مى سمير تكتب: صيف ساخن جدًا فى الولايات المتحدة

مقالات الرأي




 ٨٢٠٠ شخص قتلوا هذا العام

«التايم» تكشف تفاصيل حرب العصابات بأمريكا خلال ٢٠٢١

بعنوان «مع استمرار ارتفاع عمليات إطلاق النار فى ٢٠٢١، سيواجه الأمريكيون صيفا يعانى من العنف المسلح»، نشرت مجلة التايم الأمريكية تقريرا خاصا عن حالة العنف المتوقع تصاعدها فى الولايات المتحدة هذا الصيف.

على مدار العام ونصف العام منذ ظهور جائحة فيروس كورونا، ارتفع العنف المسلح بشكل كبير فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، حتى مع إجراءات الإغلاق على الصعيد الوطنى، وإجراءات التباعد الاجتماعى ومحاولات الحد من التفاعلات بين الأفراد، فى هذا السياق يتنبأ تقرير التايم بتصاعد مزيد من العنف الأمريكى خلال فصل الصيف.

1- حرارة الصيف

 بدأت المدن والولايات فى جميع أنحاء البلاد فى رفع قيود فيروس كورونا وسط طرح اللقاحات وانخفاض الحالات المصابة، يقترب الطقس الصيفى، وهناك المزيد والمزيد من الناس الذين يخرجون دون قيود، لكنهم فى كثير من الحالات، يضطرون إلى إعادة تعلم السلوكيات الاجتماعية والتعايش فى الأماكن العامة وسط وقت من التوتر المتزايد والانقسامات والخطاب السياسى المشتعل، ومع تزايد العنف المسلح عادة فى أشهر الصيف، يثير الخبراء مخاوف من أن موسم الصيف سيشهد زيادة أخرى فى عمليات إطلاق النار وجرائم الأسلحة.

يقول بول كاريو، مدير مبادرة العنف المجتمعى فى مركز جيفوردز للقانون لمجلة التايم:» نحن خائفون من ما سيبدو عليه هذا الصيف»، مضيفا: «أنا خائف من أن الناس ما زالوا يحملون بعض الغضب واليأس الذى تعاملنا معه جميعا فى العام الماضي».

«كاريو»، الذى عمل فى مجال مواجهة العنف لأكثر من عقد من الزمان، يستشهد بإمكانية تصاعد المواقف المتقلبة بسرعة حيث يبدأ الأمريكيون فى إعادة الاختلاط والتواصل مع بعضهم البعض، ويؤكد الباحث المتخصص فى العنف للمجلة الأمريكية أنه قد يكون هذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة للشباب، الذين يمكن أن تصبح النزاعات التى يتم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو من خلال الوسطاء خطرة بسهولة فى البيئات المباشرة.

2- العنف المسلح

كان عام ٢٠٢٠ واحدا من أسوأ سنوات العنف المسلح على الإطلاق فى أمريكا، هذا الارتفاع لم يتباطأ فى ٢٠٢١، قتل هذا العام أكثر من ٨٢٠٠ شخص، وهو رقم يمثل أولئك الذين وقعوا ضحايا لعمليات القتل أو إطلاق النار غير المقصود، وفقا لبيانات من أرشيف العنف المسلح. فى العام الماضى، بلغ إجمالى عدد الوفيات ١٩٤٠٢، وفى عام ٢٠١٩، كان ١٥٤٤٧.

خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام ٢٠٢١، ارتفع معدل جرائم القتل فى العديد من المدن الكبرى بأكثر من ٢٠ ٪ مقارنة بالفترة الزمنية نفسها من العام الماضى، وفقا للجنة الوطنية المعنية بفيروس كورونا والعدالة الجنائية (NCCCJ)، كما زادت معدلات الاعتداء بالسلاح بنسبة ٢٢٪.

خلال عطلة نهاية الأسبوع يوم الذكرى (يوم تكريم الجنود الأمريكان الذين قتلوا فى ساحات المعارك) والتى ينظر إليها تقليديا على أنها بداية أشهر الصيف، أسفر إطلاق نار جماعى فى ميامى خارج قاعة الولائم عن مقتل شخصين وإصابة ٢٣ على الأقل.

