منال لاشين تكتب: خطايا مجلس النواب فى كارثة قطار سوهاج

مقالات الرأي




رقابة البرلمان سياسية والنيابة دورها جنائى ولا يمكن التخلى عن إحداهما 

المستشار حنفى ضرب بكل السوابق البرلمانية عرض الحائط 

وزير النقل قدم استقالته للرئيس والسيسى رفضها.. ورفض الذهاب للبرلمان

لم أصدق أن يتخلى مجلس النواب بهذه السهولة عن دوره فى تقصى الحقيقة فى كارثة قطار سوهاج، فقد كان من بديهيات العمل السياسى والبرلمانى تشكيل لجنة تقصى الحقائق فى الأزمات والكوارث الكبرى.

ولذلك كان من البديهى أن يسارع بعض النواب بطلب تشكيل اللجنة على غرار ما حدث عشرات المرات فى برلمانات مصر المتعاقبة.

1- خلط دستورى

وفى تبرير ذلك الانسحاب قال رئيس مجلس النواب المستشار حنفى الجبالى إنه فى انتظار تحقيقات النيابة العامة حفاظا على قاعدة الفصل بين السلطات، وصار معظم نواب الأغلبية على نفس النهج، ولذلك تم تأجيل تشكيل لجنة تقصى الحقائق إلى ما بعد الانتهاء من تحقيقات النيابة العامة.

وهذا خلط بين سلطات الدولة الدستورية وليس فصلا بين السلطات، لأن مهمة البرلمان الدستورية تختلف تمام الاختلاف عن مهمة النياية العامة.

وبحكم الدستور فإن هناك ثلاث سلطات، القضائية والتنفيذية والبرلمانية، وفى حادث قطار سوهاج فإن السلطة القضائية قد قامت بواجبها ممثلة فى النيابة العامة، والسلطة التنفيذية ممثلة فى رأسها الرئيس قامت بواجبها وأمر الرئيس السيسى بتشكيل لجنة من الرقابة الإدارية، وبقت السلطة البرلمانية ممثلة فى مجلسى النواب والشيوخ، ولأن مجلس النواب يملك السلطة الرقابية، تتجه الأنظار إليه.

ومسئولية البرلمان ممثلة فى مجلس النواب هى مسئولية سياسية وليست جنائية، ولذلك لا يوجد تعارض أو تداخل فى تحقيقات النائب العام وتحقيقات لجنة تقصى الحقائق البرلمانية.

2- الرقابة السياسية

يبحث البرلمان فى الأساس عن المسئولية السياسية، وهذه المسئولية لا تقتصر فقط على الوزير، كما يتصور البعض، بل يمكن أن تتصل برئيس هيئة السكة الحديد أو مسئولين آخرين أو وزراء آخرين، وتدخل ضمن المسئولية السياسية البحث عن إجابة أسئلة من نوع هل خصصت الحكومة ممثلة فى وزير النقل مخصصات مالية كافية لمنع وقوع الحادث أم لا؟ وهل الحادث وقع نتيجة إهمال تدريب السائقين أم لا؟ وهل تتناسب موازنة السكة الحديد مع موازنة الملفات الأخرى التابعة لوزارة النقل مثل الكبارى والطرق الجديدة والموانئ وغير ذلك من ملفات وزارة الرى؟ وهل هناك خطأ فى ترتيب أولويات وزارة النقل بين الملفات والاختصاصات المختلفة للوزارة؟ من ناحية وبين ترتيب أولويات داخل السكة الحديد من ناحية أخرى.

فقد لاحظ بعض الخبراء والنواب تدنى الموازنة المخصصة للتدريب فى السكة الحديد لتصل إلى 600 ألف جنيه فقط، فى حين أن موازنة السكة الحديد تصل لنحو 17 مليار جنيه، وبالمثل لاحظ خبراء ونواب أن المبالغ المخصصة لبعض الطرق مثل طريق العين السخنة الساحل الشمالى أضعاف المبلغ المخصص للسكة الحديد كلها، وهل التعويضات للشهداء أو المصابين تعويضات عادلة وهى لا تقل عن 300 ألف جنيه.

والرقابة البرلمانية تعد مثل هذه الأمور أو الأسئلة محل سؤال ورقابة البرلمان على الحكومة وعلى الوزير. ولذلك فإن تجاهل دراسة كل النواحى ونقاط المسئولية السياسية للحكومة ووزير النقل فى حادثة أو بالأحرى كارثة قطار سوهاج صدمة كبرى، خاصة أنها المواجهة الأولى بين مجلس النواب والحكومة فى كارثة إنسانية اختلط فيها الدم المصرى البرىء بتاريخ سيئ للسكة الحديد.

3- كواليس المجلسين

ولكن بعض الخبثاء كان لهم رأى أو بالأحرى تفسير آخر خبيث، بحسب هؤلاء فإن هناك كواليس أخرى تصل إلى درجة الأسرار بين مجلسى مجلس النواب ومجلس الوزراء، من هذه الأسرار أن فكرة ذهاب وزير النقل كامل الوزير لمجلس النواب لم تجد حماسا لدى الوزير أو الحكومة خاصة فى أول أيام عمل مجلس النواب بسبب الغضب من الحادثة ومشاهد الدم والجثث، ولذلك كان الاتجاه أن يتأخر ذهاب الوزير حتى تنتهى تحقيقات النيابة وتصل إلى المسئول الجنائى، ومن بين الأسرار أن شائعة أن وزير النقل سيقدم استقالته أمام مجلس النواب قد أغضبت مسئولين كبارا، وكان الشائع أن يتقدم الوزير باستقالته ويرفضها مجلس النواب بأغلبيته من حزب مستقبل وطن، وكان رأى الوزير ومعظم أعضاء الحكومة مختلف، فقد قدم الوزير استقالته للسيد رئيس الجمهورية ولكن السيسى رفض الاستقالة. ومن الكواليس أيضا أن مجلس النواب شهد انقساما حول تحديد نوع زيارة نواب من لجنة النقل وحزب مستقبل وطن لموقع الحادث، فالبعض رأى أن الزيارة حلت محل لجنة تقصى الحقائق، وقام مجلس النواب بالواجب أمام المجتمع وأهل سوهاج، بينما رأى نواب محافظة سوهاج بوجه خاص ونواب من الصعيد بوجه عام أن يتم تشكيل لجنة تقصى الحقائق فورا ودون انتظار لأى إجراءات أخرى، وذلك لأن نواب الصعيد تضررت شعبيتهم كثيرا بعد الحادث.