حيثيات براءة 10 مسؤولين سابقين بـ"التعليم" من تهمة صرف مبالغ مالية لقيادات دون وجه حق

حوادث

مجلس الدولة
مجلس الدولة


أودعت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجلس الدولة، حيثيات حكمها الصادر ببراءة 10 من مسئولي مديرية التربية والتعليم بالوادي الجديد سابقًا، من تهمة إعداد كشوف الأجر الإضافي وبدل أيام العطلات بأزيد من المستحق لقيادات المديرية.

فيما أدانت المحكمة المُحال السادس مدير الشئون المالية والإدارية سابقا بالمديرية، وعاقبته بخصم أجر 60 يومًا من راتبه عن التهم المنسوبة له، حيث صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم دَاوُدَ نائب رئيس مجلس الدولة، وسكرتارية محمد حسن.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، اإنه وإذ نُسب إلى المحالين ما ورد بتقرير الاتهام محل الدعوى الماثلة تفصيلا، وإذ تبين بالأوراق على نحو قاطع أن المحال السادس، كان يشغل في غضون عامي 20162017 ـــــ وتحديدا في الفترة من شهر أغسطس2016 حتى يونيو2017 المنصرفة عنها مبالغ الأجر الإضافي وبدل أيام الجمع والعطلات المشار إليها سلفا ـــــــ وظيفة مدير الشئون المالية والإدارية بمديرية التربية والتعليم بالوادي الجديد بدرجة مدير عام كوظيفة قيادية اعتبارا من 2732016 بموجب قرار وزير التنمية المحلية رقم (82)لسنة2016 قبل نقله لمركز مصادر التعليم بالخارجة بذات المديرية لوظيفة غير قيادية اعتبارا من 1642018.

وأنه رفع مذكرة موقعة منه ومن وكيل الوزارة بتاريخ 952016 إلى محافظ الوادي الجديد بطلب الموافقة على صرف الأجر الإضافي وبدل أيام الجمع والعطلات لشاغلي الوظائف القيادية بمديرية التربية والتعليم بالوادي الجديد ـــــ وهو أحدهم بصفته مدير عام الشئون المالية والإدارية ـــــ وفق أحكام القانون بأن يتم تحويل تلك المبالغ من نسب مئوية مرتبطة بالأجر الأساسي في 3062015 إلى فئات مالية مقطوعة بذات القواعد والشروط المقررة في ذات التاريخ، وأسوة كذلك بأقرانهم بالديوان العام، فتأشر على المذكرة بإحالتها إلى سكرتير عام المحافظة لاتخاذ اللازم وفقا للقانون، فألحقها ذات المحال بمذكرة أخرى عَرَضها على وكيل الوزارة آنف الذكر يحيطه فيها بأنه بالإشارة إلى المذكرة سالفة البيان فقد تم صرف المستحقات مضمونها على أساس النسبة المئوية في حين كان يتعين حسابها بفئات مالية مقطوعة منسوبة إلى تلك النسبة المئوية.

واقترح أن يكون المبلغ المقطوع مقداره (2100 جنيه) وطلب الموافقة على صرف الفروق المالية المترتبة على إقرار ذلك المبلغ، فتأشر من وكيل الوزارة بأنه "لا مانع طبقا لموافقة المحافظ على أن يتم الصرف لمدراء العموم"، فوجَّه هذا المحال السادس كافة الإدارات المعنية بإعداد الكشوف اللازمة والتوقيع عليها وصرف المبلغ المشار إليه (2100 جنيه) لقيادات المديرية محل عمله ــــ وهو أحدهم ـــــ رغم ثبوت زيادة هذا المبلغ بجلاء عن كامل الأجر الأساسي المقرر لأي ممن تم الصرف لهم، فتقدمت إدارة الحسابات ويمثلها المحال التاسع بصفته مديرها ـــــ وبصفته مندوب وزارة المالية بالمديرية ـــــ باعتراض رسمي لوكيل الوزارة إعمالا لقانون الخدمة المدنية وكذلك إعمالا لكافة القواعد القانونية المنظمة لعمل مندوبو وزارة المالية.

