د. رشا سمير تكتب: «البوكر العربية.. ورحلة صعود الأفضل»

مقالات الرأي




حين أُطلقت فكرة الجوائز فى كل المجالات كان المقصود بها تسليط الضوء على الأفضل، ومنح فرصة للمجتهد وتكريم صُناع النجاح‪.‬

كانت فكرة لكى يُشار بالبنان لشخص ما.. ولكى نصفق لمن استطاع أن يختلف عن الآخرين ويرتقى سُلم النجاح‪.‬

لكن ومع الوقت، وكما تختلف الأشياء وتتغير الأفكار.. تختلف العقائد وتتغير الوسائل والغايات.. هكذا هو الحال أيضا مع الجوائز الأدبية التى كانت معنية فى يوم من الأيام باختيار الأعمال الأدبية الرفيعة المستوى وتقديمها إلى الجمهور العربى، بل ترجمتها لتقديمها إلى الجمهور الغربى ومنح الفائز جائزة مالية تقديرا لتميزه‪.‬

الأمثلة كثيرة.. منها جائزة الشيخ زايد للكتاب، جائزة ساويرس الثقافية، جائزة كتارا للكتاب، جائزة السلطان عويس وغيرهم.. ولكن بقيت الأكثر شُهرة للقارئ العربى هى جائزة البوكر العربية‪.‬

1- تاريخ من التميز‪

أطلقت هذه الجائزة فى عام 2007 فى أبو ظبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتُنظم بتمويل من دائرة الثقافة والسياحة بأبو ظبى وبرعاية من مؤسسة جائزة بوكر البريطانية‪.‬

على الرغم من أن الجائزة غالبًا ما يشار إليها باسم «جائزة البوكر العربية» أو «النسخة العربية من جائزة البوكر العالمية» إلا أنهما مؤسستان منفصلتان ومستقلتان تمامًا، والجائزة العالمية للرواية العربية ليست لها أى علاقة بجائزة مان بوكر‪.‬

فاز بالجائزة فى الأعوام الماضية مجموعة من الروايات العربية أهمها: رواية «واحة الغروب» لبهاء طاهر 2008، و«عزازيل» ليوسف زيدان 2009 و«ترمى بشرر» للسعودى عبده خال 2010، وتقاسم جائزة 2011 «القوس والفراشة» للمغربى محمد الأشعرى، و«طوق الحمام» للسعودية رجاء عالم، و«دروز بلغراد: حكاية حنا يعقوب» للبنانى ربيع جابر 2012‪‬.

وفى 2013 فازت «ساق البامبو» للكويتى سعود السنعوسى، و«فرانكشتاين فى بغداد» للعراقى أحمد سعداوى عام 2014، و«الطليانى» للتونسى شكرى المبخوت 2015، ومصائر (كونشرتو الهولوكوست والنكبة) للفلسطينى ربعى المدهون 2016، وأما بوكر 2017 فقد ذهب لرواية «موت صغير» للسعودى محمد حسن علوان، و«حرب الكلب الثانية» للأردنى إبراهيم نصر الله 2018، و«بريد الليل» للبنانية هدى بركات 2019، و«الديوان الإسبرطى» للجزائرى عبد الوهاب عيساوى 2020‪.‬.

2- لجنة التحكيم‪

تم إعلان أسماء أعضاء لجنة التحكيم قبل الاختيار وهو ما لا يحدث عادة فى أغلب المسابقات حيث تبقى أسماء القائمين على الجوائز سرية حتى إعلان الأسماء الفائزة، وجهة نظرى أنها خطوة لو تأخرت لكان أفضل، حيث يتم الاختيار بشفافية بعيدا عن العلاقات والمعارف التى أصبحت تحكم الوسط الثقافى، إلا أن الشىء المختلف هذا العام والذى يدعو للتفاؤل أن أعضاء لجنة التحكيم على مستوى جيد من الثقافة وأسماء مهمة لها رؤية قد تُعيد الجائزة إلى ريادتها برئاسة الكاتب اللبنانى شوقى بزيع، وعضوية كل من صفاء جبران، أستاذة اللغة العربية والأدب العربى الحديث فى جامعة ساو باولو، البرازيل؛ ومحمد آيت حنّا، كاتب ومترجم مغربى، يدرّس الفلسفة فى المركز الجهوى لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء؛ وعلى المقرى، كاتب يمنى وصل مرتين إلى القائمة الطويلة للجائزة؛ وعائشة سلطان، كاتبة وصحافية إماراتية، ونائب رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات‪.‬

