عائشة نصار تكتب: فيديو الروهينجا.. «فنكوش» القاعدة للتعتيم على مصير الظواهرى

مقالات الرأي



لم يقدم دليلًا قاطعًا على وجود زعيم القاعدة على قيد الحياة

لغز المصير الغامض والمجهول لأيمن الظواهرى زعيم القاعدة يعود إلى الواجهة مجددًا، ويوجه أنظار العالم نحو التنظيم الذى لم يحسم حتى هذه اللحظة مصير زعيمه، أو يجيب على السؤال الأهم.. هل الظواهرى لايزال على قيد الحياة، أم لا؟.

وذلك بعد إعلان مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للتنظيم، الجمعة الماضى، عن إصدار جديد للظواهرى بعنوان «الروهينجا جرح الأمة كلها»، بدأ بتنويه عن الإصدار الجديد، باللغتين العربية والإنجليزية، ومرفقا بصورة الظواهرى، ثم أعقبه بث الإصدار بعدها بساعات.

وفى ظل إصرار تنظيم القاعدة حتى اللحظة، على تجاهل التسريبات التى ظهرت فى نوفمبر الماضى تدعى وفاة أيمن الظواهرى متأثرًا بسرطان الكبد على الأرجح، ومع موقف رسمى أمريكى متحفظ، لم يعلن حتى هذه اللحظة، عن امتلاكه يقينًا باتًا، يدفعه لطى صفحة خليفة بن لادن على رأس القاعدة، خرج التسجيلً الصوتى الجديد للظواهرى، ليتلاعب بالبعض، ويزيد من ريبة وشكوك الجميع.

وتضمن إصدار السحاب وهو فيديو مدته 21 دقيقة كاملة، مايقترب من 5دقائق، عبارة مقتطفات من تسجيلً صوتيً لزعيم القاعدة أيمن الظواهرى مرفقًا بصورة من ظهور سابق له.

وعلى الرغم من أن إصدار التنظيم جاء مواكبًا للأحداث الآنية، ومنها الإطاحة بالحكم فى دولة ميانمار، ووجود سلطة جديدة تحكم البلاد، غير أن تسجيل الظواهرى نفسه، جاء عامًا ندد فيه بانتهاكات تجاه الروهينجا المسلمين، من قبل حكومة ميانمار، وجاء أيضًا متضمنًا كلامًا من الممكن بسهولة إسقاطه على نظام الحكم السابق فى ميانمار قبل أشهر طويلة، بل ماقبله أيضًا.

وبالتالى فمن الوارد بشدة أن يكون أيمن الظواهرى قد سجله فى توقيت سابق، عن التسريبات حوله وفاته، بحيث لا يمكن الاعتماد على هذا التسجيل بأى حال من الأحوال كدليل يثبت وجوده على قيد الحياة حتى الآن.

وعلى الجانب الآخر، جاء إصدار القاعدة متضمنًا من الإشارات ما يثير الانتباه، خاصة فى ظل الموقف الملتبس بشأن مصير زعيم القاعدة، فورد اسم الظواهرى على غير العادة، سواء فى الإعلان عن اصدار القاعدة، أو فى الاصدار نفسه، غير ملحوقً بعبارة «حفظه الله»، وهو ما اعتبره البعض إشارة قوية على وفاة الظواهرى بالفعل، خاصة إذا ماتم الربط بينه وبين سابقة بالتنظيم.

ففى إصدار لمؤسسة الملاحم التابعة للقاعدة فى 2 فبراير ٢٠٢٠، بثت فيه كلمة لقاسم الريمى، زعيم القاعدة فى جزيرة العرب تبنى فيه الهجوم الإرهابى الذى نفذه السعودى محمد سعيد الشمرانى، فى قاعدة عسكرية، للبحرية الأمريكية، بولاية فلوريدا، فى ديسمبر 2019، وأسفر عن مقتل 3 عسكريين أمريكيين، وإصابة 7 آخرين.

وجاء بث التسجيل بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فى يناير مقتل الريمى بالفعل، وورد فيه اسم قاسم الريمى مجردًا أيضًا من عبارة «حفظه الله»، ثم أعقب بث التسجيل بأسبوعين بالفعل تأكيد التنظيم خبر مقتل الريمى.

