عادل حمودة يكتب: نهاية نتنياهو

مقالات الرأي




بايدن يصف تصرفات نتنياهو بأنها: «لعب العيال»

نواب فى الكنيست يصفونه بـ«المختل نفسيًا» الذى أشعل الحرب ليظل فى السلطة ولا يقدم إلى المحاكمة بتهمة الرشوة 

قيادة الأركان الإسرائيلية كانت تخطط للحرب العام المقبل وكلفت الموساد بالحصول على المعلومات السرية من الدول العربية الحليفة لحماس

انقلبت الآية: تباعد بايدن ونتانياهو وتقارب بايدن والسيسى

الميديا الإسرائيلية تعترف بهزيمة حكومتها وتسخر من القبة الحديدية وتعلن استرداد مصر لدورها فى ساعات قليلة!

«لعب عيال».. هكذا وصف بايدن حرب نتنياهو فى مكالمة من المكالمات الست التى جرت بينهما.

وحسب شبكة «سى إن إن» أيضا: لم يسبق لرئيس أمريكى أن تحدث إلى رئيس حكومة إسرائيلية بتلك اللهجة الحادة التى تحدث بها بايدن إلى نتنياهو.

فى الوقت نفسه عبر بايدن ــ علنا فى مؤتمر صحفى عن امتنانه «لفخامة الرئيس المصرى الذى لعب دورا دبلوماسيا لوقف إطلاق النار».

انقلبت الآية

تباعد بايدن ونتنياهو وتقارب بايدن والسيسى.

وبدا واضحا أن صلاحية نتنياهو فى الحكم انتهت ليبدأ مرحلة جديدة من حياته فى السجن متهما بالرشوة واستغلال النفوذ وتلقى هدايا لايبيحها القانون.

لن يقبل الكنيست باستمراره بعد أن شاع وصف «البلطجى» الذى أطلقه عليه النائب عوفر كاسيف.

وكاسيف أستاذ للفلسفة السياسية وعضو الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة اعتدت عليه الشرطة الإسرائيلية فى تظاهرة طالب فيها بإرجاع بيوت وأراض مغتصبة إلى أصحابها الفلسطينيين.

اعتبر كاسيف أن الحرب الأخيرة محاولة يائسة من نتنياهو للبقاء فى السلطة وحرمان خصمه العنيد غير المتشدد يائير لابيد من تشيكل حكومته قائلا:

أشعل نتنياهو الحرائق عن قصد فى اليوم نفسه الذى نال لابيد تفويضا من الرئيس الإسرائيلى ريئوفين ريفلين كما أنه مختل نفسيا أراد تعطيل المحاكم حتى لا يحاسب على فساده.

بل أكثر من ذلك اعتبر نتنياهو: الوحيد المسئول عما أريق من دماء فلسطينيين وإسرائيليين.

مما يعنى تبرئة المقاومة مما حدث فى سابقة لم تحدث من قبل.

وسجلت الميديا الإسرائيلية اعترافات بالهزيمة على لسان المزيد من أعضاء الكنيست الذين نسب إليهم:

وقف إطلاق النار برعاية مصرية عار علينا.

تدخل مصر فى إيقاف «الحرب البرية» فضيحة غير مسبوقة لجيش الدفاع الإسرائيلى.

أين القبة الحديدية التى أنفق عليها المليارات من جيوب الإسرائيليين؟ لم عجزت عن صد الصواريخ الفلسطينية؟.

والحقيقة أن قيادة الأركان العسكرية فى إسرائيل لم يكن فى نيتها الحرب على غزة قبل العام القادم (2022) حسب الخطة التى وضعتها لتدمير 500 هدف فى غزة لكنها لم تكن قد رصدتها كاملة.

كان فى مخططها أن تنشئ جزيرة صناعية فى مواجهة ميناء غزة لترصد الصواريخ الإيرانية التى تهرب منها أو المواد الخام التى تصنعها.

وكان آخر ما أوصى به يوسى كوهين قبل تركه قيادة الموساد ضرورة اختراق قطر التى تعرف الكثير بحكم علاقاتها القوية بحماس وتواجدها الواضح فى غزة حيث تساعد 100 ألف أسرة بمائة دولار شهريا كما أنها تقدم نحو 340 مليون دولار إلى حماس سنويا وتعرف قياداتها العسكرية المطلوب اغتيالهم مثل محمد ضيف الذى فشلوا فى قتله مرتين خلال الأحداث الأخيرة.

وبواسطة قطر أصبح لتركيا قدم فى غزة إلى حد أن مكاتب الصحة سجلت مواليد باسم أردوجان.

كما أن قطر تستضيف القيادة الأمريكية الوسطى «سنتكوم» مما سهل إعادة التفاوض بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووى.

وكانت إسرائيل ترى أن نقلها من الدوحة إلى تل أبيب كان سيعطيها فرصة لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

ولكن الأحداث لم تمهل خطة الجيش الإسرائيلى الوقت الكافى لتكتمل ولتنضج.

