منال لاشين تكتب: قانون الأحوال الشخصية الجديد من صنع الإخوان والسلفيين

مقالات الرأي



لجنة إعداد القانون فى 2013 فى وزارة العدل كانت محافظة وضد المرأة

الأخ ممكن يطلق أخته عشان مهرها أقل من أختها 

الأم ليس لها أى علاقة بتعليم ابنها أو أمواله أو سفره 

لغة دينية فى صياغة قانونية مرتبكة وسحب نسخ المشروع من الإعلام

حين قرأت نسخة مسودة قانون الأحوال الشخصية الجديد شممت رائحة إخوانية سلفية تنتشر وتتوغل فى مشروع القانون سواء لغويا أو موضوعيا، ارتباك فى إعداد مواد القانون، ولغة أهل الكهف لا علاقة لها باللغة القانونية، وكلمات أبطل استخدامها وزال من سنوات، ولا تسمعها إلا من شيوخ السلفية والإخوان. الرجل العن بدلا من العاجز جنسيا، الدخول بالزوجة عوضا عن إتمام العلاقة الجنسية، والزوجة المعتدة بدلا من المرأة فى شهور العدة.

والتعريفات لا تتبع الترتيب القانونى المعتاد، ففى كل القوانين هناك مادة فى بداية المواد تحتوى كل التعريفات لكل المصطلحات الواردة فى القانون.

أما المواد نفسها فعودة للمرأة والأسرة إلى السلف الصالح بمفهوم السلفيين وليس بمفهوم الإسلام.

فالمرأة فى القانون مجرد وعاء للإنجاب وإفراغ شهوة الرجل.. يعنى تخلف العيال فقط وترضى الزوج وهى عاجزة عن فعل أى شىء سوى الطبخ والتنظيف والإنجاب، أما الأسرة فتدور حول الرجل أياً كان هذا الرجل الزوج، العم، الأخ أوالجد، وهذا المشروع أقل من المشروع السعودى الجديد فى منح حقوق المرأة وبالطبع لم أتحدث عن القانون التونسى ولا الماليزى.

1- مجرد خادمة

لكل قانون ولأى قانون فلسفة تترجمها مواد القانون، وفلسفة مشروع قانون الأحوال الشخصية هى أن موقع الزوجة فى مؤسسة الزواج هى مجرد خادمة وبدون الأجر، لا يحق لها أى ولاية أو علاقة على أولادها بعد فترة الرضاعة وتغيير الكفولة، وربما قبل ذلك، فالزوجة لا تستطيع استخراج شهادة ميلاد لأبنائها، والزوجة الأم لا تستطيع حال الانفصال اختيار مدرسة وتعليم أبنائها.، ولا تستطيع استخراج جواز سفر له، ولا تستطيع التصرف فى أمواله حتى لو كانت هذه الأموال تخصها وتخص أسرتها، فما دام المال أصبح ملكا للطفل فإن أحقية التصرف للأب ثم للجد للأب أو العم، وهذا ما يسمى الولاية القانونية والمالية للأطفال فى حالة الطلاق أو وفاة الأب. الأم المطلقة فى هذا القانون المسخ لا علاقة لها بكل ما يخص أبناءها قانونا وتعليما وماليًا، وفى الغالب تشترك الزوجة مع زوجها فى الإنفاق على المنزل، ومن ثم فى توفير مدخرات للزوج، ولكن حين يموت زوجها تنتقل حرية التصرف فى ميراث الأبناء للجد من الأب أو العم. أما فى حالة الطلاق فكل ما يخص الطفل فى يد وتحت سيطرة أبيه وليس أمه، إلا بالطبع إعداد 3 وجبات للطفل وتنظيف ملابسه، وهذا ترسيخ لفلسفة أن المرأة إنسان ناقص الأهلية أو فاقد للذكاء والعقل، ولذلك تم حرمانها من كل ولاية على أطفالها، فالأب أو الجد للأب له الحق فى إخراج أولادها من المدرسة أو الجامعة بينما هى عاجزة على المشاركة فى قرارات تخص أبناءها، وكل ذلك لأن القانون يعد الرجل الولاية، فولى الأمر هو الأب أو الجد، وفى السعودية أصبح الأب والأم هما ولى أمر الأبناء.

2- فضيحة المهر

واستمراراً لفلسفة أن المرأة مجرد جسد بلاعقل يعطى مشروع القانون الحق لولى أمرها (الأب أو الأخ أو العم) حق فسخ عقد زواجها ولو كانت فى سن الرشد لعدم كفاءة الزوج من وجهة نظر ولى الأمر، وهذه مادة مهينة للمرأة وغيردستورية لأن المرأة فى الدستور مواطنة لها نفس الحقوق والواجبات وببلوغها سن الرشد يحق لها عقد الزواج بدون ولى ودون تدخل فى اختياراتها، وعدم الكفاءة تعبير فضفاض يسمح لكل مواطن أن يفصله على مقاس أفكاره، فهل نعود للطبقية ويصبح زواج ابن العامل من ابنة المهندس يفتقر للكفاءة، وهل جواز الطبيبة من المحاسب هو زواج كفء أم لا هكذا.