نفس وجهة النظر يقابلها وجهات نظر أخرى تقلل من قيمة هذه الإشارة، اعتمادًا على أن أسامة بن لادن نفسه، سبق وأن ذكر اسمه فى إصدارات القاعدة دون عبارة «تقبله الله»، وترى أن الاختفاء الطويل للظواهرى قد يكون لداعى المرض، أوالتأمين، وليس الوفاة بالضرورة.

وهو مايعنى أن العالم لا يزال يقف حتى الآن، عند نفس اللحظة التى خرج فيها الصحفى فى نيويورك تايمز، حسن حسن، يغرد فيها على حسابه على تويتر، بوصول تأكيدات إليه من قبل مصادر من داخل تنظيم «حراس الدين» التابع للقاعدة فى سوريا، تؤكد أن الاتصالات مع الظواهرى انقطعت منذ فترة، ما يفيد بمقتله، وما أورده موقع سايت الأمريكى المهتم بأخبار الجماعات الإرهابية حول العالم آنذاك، بشأن تقارير تتحدث عن وفاة الظواهرى متأثرًا بمرضه.

وهى تأكيدات لم تتعاط معها أى جهات أمريكية بشكل رسمى، رغم تردد الأنباء عن مرض الظواهرى على لسان مسئولين أمريكيين، ووجود تقارير دولية، تحدثت فى تلك الفترة وما قبلها عن أن وفاة وشيكة محتملة تنتظر الظواهرى، قد تعيد رسم مستقبل القاعدة.

كما سبق وأن نشرت قناة سى.إن. إن الأمريكية، إشارة إلى صحة الظواهرى المتدهورة والسيئة وردت فى تقرير مراقبة للأمم المتحدة، تم توزيعه صيف 2019 على مجلس الأمن، نقلا عن معلومات إحدى الدول الأعضاء.

وعلى العكس تماما جاء موقف الولايات المتحدة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، يعكس الموقف الأمريكى الذى يتعامل بأنه لا دليل حتى هذه اللحظة على وفاة الظواهرى، متجاهلا الأمر برمته.

وذلك فى نفس التوقيت الذى أكد فيه بومبيو، على ما كشفت عنه نيويورك تايمز، بشأن مقتل القيادى البارز فى تنظيم القاعدة أبومحمد المصرى، عبدالله أحمد عبدالله، فى طهران، مع ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن.

وفى ظل فقد القاعدة خلال الفترة الأخيرة عددًا من أبرز قياداتها، خرجت أغلب التوقعات ترجح أن سيف العدل المصرى، محمد صلاح الدين زيدان، الضابط السابق، والقائد العسكرى البارز للقاعدة، بحكم مكانته التاريخية فى التنظيم، أصبح هو صمام الأمان، المرشح بقوة لتولى قيادة القاعدة، فى حالة وفاة الظواهرى بالفعل، والحل الأمثل لحماية التنظيم من الدخول فى نفق مظلم، فى سبيل التوافق على قيادة جديدة، تحظى بقبول لدى فروع الفروع وقياداتها.

ومن جانبها نشرت ديلى الميل البريطانية مؤخرًا تقريرًا حظى بانتشار واسع، أكدت فيه أن سيف العدل المقيم حاليًا فى إيران، والملقب أيضًا بـ«سيف الانتقام» أصبح يقود التنظيم الآن بالفعل من مخبئه، وأن وجوده على رأس القاعدة ربما يعود التنظيم ليشكل تهديداً متزايداً للأمن العالمى كما كان الحال فى عهد زعيمه الراحل أسامة بن لادن. لكن يبقى الموقف الأخير الذى يفرض نفسه على الجميع، وأنه رغم كل هذه الإشارات والاحتمالات والتسريبات، إلا أن هناك حقيقة واقعة تفيد بعدم وجود تأكيد رسمى من القاعدة أو من الطرف الأمريكى الأهم فى لعبة الحرب على الإرهاب يستطيع أن يؤكد وفاة أيمن الظواهرى، أو يقطع بوجوده على قيد الحياة.