بدأت هذه الأحداث فى 6 مايو بعد أن قررت المحكمة الإسرائيلية العليا إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها فى حى الشيخ جراح ليستولى عليها مستوطنون يهود.

يقع حى الشيخ جراح فى الجانب الشرقى من القدس القديمة وينسب الحى إلى الأمير حسام الدين بن شرف عيسى الجراحى طبيب صلاح الدين الأيوبى محرر القدس منذ 900 سنة.

تفجرت الأحداث فى الجمعة اليتيمة «يوم 7 مايو» بعدما اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى واعتدوا على المصلين وانتهت الموقعة بإصابة 205 فلسطينيين.

تجددت المواجهات صباح 10 مايو بعد تجدد الاعتداء على المصلين فى المسجد الأقصى ولم يكن أمام حماس سوى الرد بضربات صاروخية قدرت بنحو 4000 صاروخ طوال عشرة أيام من الحرب لم تسقط إسرائيل سوى 90 فى المئة منها مما يعنى أن عشرة فى المائة نجح فى الوصول إلى أهداف مدنية أدت إلى قتل وإصابة 347 إسرائيليا.

لكن خسائر إسرائيل المادية أكبر: كل صاروخ تسقطه القبة الحديدية يكلف 100 ألف دولار وفى ثلاثة أيام فقط فقد الاقتصاد 166 مليون دولار وللمرة الأولى أقفلت المطارات وتوقف تدفق النفط إلى إيلات وتوقف حقل غاز تامار وفقدت البورصة ثلاثين فى المائة من قيمتها.

ولو كان من السهل على إسرائيل تعويض خسائرها المادية فإن من الصعب عليها تعويض خسائرها السياسية فى وقت بدا العالم فيه متحفزا لإدانتها والأهم أن خسائرها النفسية التى سببت فى إصابة الإسرائيليين بالرعب لن تعوض إلا إذا عاد إليهم الشعور بالأمان.

والشعور بالأمان لن يأتى إلا مع سلام حقيقى.

هنا يسترد الدور المصرى عافيته بعد نجاح الرئيس وحده فى إطفاء الحرائق وسد أبواب الجحيم التى فتحت على الطرفين.

فى ساعات استردت مصر ثقة أهالى غزة بعد سنوات من محاولات دول عربية وإقليمية إبعادها عنهم بمنح حماس دعما ماديا ومساندة دعائية وجنسيات غير فلسطينية.

لم يكن السبب فتح معبر رفح على أهميته لتلقى الجرحى أو القوافل الطبية على أهميتها فى إنقاذ حياة المصابين فى غزة أو تقديم دعم 500 مليون دولار لتقوم شركات المقاولات بإعادة إعمار غزة على أهميته فى عودة المشردين وتشغيل الخدمات وإنما السبب ذلك الارتباط التاريخى بين غزة ومصر رغم محاولات حماس فى فترة سابقة للعمل ضدها.

وقد لمست ذلك بنفسى فى زياراتى لغزة.

كما أن مصر ــ التى فقدت 120 ألف شهيد فى حروبها مع إسرائيل ــ لم تستخدم العنف ضد الفلسطينيين كما فعلت دول عربية أخرى.

وللإنصاف فإن الرئيس الفلسطينى أبو مازن أقر بتلك الحقيقة وأنا أحاوره فى مكتبه قبل سنوات.

والمؤكد أن الدور المصرى لن يكتفى بتضميد الجراح وترميم المبانى وتشغيل الكهرباء ولكنه سيمتد هذه المرة إلى محاولة حل عادل للقضية مستفيدا من شعور إسرائيل بالهزيمة وشعور شعبها بالإحباط.

ولكن فى الوقت نفسه على الفلسطينيين أن يكفوا عن الصراعات الأهلية والخلافات الداخلية ويستفيدوا من الفرصة المتاحة ولا يكرروا ما سبق أن رفضوه فتناقص عرضا بعد عرض.

رفض ياسر عرفات استرداد 93 % من أراضى الضفة الغربية وتبادل أراض فى مساحة لا تزيد عن 3 % والتنازل عن 3 % فقط واعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ووافق يهود باراك على العرض لكن أبو عمار وجد من يهدد باغتياله لو وقع على العرض ولم تمر أيام حتى استفز إرييل شارون الفلسطينيين باقتحام المسجد الأقصى ليبدأوا الانتفاضة وينشغلوا بها بعيدا عن مشروعات تحرير أراضيهم.

وتكررت الفرصة مرة أخرى فى وقت كان فيها يهود أولمرت رئيسا للحكومة ولكنها تبخرت من جديد.

إن البراجماتية السياسية تفترض أن نسترد ما يتاح لنا من حقوقنا ثم نسعى إلى استرداد ما تبقى لنا.

لكن كثيراً من الفلسطينيين لا يدركون.