أما بالنسبة للجائزة فى دورتها الرابعة عشر لعام 2021 فقد تم الإعلان عن القائمة القصيرة يوم 29 مارس.. وبعدها تم اختيار الفائز يوم 13 مايو من قبل لجنة التحكيم إلا أن الإعلان الرسمى عنها سوف يكون يوم 25 مايو وأثناء فعاليات معرض أبو ظبى للكتاب‪.‬

3- مصر عاصمة الثقافة‪

القائمة القصيرة ضمت 6 روايات من الأردن وتونس والمغرب والجزائر والعراق، وبكل أسف لم تصل مصر إلى تلك القائمة على الرغم من وصول منصورة عز الدين إلى القائمة الطويلة عن رواية (بساتين البصرة) إلا أن حدث هجوم من بعض الأقلام النقدية على الرواية واصفين إياها بالرواية ضعيفة المستوى والتى لا تليق بالوصول إلى القائمة الطويلة، فهل كان هذا سبب فى استبعادها؟!. العلم فى كل الأحوال عند لجنة التحكيم، هذا لا ينفى أننا كنا نتمنى وصول هذه الرواية للقائمة القصيرة لأن مصر هى قلب الثقافة العربية ولا أعتقد أن هناك عام خلت تلك القائمة من روائى مصرى له باع فى الوطن العربى‪.‬

الدليل على صحة هذا الكلام هى الإحصائيات التى تؤكد أنه من بين 22 بلداً عربياً، ظهرت فى قوائم جائزة «البوكر» خلال ثمانى سنوات روايات من 15 بلداً، البلد الأكثر ظهوراً فى القوائم الطويلة هو مصر، إذ ظهر على مدى 8 سنوات 27 مرة، كما ظهرت فى القوائم القصيرة روايات من 12 بلداً، البلد الأكثر ظهوراً أيضا فى القوائم القصيرة هو مصر (12 مرة)‪.‬

4- القائمة القصيرة لعام 2021‪‬

شملت القائمة القصيرة هذا العام، ست روايات هى: (دفاتر الوراق) للأردنى جلال برجس و(الاشتياق إلى الجارة) للتونسى الحبيب السالمى و(الملف 42) للمغربى عبد المجيد سباطة و(عين حمورابى) للجزائرى عبد اللطيف ولد عبد الله و(نازلة دار الأكابر) للتونسية أميرة غنيم و(وشم الطائر) للعراقية دنيا ميخائيل

5- ‬عين حمورابى‪

رواية للكاتب الجزائرى عبداللطيف ولد عبدالله صادرة عن دار مسكيليانى للنشر‪.‬ تدور أحداث الرواية حول وحيد حمراس الذى يعيش فى ألمانيا وقرر الرجوع إلى بلده الجزائر مع بعثة ألمانية للتنقيب على بعض المواقع الأثرية ولكن انتهى به الحال للبحث عن ذاته و ذكرياته و تفاصيل حياته السابقة.. عاد ضمن البعثة لتنقيب الآثار فإنما يعود منقباً عن ذاته ينبش فى تاريخه وذكرياته التى تحمله الى مرحلة شائكة وضبابية من حياته محاولاً التوصل إلى الصورة الكاملة التى كانت عليها حياته‪.‬

6- ‬دفاتر الوراق‪

رواية عربية للروائى الأردنى جلال برجس صادرة عن دار نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر فى لبنان.. تدور أحداث الرواية حول إبراهيم الوراق الذى يملك كشكًا صغيرًا لبيع الكتب فى عمان تم إزالته وانقطع بذلك مصدر رزقه الوحيد‪.. .‬

من بداية الرواية سيتضح لنا أن إبراهيم مريض نفسى ويسمع صوتًا لمجرم بداخله يكلمه ويحرضه على ارتكاب العديد من الجرائم‪.. ‬

كقارئ نهم للكتب كان إبراهيم يجيد تقليد الشخصيات منذ الصغر كما كان يتقمص شخصيات الروايات التى يقرأها ومن هنا تبدأ رحلة إبراهيم للانتقام ممن كانوا السبب فى معاناته ومعاناة جيرانه وأصدقائه.