واستكمالا للفضيحة تعطى المادة 6 من مشروع القانون مخرجا لعدم فسح العقد لو أكمل الزوج مهر المثيلة، ولنفرض مثلا أن فتاة راشدة اختارت رجلا رأت فيه كل المواصفات ولكنه ليس ثريا، ولم يقدم لها مهرا مثل بقية أخواتها، فتكون النتيجة أن يرفع ولى أمرها دعوى فسخ العقد، ويجوز إنقاذ الجواز لو أكمل الزوج بقية المهر ليتساوى مع مهر أخواتها، وهذه المادة تحول المرأة إلى سلع للبيع فى سوق الزواج، والثمن هو المهر، ولذلك يحق لصاحب المرأة السلعة أن يفسخ عقد البيعة أو يحصل على كامل قيمة السلعة، وبدلا من يرسخ القانون إلى أن المهر والشبكة مجرد ماديات يجب ألا توقف الزواج، فنحن نرسخ لكل المفاهيم البالية فى الزواج.

3- قانون سلفى

وهذه مادة إخوانية سلفية بحتة وأخذت بنصها من مشروعهم الذى قدموه فى لجنة إعداد قانون الأحوال الشخصية فى أوائل 2013 وتوقف عملها بعد ثورة 30 يونيو، وهى لجنة وزارة العدل التى كان يهيمن عليها سلفيون وإخوان من داخل وخارج وزارة العدل.

والمهر لديهم هو أساس دخول الزوج بالزوجة أو التمتع بزوجته حسب دعاياتهم وخطبهم، فكيف أن يتمتع زوج بامرأة دفع فيها 20 ألف جنيه مثلا، بينما زوج شقيقتها دفع 50 ألفاً ليحصل على نفس الخدمة أو المتعة. أى هذا يدخل تحت مظلة الغش التجارى؟

لازم يكمل بقية السعر وإلا نفسخ العقد.

وبعيدا عن فضيحة المهر فإن التكافؤ الآن صار مختلفاً عليه، فالبعض يرى أن تكافؤ العلم والسن هما أساس التكافؤ. بينما يرى البعض أنها الثروة والحسب والنسب، وللعلم فقط فإن لائحة الزواج فى السعودية قصرت مفهوم التكافؤ عن اختلاف الدين فقط.

4- الزواج الثانى

مادة الزواج الثانى هى مادة مستحدثة على المشروع الإخوانى والسلفى، وهى مادة سحبت البساط من تحت أقدام مواد الولاية التى حرمت منها الأم الحاضنة، ويقضى مشروع القانون بمعاقبة الزوج والمأذون فى حالة عقد الزواج دون علم أو إبلاغ الزوجة الأولى، وأعتقد أن العقوبات المشددة ستجعل تنفيذ المادة صعبا، فإذا كانت عقوبة الزوج الزانى لا تزيد على ستة أشهر، فكيف نصل بعقوبة عدم إخبار الزوجة للحبس سنتين، والغرامة يجب أن تستفيد منها الزوجة الأولى المخدوعة وليس وزارة المالية، ويجب تشديد العقوبة على المأذون لأن بعضاً من أصحاب هذه الفئة أساس البلاء، ويجب أن يتم تسجيل القسيمة إلكترونيا فور الزواج فى قاعدة بيانات حكومية حتى لا يتلاعب المأذون بعدم تسجيل القسيمة، من الاقتراحات التى تخص المادة هى إتمام الزواج الثانى أمام قاضى الأسرة، وليس لضمان إبلاغ الزوجة فقط، ولكن لضمان عدم العبث برخصة تعدد الزوجات.

5- الطلاق الشفهى

إحدى أهم مشكلات مشروع القانون المستمرة هى الطلاق الشفهى، فى هذا الأمر فإن الأزهر والسلفيين والإخوان على وفاق تام فى هذه النقطة. دعك من أن السعودية تتخذ الآن إجراءات لتقنين الطلاق الشفهى، والحقيقة أن الطلاق فى مصر أصبح محنة للزوجة. عندك الطلاق الغيابى.. الزوجة تعيش فى القاهرة يروح الرجل يطلقها فى بنى سويف، وعليها أن تلف وتدور للحصول على إثبات طلاقها، ومن ثم الحصول على حقوق المطلقة.

وعندك الطلاق الشفهى الذى تنهار معه أسرة كانت مستقرة لمجرد كلمة أو لحظة غضب أو بالأحرى غباء من الزوج. وخذ عندك الطلاق للضرر والذى ضمن حقوق المرأة المطلقة، والذى يمتد فى المحاكم لسنوات لإثبات الضرر، وإلا فالحل فى الخلع الذى تخسر معه المرأة كل حقوقها، ولا يوجد حلول فى مشروع القانون لكل المشاكل.

6- الطفل أولًا

وبالطبع لا تستطيع النساء الدفاع عن حقوقهن فى هذا القانون، ولذلك تجد الجميع يقولون لك أهم حاجة مصلحة الطفل، وكأن مصلحة الطفل لن تتحقق إلا بظلم المرأة، وكأن من مصلحة الطفل أن يتحكم فيه جده لأبيه بدلا من أمه التى ولدته، وكأن مصلحة الطفل أن يطلق أبوه أمه ويخرب البيت بمجرد كلمة، ومصلحة الطفل أولا وكأن مصلحة الطفل فى أن يطلق والده والدته غيابيا ولا تستطيع أمه إثبات الطلاق وحق النفقة. مصلحة الطفل وكأن مصلحة الطفل فى أن يخرجه جده أو عمه وأحيانا أبوه من مدرسته التى تعود عليها وذات المستوى التعليمى المرتفع نكاية فى الأم.

كفاية نفاق