أحمد عبدالوهاب يكتب: "مركزُ التميزِ جامعةُ عينِ شمسٍ طريقٌ للتميزِ"

مقالات الرأي

بوابة الفجر


لأكثرَ من (6) ستِّ سنواتٍ كنتُ أرغبُ في دراسةِ دبلومِ اللغةِ العربيةِ للناطقينَ بغيرِها، لكنْ لم يتسنَّ لي ذلكَ؛ لأنَّ الحضورَ في مقرِّ الدراسةِ كانَ شرطًا أساسًا للدراسةِ، وهو ما كانَ يَصعُبُ معَ ظروفِ العملِ وطبيعتهِ الخاصةِ، ثم تأتي أزمةُ كورونا، وسبحانَ اللهِ تتغيرُ الحالُ بين عشيةٍ وضحاها، يتغيرُ نظامُ الدراسةِ للدبلومِ كمنحةٍ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكأنهُ يقولُ: لا تحزنْ فمعَ المِحنِ تأتي المِنحُ ولو بعدَ حينٍ لِمَن أيقنَ بالفرجِ.

دعُونا نسلطُ الضوءَ على هذهِ التجرِبةِ الناجحةِ، آملينَ أن يكونَ على غِرارِها الكثيرُ مِنَ التجارِبِ التعليميةِ الناجحةِ في بلدِنا الحبيبِ.

1-المكانُ: جامعةُ عينِ شمسٍ، كليةُ التربيةِ، مركزُ التميزِ. 
2- الوصفُ: دبلومٌ لتدريسِ اللغةِ العربيةِ للناطقينَ بلغاتٍ أخرى. 
3- الزمانُ: مارس (2020) إلى مارس (2021).
4- أيامُ الدراسةِ: الجمعةُ والسبتُ.
5- ساعاتُ الدراسةِ: حوالَي 336 ساعةً دراسيةً(20160 دقيقةً).
6- الموادُّ الدراسيةُ: (12) ثنتا عشرةَ مادةً دراسيةً في مجالِ تدريسِ اللغةِ العربيةِ للناطقينَ بلغاتٍ أخرى.
7- الشخصياتُ: رفقةٌ صالحةٌ متميزةٌ منَ الأساتذةِ والمربينَ الأفاضلِ، هم بالفعلِ من الأفاضلِ في مجالهم، ليس فقط بسببِ علمِهم ولكنْ بخلقِهم وسماحتِهم وإحسانِهم لطلابِهم.

مكانٌ عامرٌ بأساتذةٍ "مختارينَ" و "مصطفَينَ" بعنايةٍ يحرصونَ على نفعِ طلابِهم بكلِّ ما أُوتوا من علمٍ وصبرٍ. توجيهاتُهم فيها "هدى" وطريقٌ "حسنٌ" لتدريسِ العربيةِ للناطقينَ بلغاتٍ أخرى. 

مكانٌ بهِ طلابٌ متميزونَ نابغونَ، هم نُواةٌ ل"عمارة" هذا المجالِ ونهضتِه إذا واصلوا البحثَ بهمةٍ. في هذهِ الدفعةِ تتعلمُ حبَّ العطاءِ فلا تنافسَ على مَن سيكونُ أولَ الدفعةِ، وإن كانَ مشروعًا، بل على مَن سيكونُ أنفعَ الناسِ لزملائِه 

كما كانَ يقولُ صديقُنا وزميلُنا العزيزُ الأستاذُ عمارةُ نقلًا عن خيرِ البريةِ "خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ" وسبحانَ اللهِ كانَ صديقُنا الأستاذُ عمارةُ هو أكثرَنا نفعًا لغيرِه وكذلك أولَ الدفعةِ، ولا عجبَ في ذلكَ "هل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسانُ". 

مكانٌ يتبارى ويتنافسُ فيه الدارسونَ وقبلَهم الأساتذةُ على دعمِ بعضِهم بعضًا، فأنشأوا فكرةً سمَّوْها بـ "فريقُ الدعمِ" (فريقٌ مكونٌ من عضوِ هيئةِ تدريسٍ "دكتور عمرو مختار" واثنين من الزملاءِ الدارسينَ الأفاضلِ "أ. عمارة و أ. مكاوي") تطوعوا بوقتِهم وجهدِهم لدعمِ الطلابِ بالنصحِ والإرشادِ والمساعدةِ لوجهِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

 تجرِبةٌ لو طُبقتْ في كلِّ القطاعاتِ لعَمَّ الخيرُ على مؤسساتِنا وبلادِنا جميعًا.

