احتجاجات ومصير كارثي للأطفال.. ماذا يحدث في لبنان؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


رغم مسيرة الاحتجاجات التي شهدها لبنان بسبب تردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة المحلية (الليرة اللبنانية) أمام الدولار الأمريكي وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق وخصوصًا بعد زيادة أسعار الوقود أمس بنسب تناهز الـ35% فضلا عن النقص الحاد في الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة ونقص الأدوية وألبان الأطفال وعدد من السلع الأساسية، أصدرت السلطات اللبنانية، اليوم، جدولًا جديدًا لأسعار المحروقات تبين زيادتها في حدود 15%، فماذا يحدث في لبنان؟

قطع الطرق
في العاصمة بيروت، وتحديدًا أمس، قام عدد من المحتجين بقطع الطرق على تقاطع عمر بيهم قصقص وميدان الكولا وأمام جريدة النهار اللبنانية بساحة الشهداء وطريق جسر سليم سلام وشارع المدينة الرياضية، كما أقدم محتجّون على قطع الطريق عند موقف حي السلم باتجاه المريجة بالإطارات المشتعلة.

وفي البقاع، قام محتجون بقطع طريق عسعد نايل بالاتجاهين وبر الياس عند مفرق المرج وتعلبايا بالاتجاهين وعدد من الطرق الرئيسية الأخرى، وفي الشمال، قطع محتجون السير على أوتوستراد المحمرة بالاتجاهين، كما تم قطع مسلكي الأوتوستراد باتجاه الشمال بالإطارات المشتعلة.

ورغم الهدوء الحذر الذي ساد طرابلس اليوم بعد ليلة من الاحتجاجات التي شابها أعمال عنف، عاد المحتجون إلى قطع عدد من الطرق.

أسباب تفاقم الأزمة
وتفاقمت خلال الأيام الماضية الأزمة الاقتصادية بسبب تأخر انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع المؤسسات الدولية والدول المانحة لتعثر تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري بسبب الخلافات القائمة حول الصلاحيات وتسمية عدد من الوزراء في الحكومة بين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي التيار الوطني الحر من جهة ورئيس الوزراء المكلف وفريقه السياسي تيار المستقبل من جهة أخرى.

وناقشت صحف عربية التطورات الأخيرة في لبنان خصوصًا تفاقم أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وعودة الاحتجاجات للشارع في ظل استمرار أزمة تشكيل الحكومة الجديدة وهبوط الليرة لمستويات قياسية أمام الدولار، وحذر كتّاب من أن تأزم الوضع في لبنان بشكل متسارع ينذر باقتراب البلاد من "الانهيار الكامل".

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية حادة أدت إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى تراجع قدرة مصرف لبنان على تلبية قرار الحكومة بدعم الأدوية والمواد الأساسية المدرجة على لوائح الدعم، ما أدى إلى انخفاض مخزون الأدوية وحليب الأطفال في الصيدليات وعدم توفر بعضها وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات، وعدم توفر المواد الغذائية المدعومة.

ولا يعد الركود الاقتصادي الذي يسيطر على لبنان ليس سوى أزمة واحدة من جملة الأزمات التي تعصف في البلاد، التي تترنح تحت تأثير جائحة كوفيد-19 ونتائج التفجيرين الهائلين اللذين عصفا في مرفأ بيروت في أغسطس 2020، يُضاف الى ذلك عدم الاستقرار السياسي المستمر.

وعلّق عدد من الكتّاب آمالا للخروج من الأزمة الحالية عبر الانتخابات القادمة وقوى التغيير، وكذلك من خلال دور يلعبه المجتمع الدولي والجيش اللبناني.

عون: لبنان قادر على مواجهة التحديات والخروج منها أقوى
فيما أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، الخميس، قدرة بلاده على مواجهة التحديات والصعاب والأزمات والخروج منها أقوى داعيًا اللبنانيين من كافة الطوائف إلى اعتبار اليوم، الذي دعا فيه بابا الفاتيكان فرنسيس العالم إلى الصلاة والتأمل من أجل لبنان، محطة انطلاق لاستنهاض كافة مقومات رسالة لبنان في محيطه والعالم.

