منال لاشين تكتب: أسئلة حائرة فى الميراث الشرعى

مقالات الرأي




الشباب لا يجدون تفسيرًا للمقصد من حصول الابن على ضعف ميراث شقيقته

لابد من مناقشة بروح الإسلام وروح العدل وبما يساعد الناس

1- أزمة الميراث

قد يبدو العنوان مثيرا للدهشة للعلماء فى الأزهر أو خارجه، فبالنسبة للشيوخ لا توجد أزمة فى قضية الميراث، فهناك نصوص قطعية لا يمكن الاجتهاد بعدها فى إحداث أى تعديلات على قواعد الميراث، وهناك حالات تأخذ فيها المرأة أكثر من الرجل، بالنسبة للشيوخ لا يوجد أى شكوى فى هذا الملف المغلق، ولكن فى تونس وهى دولة عربية إسلامية كان للعلماء قرار آخر، وهو إتاحة الفرصة للمواطنين اختيار طريقة تقسيم الميراث، فأصبح الأصل أو القاعدة هى المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة أو بالأحرى الابن والابنة، بينما ترك للمواطنين أن يختاروا تقسيم ميراثهم طبقا للقواعد الشرعية.

وبالطبع لا يوجد مسلم أو مسلمة يريدون الخروج عن الملة لا سمح الله، أو إنكار قواعد شريعة لا قدر الله، ولكن كل ذلك لا يعنى أن المجتمع الآن به مشكلة أو مشاكل فى توزيع الميراث بالطريقة الشرعية، هذه المشاكل دفعت الكثيرين إلى توزيع أموالهم على أبنائهم وبناتهم قبل وفاتهم.

الأهم هو رأى الشباب والشابات الذين لا يجدون تفسيرا أو تحليلا للمقصد من توزيع الميراث خاصة مع الانقلاب الحاد فى العلاقة الأسرية والعائلية، ومخطئ من يحصر القضية فى أن الابن يحصل على ضعف ميراث أخته فقط.

2- صلات غامضة

اسمع مثلا شابة مات والدها وهى وحيدته لا تفهم سر حرمانها من جزء من الميراث ليذهب إلى أعمامها الذين لا تربطهم بها ولا بأبيها صلات محبة ومودة ولا تراهم سوى فى العزاء أو الأفراح فقط، لماذا يحصل عمها على جزء من أموال أبيها لمجرد أن والدها لم ينجب ولدًا، بالنسبة لها لا تفهم العلة أو القصد، خاصة أن القانون لا يجعل هذا العم مسئولًا عنها إذا دار بها الزمان واحتاجت من ينفق عليها، تكمل الشابة: من ساعة ما حصل أعمامى على حقهم فى الميراث لم أر وجه أى واحد فيهم، حتى فى زواجى حضروا زى الغرباء، مفيش واحد منهم سألنى إن كنت محتاجة حاجة.

بنفس درجة الحيرة تندهش شابة حين عرفت أن خالتها التى لا تزورهم وتعيش فى بلد عربى آخر لها نصيب فى ميراث والدتها فى حالة وفاتها، وهل تعد الخالة قانونا مسئولة عن بنات شقيقاتها،، مجرد سؤال وجيه.

شاب فى الثامنة عشرة من عمره له تجربة مريرة بحسب وصفه، كل أخواته بنات وذكور أنهوا دراستهم، وزوجهم الوالد فى حياته، وعندما أراد والده أن يترك له وصية خاصة تعين الشاب فى إكمال تعليمه وزواجه أفتى له أحد الشيوخ بأن ذلك حرام شرعا، فلا وصية لوارث، نصحه الشيخ أن يترك أمواله توزع طبقا للشرع، والنتيجة أن هذا الشاب ورث مثل أشقائه الذكور ولكنه سيدفع كل ميراثه لإكمال تعليمه وزواجه، فقد رفض أشقاؤه وشقيقاته أن يساعدوه فى التعليم أو الزواج.

بالنسبة لهذا الشاب المسلم المصلى المحترم لا يبدو الأمر مفهوما، ما سر تحريم أن يكتب الأب أو الأم وصية لأحد الأبناء الصغار أو لطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة حتى يؤمن مستقبله، خاصة أن احتياجه للمال أكثر من أشقائه الآخرين،، سؤال فى حاجة لإجابة.

تحكى لى إحدى السيدات أنها رفضت أن تحصل على ميراث من شقيقتها المتوفاة وتشارك بناتها، وتبرر موقفها قائلة: أختى الله يرحمها كانت بتشتغل فى عملين فى نفس الوقت عشان تربى بناتها فى أفضل مدارس وجامعات، ولما ماتت سبت لهن الميراث عشان أنا حاسة أن ده حقهم يكملوا تعليمهم ويبقوا معاهم فلوس للزمن، تكمل الخالة: أنا تحت أمرهم ولكن لما أموت مش ضامنة أن أولادى يعتبروا إن بنات خالتهم زى أخواتهم.

3- حياة مشتركة

تحكى زوجة جانبًا آخر من الأزمة: أنا وزوجى سافرنا برة أول ما اتزوجنا، اشتغلت أنا وهو وكنا نتشارك فى كل أعباء البيت والبنات، لما رجعنا مصر علاقتنا بأهل زوجى كانت متوترة أخواته كانوا بيحسدوه على النعمة رغم أنه ساعدهم أكثر من مرة، أنا وهو اتفقنا نكتب كل حاجة للبنات بيع وشراء، وهو أعطى والدته فى حياته نصيبها من الميراث، والده متوفى وطبيعى أنه يراعى والدته، واحنا طمعانين فى رحمة ربنا، هو العالم المطلع على النفوس. زوجة أخرى تقول: إنها ساعدت زوجها فى كل حاجة، وعشان كدة قدر يحوش من دخله على مر السنين، قالت لزوجها إن نصيبها فى هذه الأموال يجب أن يذهب لابنتيها فقط، لأن دى مش فلوسه لوحده، بالفعل زوجها كتب معظم أملاكه لها وللبنتين، وترك مبلغًا يورث حسب الشرع، تكمل قصتها ضاحكة: تصوروا لما زوجى مات إخواته سألوا عن الميراث قبل الأربعين، حاجة تكسف، ولما عرفوا أنه باع معظم أملاكه لى ولبناتنا اتخانقوا معانا، زى ما يكونوا كانوا منتظرين موته عشان الورث، أخته قالت للبنات إن أبوهم فى النار بسببهم،، أخته دى لا تزورنا إلا لطلب فلوس، وأكثر من مرة زوجى قال لها إن المال كله مناصفة بينى وبينه لاننى اعمل واضع كل دخلى فى البيت ونحوش مع بعض. زوجة أخرى تقول: أنا عارفة أن لو حصل حاجة لزوجى إخواته هيورثوا معانا عشان عندنا بنت واحدة، وعشان كده لما بنشترى حاجة بنشتريها باسم بنتنا، ولكن ميراث زوجى من والده هو حر فيه يوزعه زى ما هو عايز.

هذه القصص الحائرة وغيرها مجرد نماذج أو حكايات حائرة داخل البيت المسلم، حكايات كثيرة وراء أبواب مغلقة تبحث عمن يناقشها بروح الإسلام روح العدل ويشرح للناس ويحاول أن يساعدهم.