تفسير قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"

إسلاميات

تفسير وما خلقت الجن
تفسير وما خلقت الجن



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ثم أما بعد..

قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، وقيل: إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أنه يعبده ، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص، والمعنى :وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحدون.

وعن تفسير الآية،  قال القشيري، إن الآية دخلها التخصيص على القطع؛ لأن المجانين والصبيان ما أمروا بالعبادة حتى يقال أراد منهم العبادة، وقد قال الله تعالى: "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس"، ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة، فالآية محمولة على المؤمنين منهم؛ وهو كقوله تعالى : "قالت الأعراب آمنا"، وإنما قال فريق منهم، كما ذكر الضحاك والكلبي والفراء والقتبي.

وفي قراءة عبد الله: " وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون "، وقال علي رضي الله عنه: أي وما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بالعبادة. 
واعتمد الزجاج على هذا القول، ويدل عليه قوله تعالى : "وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا"،  فإن قيل : كيف كفروا وقد خلقهم للإقرار بربوبيته والتذلل لأمره ومشيئته؟ قيل: قد تذللوا لقضائه عليهم؛ لأن قضاءه جار عليهم لا يقدرون على الامتناع منه، وإنما خالفهم من كفر في العمل بما أمره به، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه.

 وقيل : "إلا ليعبدون"، أي إلا ليقروا لي بالعبادة طوعا أو كرها؛ رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، حيث أن الكره ما يرى فيهم من أثر الصنعة، وقال مجاهد: إلا ليعرفوني، وأضاف الثعلبي: وهذا قول حسن؛ لأنه لو لم يخلقهم لما عرف وجوده وتوحيده.

 ودليل هذا التأويل قوله تعالى: "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم"، وما أشبه هذا من الآيات.