وتابع عون، صباح اليوم، عبر شاشة التلفزيون مباشرة من الفاتيكان، وقائع افتتاح البابا فرنسيس لـ"يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان" الذي دعا إليه بمشاركة رؤساء الطوائف المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية في لبنان، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية.

وتوجه رئيس الجمهورية بصورة خاصة إلى الشباب اللبناني قائلاً: "أعيش عمق القلق الذي يساوركم أمام الصعوبات الراهنة".

وأضاف عون: "ثقتي كبيرة، وسأبقى أعمل انطلاقاً من إيماني وقناعتي أننا بإرادتنا المشتركة قادرون على مواجهة التحديات والصعاب والأزمات، وسنخرج منها أقوى مهما طالت، فلتكن أنظار العالم الشاخصة إلينا اليوم، حافزا قويا لمزيد من العطاء والاندفاع للنهوض بلبنان من كبوته وترسيخ أسس قيامته".

وركز البابا في صلاته "على ضرورة الاتحاد روحيًا مع قادة الكنائس في لبنان للصلاة من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة التي يمر فيها ويظهر للعالم وجهه، وجه السلام والرجاء".

مفتي لبنان يناشد الجيش بردع من يحاول الإخلال بالأمن
ومن جانبه، ناشد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الجيش والقوى الأمنية اللبنانية بردع كل من يحاول الإخلال بالأمن في المناطق اللبنانية كافة، مشددا على أن الأزمات المتراكمة التي تلاحق اللبنانيين لا يمكن أن تنتهي إلا بتشكيل حكومة إنقاذ تنهض بالوطن وتكون على مستوى التحديات.

ودعا مفتي لبنان، إلى الضرب بيد من حديد منعا من الوصول إلى الأمن الذاتي الذي يرفضه الجميع، مع حفظ حق المواطنين في التعبير السلمي عن أوجاعهم، مؤكدًا أن أي تعرض للجيش هو تعرض لكل اللبنانيين الشرفاء الذين هم مع جيشهم حامي وطنهم، حسب بيان له اليوم.

وضع صادم للأطفال
ويعاني الأطفال في لبنان من وطأة أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم في الآونة الأخيرة، وفقا لمسح نشرته منظمة "اليونيسف"، الخميس.

حيث أدّت الأزمات المتتالية التي تضافرت في تكوين الأزمة الكبيرة، بما فيها الانهيار الاقتصادي الكامل، إلى جعل الأسر والأطفال في لبنان في حال يُرثى لها، وأثرّت تقريبًا على كل جانب من جوانب حياتهم، وذلك في ظل شحّ الموارد واستحالة الوصول واقعيا الى الدعم الاجتماعي.

ولخصت ممثلة اليونيسف في لبنان، يوكي موكو، تلك العوامل بالقول: "في ظل عدم وجود تحسّن في الأفق، المزيد والمزيد من الأطفال يذهبون إلى فراشهم ببطون خاوية، تتأثر صحة الأطفال ومستوى تعليمهم وكل مستقبلهم، فالأسعار تحلّق في شكل هائل ونسبة البطالة تستمر في الارتفاع. ويزداد عدد الأسر في لبنان التي تضطر الى اتخاذ تدابير التأقلم السلبية لتتمكن من الصمود، كإلغاء بعض وجبات الطعام توفيرا لثمنها أو إرسال أطفالهم للعمل، أو اللجوء الى تزويج بناتهم القاصرات، أو بيع ممتلكاتهم".

ووفق المسح الذي أجرته "اليونيسف"، فإن أكثر من 30 في المئة من الأطفال في لبنان، ناموا في فراشهم، في الشهر الماضي، ببطون خاوية، لعدم حصولهم على عدد كافي من وجبات الطعام.

ولا تملك 77 في المئة من الأسر ما يكفي من غذاء أو من مال لشراء الغذاء، وترتفع هذه النسبة بين الأسر السورية اللاجئة في لبنان إلى 99 في المئة، وتضطر 60 في المئة من الأسر لشراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو من خلال الاقتراض والاستدانة.