سارة جمال تكتب : لعبة الفرص

ركن القراء

بوابة الفجر


نقع في فخ "البكاء على اللبن المسكوب" في كثير من الأحيان، ونعيش في وهم كبير هو "عودةُ الفرصةِ الضائعة"، وننسى التعلم من دروسها. من مِنا لم يتألم لظَنه أنه الوحيد في هذا الكون الذي يَكدح ويجتهد، وأنه أذكى خَلْقِ الله - سبحانه وتعالى؟ - وللأسف لا يشعر بوجوده الآخرون.. مَن مِنا شخص وحَلَّل بِصِدق الأسباب الواقعية لخسارة وظيفةٍ أو صديقٍ أو ترقية، وَكتب أسباب الفشل وَعمل على تغييرها سواء بالدراسة أو بالقراءة أو بالتدريب أو بتأهيلِ الذات، بدلا من صَب جمِ غَضبه على الحَظ والواسطة والظروف.
الحياة هي الساحة التي تضم في جوانبها وحناياها وزواياها ودولها فرصا قد تأتي إلينا مرة وقد تتكرر وقد لا تعود وبالمثابرة تعود. منا من يرى أن بعض الطرق تؤدي به إلى اتجاهات معاكسة تجعله يصل إلى نهاية الخط السريع حتى يجد نفسه تائهاً في لعبة تسمى «لعبة الفرص»، فإما أن يستخدم البطاقة الرابحة لاقتناص الفرصة الذهبية التي تعيده للوجهة الصحيحة، وإما أن يصبح عالقاً في تلك الطرق المنحدرة.
غالباً ما نعرف قيمة الفرص بعد ضياعها، ويبدأ المنوال الذي تغزوه كلمات الندم يبث سمّه في أجسادنا من مثل قول «يا ليت الزمان يعود يوماً»، ولكن هل يعيد الزمان ترتيب حساباته، ويرمي إليك الفرصة مرة أخرى؟. أنا لا أتفق كثيرا مع عبارة «في الحياة فرصة واحدة عليك انتهازها وإلا بكيت عليها طوال العمر».. أيعقل أن نذرف الدموع ونفتح صفحة العزاء لفرصة واحدة لفظت أنفاسها الأخيرة ولم تعد موجودة بيننا الآن.
نذكر هنا، عندما سأل صحفي "توماس أديسون" عن شعورهِ نحو 25 ألف محاولة فاشلة قبل النجاح في اختراع بطارية تخزين بسيطة، والذي أجابه قائلًا: "لست أفهم لِمَ تسميتها محاولات فاشلة؟.. أنا أعرفُ الآن 25 ألف طريقة لا يُمْكنك بها صنعَ بطارية.. فماذا تعرفُ أنت؟!.
الحياة لا تتوقف على فرصة واحدة فقط، والكون لا يغير مساره على حضرة تلك الفرص المفقودة! فكم من فرصة تاهت وتاه طريقها إلا أن ضوءاً ساطعاً يخلق لها مخرجاً في حال اختفت كل المخارج، الحياة تحمل في جعبتها فرصاً كثيرة، ولكن عليك أن تعلم متى تتحدث ومتى تصمت، متى تتحرك ومتى تنتظر، متى تجرب ومتى تخطط حتى لا تسقط ضحية تلك اللعبة التي إما أن تكون فيها أنت المسؤول عن تحريك البيادق، أو تجعل تلك البيادق هي التي تحرك مصيرك.