيرًا من استعادة داعش لقوته فى سوريا والعراق، على لسان وزيرة الدفاع فلورنس بارلى، يناير الماضى.

كما أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن استمرار جهود واشنطن لضرب اى توسع أو تهديد لها أو لشركائها الأوروبيين بحلف شمال الأطلسى من جديد.

فى المقابل قام الناتو بالإعلان عن زيادة بعثته بالعراق من ٥٠٠ إلى ٤ آلاف جندى لدعم القوات العراقية فى حربها ضد داعش. وكان جنرالات أمريكان حذروا من خطورة ظهور جيل جديد من الموالين للتنظيم من وسط المعتقلين فى المعسكرات الكبرى بسوريا والعراق، وخاصة مع احتجاز آلاف من المقاتلين الدواعش السابقين من بينهم ٢ مقاتل أجنبى فى تلك المعسكرات. وتحولت مخيمات داعش إلى قاعدة لهجماته الدامية ومركزً رئيسيً لشبكة التنظيم المالية وبورصة لتهريب عوائله عبرعناصر التهريب الموجودة بالمنطقة. وأكدت مذكرة منسوبة لوزارة الخزانة الأمريكية أن أنظمة تحويل الأموال الموجودة فى مخيم الهول، قد أصبحت كلمة سر كبرى فى نقل الاحتياطات النقدية لتنظيم داعش، حيث يلجأ داعش إلى وسطاء فى تركيا لتهريب الأموال إلى سوريا، أو إرسالها عبرأنظمة تحويل الأموال الموجودة فى المخيم، كما يستعين داعش بخدمات عصابات التهريب. ويمثل المخيم الذى يأوى عائلات التنظيم، مصدرًا للربح لتلك العصابات التى تقيم بورصة خاصة لأسعار تهريب الدواعش، بدايةً من 2500 - 3000 دولار عن تهريب كل فرد، فيما قد يصل الأجر إلى 14 ألف دولار فى بعض الحالات.