ثم لا يفوتُني أن أذكرَ موقفًا لزميلٍ لا أعرفُ اسمَهُ بعدُ، ولكني أعرفُ جميلَ ما صنعَ؛ حيثُ تبرَّعَ بشراءِ كتابِ قيِّمٍ في طرائقِ التدريسِ لكلِّ زملائِه في الدبلومِ، رافضًا أن يتقاضى ثمنَ الكتابِ، أو أن يُعلنَ حتى عنِ اسمِه. لكنْ قطعًا كفاهُ ذكرُ اسمِه عندَ مَن لا يَخفى عليهِ *شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ. فجزاهُ اللهُ خيرًا على إخلاصِه العملَ لوجهِ اللهِ تعالى. 

الحمدُ للهِ أني مررتُ من هذا المكانِ ولو عن طريقِ منحةِ كورونا الإلكترونيةِ، وأحمدُ اللهَ الذي مَنَّ عليَّ بإتمامِ هذا الدبلومِ بتقديرِ "ممتاز"، فالفضلُ في ذلكَ للهِ ثمَّ دعواتِ أمي حفظَها اللهُ وجهدِ وفضلِ أساتذتي الكرامِ (دكتورة/ هدى إمام،  دكتور/ عمرو مختار، ودكتور/ أحمد حسن، دكتور/ مصطفى عرابي، دكتورة/ ريهام الشخيبي، ودكتور/ أحمد العشري) جزاهمُ اللهُ جميعًا الجنةَ. والحقيقةُ أني سعيدٌ لذكرِهم هنا بالاسمِ؛ فإنه مَن لا يشكرُ الناسَ لا يشكرُ اللهَ، وهم فوقَ ذلكَ أهلٌ لكلِّ خيرٍ وثناءٍ، والأهمُّ  أني أنهيتُ الدبلومَ فلم يَعُدْ لذكرْهم هنا أيُّ شبهةٍ لنفاقٍ. 

كذلك تحيةٌ لكلِّ صاحبِ بشارةٍ "سارة" للطلابِ في هذا الصرحِ. تحيةٌ للإداريينَ الناجحينَ الذينَ يُيسرونَ ولا يُعسِّرونَ، وعلى رأسِهم الأستاذةُ "سارةُ" المنسقةُ الإداريةُ للدبلومِ والتي يعتبرُها كلُّ الطلابِ بمنزلةِ الأختِ لما تقدمُه من دعمٍ للدارسينَ.

أرجو أن يستمرَّ هذا المستوى المتميزُ لمركزِ التميزِ. وهذا المقالُ هو بمنزلةِ الشكرِ والتقديرِ لما قدَّمَ المركزُ، لكنه كذلك رسالةٌ للقائمينَ على هذا الأمرِ للتذكيرِ بحجمِ المسؤوليةِ التي يحملونها بأن يحافظوا على هذا المستوى منَ الجودةِ ويقوموا بتطويره بمساعدةِ النابهينَ والمجتهدينَ. 

وأخيرًا أوجِّه رسالةً ورجاءً لكلِّ المسؤولينَ بالجامعاتِ المصريةِ والقائمينَ على التعليمِ الجامعيِّ وما بعدَه أن يقوموا بتعميمِ تجربةِ التعليمِ عن بعدٍ لمن يريدُ من الطلابِ بغضِّ النظرِ عن أزمةِ كورونا، فالتجرِبةُ أثبتت نجاحَها، بل ربما كان التحصيلُ الدراسيُّ فيها أفضلَ بكثيرٍ من التحصيلِ المباشرِ بالحضورِ لمقرِّ الجامعةِ في بعضِ المجالاتِ،  لا سيَّما أن معظم الدارسينَ من العاملينَ المنشغلينَ أثناءَ الأسبوعِ ولا تُتاح لهم فرصُ الذهابِ للجامعةِ، أو من المسافرينَ الساعينَ لرزقٍ حلالٍ أو علمٍ ينتفعُ به خارجَ مصرَ. 

سعادتي بالدبلومِ ليسَ فقط لكونِه دبلومًا متخصصًا معتبرًا، ولكنْ لأنهُ دعوةٌ لأن نتفاءلَ وندركَ أنهُ في بعضِ المِحنِ مِنحٌ، وفي بعضِ المنعِ عطاءٌ مع اليقينِ والسعيِ والعملِ.

شكرًا لمركز التميز- كلية التربية- جامعة عين شمس.