بعد تعيينها اليوم.. رحلة استبعاد المرأة من مجلس الدولة تقف عند محطة السيسي

حوادث

بوابة الفجر


عقب صراع دام لأكثر من سبعون عامًا، ودعاوي عدة نظرت وقضي فيها، وتنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، أصدر رئيس مجلس الدولة المستشار محمد حسام الدين، قرارا اليوم، بتعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، الأمر الذي لطالما مثل إشكالية كبيرة، بل أزمة تاريخية، جرى إثارتها أكثر من مرة سواء على المستوى القضائي أو الاجتماعي، ليفصل فيها المستشار محمد حسام الدين وينتصر للمرأة بقراره اليوم.

لا نبالغ إذا اطلقنا علي العام الحالي 2021..."عام المرأة" فقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إهتمامه لها وأمر في يوم المرأة العالمي والموافق ٨ مارس الجاري بالإستعانه بالمرأة للعمل قاضيات بمجلس الدولة وكذلك النيابة العامة، تفعيلًا للاستحقاق الدستوري بالمساواة وعدم التمييز تفعيلًا كاملًا، وتأكيدًا على جدارة المرأة في تولي المناصب المختلفة، وتعظيمًا لما تحققه من نجاحات في كافة المجالات التي تعمل بها، لذا فقد ساند رئيس مجلس الدولة هذا التوجه ودعمه بقراره اليوم بنقل عضوات من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة للعمل قاضيات بمجلس الدولة.

وترصد "الفجر" أبرز المحطات التي مرت بها أزمة تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة:

_وزيرة التأمينات تقيم أول طعن علي رفض التحاقها بمجلس الدولة

في عام 1949 رسخت وزيرة التأمينات الدكتورة عائشة راتب، حجر الأساس الأول للمطالبة بتعيين المرأة بمجلس الدولة، فعقب حصولها على ليسانس الحقوق بتقدير عام جيد جدًا، تزامنًا مع أعلان مجلس الدولة عن حاجته لتعيين مندوبين مساعدين من الحاصلين على درجة ممتاز وجيد جدًا، فتقدمت بطلب إلى المجلس ترشح نفسها لإحدى هذه الوظائف، إلا أنه لم يجري اختيارها، فأقامت طعنًا على قرار التعيين معتبرة خلوه من اسمها رغم أحقيتها القانونية في التعيين ينطوي على إساءة استعمال السلطة، ولكن مسيرتها في التعيين بأت بالفشل وصدر الحكم برفض تعيينها في 20 فبراير 1952.

_الحسيني يحاول الانتصار للمرأة

شهد عام 2009 نظرة مستقبلية وتقدير هام لدور المرأة في العمل القضائي، من قبل رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار الراحل محمد الحسيني، والذي أعلن عن فتح باب التعيين للإناث بمجلس الدولة، لتندلع على أثر ذلك الإعلان أزمة كبيرة شهدت عقد اجتماع طارئ للجمعية العامة لمستشاري المجلس في 15 فبراير 2010 رفضت بأغلبية 89% تعيين قاضيات، لكن رئيس مجلس الدولة آنذاك أصر على فتح باب القبول للذكور والإناث معا، رغم معارضة معظم أعضاء المجلس الخاص -أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة- فعقد مستشارو المجلس جمعية عمومية ثانية رفضت قراره بأغلبية تفوق 99%، وتم تشكيل لجنة من شيوخ القضاة وضعت تقريرا يظهر أن من الصعب تعيين الإناث في الوقت الحالي، ثم تم فتح باب التعيين للذكور فقط.

دستور 2014 يحيي الحديث عن تعيين المرأة قاضية دون تمييز

بعد مرور 4 سنوات من قرار لجنة شيوخ القضاة برفض تعيين المرأة، جاء دستور 2014، ليحي الحديث عن تعيين الإناث في جميع الوظائف القضائية، وضرورة المساواة في التعيينات الإدارية والقضائية، دون تمييز.

ونصت المادة علي أن: تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. 

_نص قانوني دون تطبيق 

في 30 مارس 2014 أقامت أمنية جاد الله، صاحبة مبادرة «المنصة حقها» طعنًا قضائيًا أمام المحكمة الإدارية العليا، قالت فيه إنها حاصلة على ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر بالقاهرة عام 2013 بتقدير تراكمي امتياز مع مرتية الشرف، وقد أعلن مجلس الدولة عن مسابقة للتعيين في وظيفة مندوب مساعد من خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة، ولدى توجهها إلى مقر مجلس الدولة لسحب ملف التقديم لشغل تلك الوظيفة امتنعت الجهة الإدارية عن تسليمها الملف استنادًا إلى أنها أنثى، وهو ما اعتبرته في طعنها قرارًا مخالفًا للدستور والقانون. ولكن المحكمة قضت برفض الطعن في عام 2017.

_ صراع جديد ويقضي بالرفض في 2020

أقامت أحدي خريجات كلية الحقوق جامعة المنصورة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، قالت فيها إنها حاصلة على ليسانس الحقوق (قسم الدراسات القانونية باللغة الإنجليزية) بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف، وتقدمت بأوراقها لسحب ملف التعيين بمجلس الدولة، إلا أن موظفي الأمانة العامة بمجلس الدولة رفضوا تسليمها ملف التعيين، وفي 31 مايو 2020 أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكمها برفض الدعوى، استنادًا إلى أن سلطة مجلس الدولة في اختيار وسيلة التعيين للذكور أو الإناث سواء بطريق التعيين بوظيفة مندوب مساعد ابتداء بوسيلة الإعلان لخريجي كليات القانون، أو التعيين في وظائف أعلى من الجهات المشار إليها، إنما يدخل في إطار نطاق السلطة التقديرية لمجلس الدولة، كما أصدرت المحكمة بذات حكمًا مماثلًا في 31 أكتوبر 2020 رفضت فيه دعوى أخرى لتعيين الإناث قاضيات بمجلس الدولة لذات الأسباب، وأقامت المدعيات فيها طعنًا أمام المحكمة الإدارية العليا لا يزال متداولًا حتى الآن.