يظهر فيديو للحادث حشدا من الناس ينتظرون خارج المكان حيث خرج ثلاثة رجال من سيارة بالأسلحة وفتحوا النار، لم يتم إجراء أى اعتقالات، فى مدينة نيويورك، وقعت تسعة حوادث إطلاق نار فى نفس اليوم حيث ورد أن ١٢ شخصا قتلوا خلال فترة ست ساعات، فى فيلادلفيا، تم إطلاق النار على ١٦ شخصا خلال عطلة نهاية الأسبوع. تم الإبلاغ عن حوادث إطلاق نار متعددة فى هيوستن ودالاس.

بشكل عام، كان هناك أكثر من ١٠٠ ضحية لإطلاق النار فى جميع أنحاء البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة، هذا الرقم القاتم ليس غريبًا بأى حال من الأحوال، ولكنه مجرد رقم جديد فى سلسلة العنف المسلح الذى يجتاح الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام.

3- الإجهاد الاقتصادى
 
وقد أشار الخبراء إلى مجموعة متنوعة من العوامل للزيادة الأخيرة فى العنف المسلح بما فى ذلك الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء، والتوترات التى اندلعت بين مجتمعات الأقليات والشرطة، فضلا عن ارتفاع مشتريات الأسلحة النارية-على الرغم من أن هذه الزيادة قد نسبت إلى أولئك الذين كانوا بالفعل أصحاب الأسلحة أكثر من المشترين الجدد، ولهذه الاتجاهات تداعيات على الصعيدين الوطنى والمحلى على السواء، ولا يمكن حلها بسهولة.

يقول جارى كليك، عالم الجريمة فى جامعة ولاية فلوريدا عن المصاعب المالية الناجمة عن فيروس كورونا التى يعانى منها العديد من الأمريكيين الآن: «الإجهاد الاقتصادى هو دائما عامل مهم فى العنف، وقد أدى الوباء إلى ضغوط هائلة». «لم نخرج من العواقب الاقتصادية للوباء حتى الآن». خاصة بالمجتمعات الحضرية التى غالبا ما تكافح مع العنف المسلح اليومى، يشعر النشطاء بالقلق أيضا من أن العديد من برامج الشباب الصيفية ستعمل بموارد محدودة هذا العام، هذا إذا تم فتحها هذا العام. وهذا يعنى دعم أقل للمجتمعات الضعيفة فى وقت تشتد الحاجة إليه، و لأفرادها الأكثر ضعفًا أيضا. يقول كاريو: «لسوء الحظ، غالبا ما يكون الشباب المعرضين للخطر فى الأحياء المهمشة الذين تغريهم العصابات ويسقطون فى أنماط السلوك العنيف. وهى مشكلة من المنتظر أن تتفاقم فى الأشهر المقبلة».

فى ٧ أبريل، أعلن الرئيس بايدن حملة جديدة لمكافحة العنف المسلح، واصفا المشكلة بأنها «وباء»، إلى جانب الالتزام بكبح الاتجار بالأسلحة ومعالجة بعض الثغرات فى قوانين الأسلحة، وعدت الإدارة أيضا بالاستثمار فى مبادرات التدخل فى العنف المجتمعى. هذا شيء دعا إليه النشطاء منذ فترة طويلة، ولا سيما تنفيذ البرامج باستخدام الموظفين الذين يعملون على الأرض والاعتماد على أشخاص موثوق فيهم قادرين على التواصل مع الشباب فى الشارع.
 
ختاما أشار تقرير مجلة التايم إلى أنه فى ظل حقيقة  أن مشاريع قوانين إصلاح استخدام الأسلحة عالقة فى الكونجرس، فمن المرجح، على الأقل فى الوقت الحالى، أن يتحمل الأمريكيون العبء الأكبر من العنف المستمر والمدمر، والعمل اللازم لمنعه أو الحد منه.