اعتراض إدارة شئون العاملين
كما اعترضت إدارة شئون العاملين ــــ حسب الثابت بالأوراق والتحقيقات ــــ فأشر وكيل الوزارة بالإحالة للشئون المالية رئاسة المحال السادس للتنسيق مع إدارة شئون العاملين لاتخاذ اللازم، إلا أن تلك الاعتراضات قد جوبهت بإصرار المحال السادس على الصرف شفاهة وكتابة، مستندا إلى ما ادعى به من موافقة محافظ الوادي الجديد على الصرف رغم ما تبين بجلاء من أن تأشيرة هذا الأخير كانت بإعمال القوانين والقواعد الحاكمة دون الموافقة الصريحة أو المستنتجة، فأوعز بحكم منصبه للمحالين كافة بوجوب الصرف، وعَرض الأمر على السلطة المختصة على نحو يوحي بأن حساب المبالغ المستحقة لقيادات المديرية المشار إليها كان على خلاف القانون إذ تم حسابها بنسبة مئوية توطئة لاحتسابها بفئات مقطوعة اقترح لها مبلغا مقداره (2100 جنيه كما سلف البيان) لا تتناسب البتة مع الأجر الأساسي لأي من تلك القيادات وهو منهم.

ومن حيث إنه متى كان ذلك، فقد تبين بما لا يدع مجالا لريب أو تشكك أن المحال السادس على النحو آنف البيان قد تولى وتصدى لكل إجراء بين يديه في سبيل صرف تلك المبالغ المشار إليها بالمخالفة لحكم المادة (15) من القانون رقم 32لسنة2015 بشأن ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 20152016 التي نصت على أن "تلتزم كافة الجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية بصرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية والأعمال الإضافية والبدلات وكافة المزايا النقدي والعينية وغيرها ـــــ بخلاف المزايا التأمينية ـــــ التي يحصل عليها الموظف بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة بالأجر الأساسي في 3062015 إلى فئات مالية مقطوعة وبذات القواعد والشروط المقررة في ذات التاريخ ويلغى كل نص يخالف ذلك"

فهيأ الأمر بأن مفاد مذكراته المرفوعة إلى السلطة المختصة هو طلب تطبيق القانون باحتساب المبالغ محل الدعوى على أساس الفئات المالية المقطوعة منسوبة إلى الأجر الأساسي ليجد منها مدخلا لزيادة المبالغ المنصرفة له ولقيادات المديرية محل عمله.

فكان فيما اقترف تدليسا بغية نفع مالي بالمخالفة للقانون، فأغفل ما تمت تبصرته به من مخالفات بموجب اعتراض إدارة الحسابات ومندوبو وزارة المالية وإدارة شئون العاملين بالمديرية محل عمله، مستغلا تفويضا مُنح له من وكيل الوزارة (مدير المديرية) في التوقيع بصفته رئيس المصلحة كسلطة مختصة على استمارات المرتبات الشهرية والبدلات النقدية بالصرف والتسوية والاستقطاع، فأدار المنظومة الإدارية قيادته بما يحقق غاية رمى إليها بزيادة مستحقاته وغيره بالمخالفة للقانون، مُلقيا تبعات إرادته على كاهل عناصر تلك المنظومة رغم تبصرته بمخالفته القانون على نحو صريح لا يقبل التأويل أو التغييب، فكان فيما أوعز واقترف إضرارا بمصلحة مالية لجهة عمله، وإهدارا لما يتعين حفظه من قيمة القيادة الإدارية ووجوب التزامها القانون في كل ما يتعلق بالعمل الإداري، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بماليات جهة عمله.

ورأت المحكمة، أن الأوراق والتحقيقات المودعة ملف الدعوى نضحت أن المحالين كافة ــــ دون المحال السادس ــــ قد قاموا بما أوجبه القانون من تبصرة السلطة المختصة ـــ بصفة أصلية أو تفويضا ــــ بمخالفة قانونية تعين تداركها والامتناع عن الاستمرار فيها، وإزاء إصرار المحال السادس على تلك المخالفة كتابة فقد نفذوا التعليمات التي إن خالفوها وقوعوا جميعهم في براثن المساءلة التأديبية، فيضحى مُناهِضا ومبادئ العدالة أخذهم بالجزاء عن فعلٍ إن امتنعوا عنه سُئلوا تأديبيا بحسبانه امتناعا عن تنفيذ أوامر رئاستهم بعدما استنفدوا سبل التبصرة الرسمية بمخالفة ما أُمروا به للقانون، فيكفيهم في سبيل اثبات براءة ساحتهم مما نُسب إليهم ثبوت لفت نظر المحال السادس رسميا بالمخالفة.

تبرئة ساحة المتهمين
ومن ثم تبرأ ساحتهم مما نُسب إليهم وأحيلوا بصدده إلى هذه المحاكمة؛ وعلى الوجه الآخر يثبت في حق هذا الأخير ــــ المحال السادس ــــ خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي خروجا مُتَعَمَّدا دون اكتراث لما أحيط به خُبرا من مخالفةِ ما يرنو إليه من منفعة مالية لأحكام القانون، فتعين والحال كذلك أخذه بالعقاب الذي يناسب ما اقترف.