7- ‬الاشتياق إلى الجارة‪

رواية عربية بقلم الروائى التونسى الحبيب السالمى.. تدور الرواية حول مهاجر تونسى يعيش فى فرنسا ومتزوج من امرأة فرنسية ويقع فى حب جارته التونسية (المتزوجة أيضاً) التى تعمل خادمة فى البيوت‪.. ‬

وجد نفسه وهو فى الستين من عمره يُحب امرأتين.. يحب زوجته ولكن حب من النوع الهادئ ويحب جارته وهو حب مربك ويشبه حب المراهقين.. إلى أين تنتهى قصة الحب‪.‬

8- ‬نازلة دار الأكابر‪

رواية عربية، للروائية التونسية أميرة غنيم صادرة عن دار نشر مسكيليانى‪.‬

تلتقط هذه الرواية ببراعةٍ منعرجاتٍ مهمّةً من تاريخ تونس المعاصر، بل تاريخها الراهن أحيانا، وفيها يغدو البحث عن السُّلالة وأسرار «البَلْدِيّة» إيذانًا بالبحث عن الذات ومعنى الوطن وتاريخه، بيد أنّه تاريخٌ آخر يكتب من خلال حكايةٍ مُتخيَّلة بطلُها المصلح الكبير الطاهر الحدّاد. وعلى الرغم من أنّ المراجع التاريخيّة لا تذكر شيئًا عن علاقة الحدّاد بالنساء عدا دفاعه المستميت عنهنّ فإنّ صاحبة الرواية تجزم، بقوّة الخيال، أنّه عشق «للاّ زبيدة‪«‬

9- ‬الملف 42

رواية للمغربى عبد المجيد سباطة صادرة عن دار نشر المركز الثقافى العربى.

الرواية تتناول قصة «زهير بلقاسم» المراهق المغربى سليل عائلة برجوازية الذى يغتصب خادمة تعمل فى منزله، ثم يهرب الى موسكو لاستكمال دراسته للطب وهناك بالصدفة يتم احتجازه ضمن مجموعة من الرهائن فى مسرح موسكو بعدما سيطرت عليه جماعة شيشانية، بعد ذلك يجد نفسه مسجوناً فى أحد سجون سيبيريا بسبب جرائم لم يرتكبها ربما هذه لعنة الخادمة التى اغتصبها وهرب.. والخط الثانى هو قصة «كرستين ماكميلان» كاتبة روائية أمريكية تحقق كتبها أعلى المبيعات، تسافر الى المغرب من أجل العمل على مشروع روايتها الجديدة، تبحث فى ماضى أبيها الجندى السابق فى إحدى القواعد الجوية الأمريكية التى تواجدت فى المغرب فى الخمسينيات‪.‬

10- ‬وشم الطائر‪

روائية للعراقية دنيا ميخائيل صادرة عن دار نشر الرافدين‪.‬

الرواية تدور حول هيلين وإلياس، زوجة إيزيدية وزوج مسلم، حياة طيّبة وسعيدة انتهت بغزو الأمريكيين للعراق وظهور الدواعش الذين شرعوا فى إبادة غير المسلمين من الرجال واغتصاب النساء واتخاذهن زوجات يقومون ببيعهن كأى سلعة لم يعودوا بحاجة لها‪.‬ تتعرف هيلين على أسيرات أخريات من خلال النظرات التى يتبادلنها أثناء اغتصابهن، يتحدثنَ بعيونهن ويتفاهمن من خلال الدموع. ‬