بين الكنائس الثلاثة.."طقس الاعتراف" ملجأ المسيحيين لغفران الخطايا والحصول على الراحة النفسية والاستعداد للقاء الله

أقباط وكنائس

بوابة الفجر



 
 
•        الارثوذكسية: البابا غير معصوم وله اب اعتراف.. والطقس لايتم على يد المخالفين في العقيدة ..ويتم بالاماكن المفتوحة ولايدخل بالتفاصيل المحرجة..
 
•        الكاثوليكية: كرسي الاعتراف موجود بـ80% من الكنائس..وغيابه لايلغي الطقس.. ويسري على يد الارثوذكس بشكل طبيعي
 
•        الكنيسة البروتستانتية لا تعترف بطقس الاعتراف على يد كاهن..وتؤكد: "من الفرد لله مباشرة"
 
 
غفران الله لخطايا البشر.. محور ارتكز حوله جميع الأديان، فالتجأ المسلمين الى التوبة والحج والطواف حول الكعبة بالاراضي المقدسة بالسعودية للتبرر من الذنوب والمعاصي وغسل النفس من الآثام، بينما لجأ اليهود لذبح الذبائح بأورشليم، والتي تحمل عارهم وخطاياهم وتحترق على المذبح ليشتم الله بخورهم وصلواتهم وتوبتهم ذبيحة مرضية أمامه، بينما كان للمسيحيين طقس مختلف تماًما للحصول على غفران الله لخطاياهم.
 
"ليس أحد طاهرًا من دنس، ولو كانت حياته على الأرض يومًا واحدًا"، هذه هي الجملة التي اشتقتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من سفر أيوب، احد الأسفار الشعرية حسب التقسيم الكنسي، ووضعتها في معظم صلواتها، إيمانًا منها أن الجميع تحت الضعف والخطيئة مهما كانت رتبته او مقامه او افادته للبشرية، حيث تؤمن الجميع ان الكل يولد من رحم أمه وهو يحمل عار الخطيئة التي ارتكبها نبي الله ادم في بدئ الخليقة،الأمر الذي ذكره نبي الله داوود في مزوموره الخمسين، والمشهور بمزمور التوبة: "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي".
 
استنادًا على ما سبق ذكره، قامت الكنيسة في مصر والعالم بتأسيس سر "الاعتراف"، والذي تنظر له الكنيسة في مصر، لاسيما الارثوذكسىة على انه العمود الفقري لحياة المؤمن، الذي لايمكنه ان يمارس طقوس الكنيسة من تناول وكهنوت وزيجة وغيرهم الا بالتوبة وممارسة طقس الاعتراف اولًا.
 
الا ان الكنائس الثلاثة المعروفة عالميًا وهي الأرثوذكسية ذات الغالبية العددية في بلاد الشرق، والكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية ذات الاغلبية العددية في بلاد الغرب، اختلفوا في نظرتهم لطقس الاعتراف.
 
الاب فيلبس ماهر قال إن الكنيسة القبطية الارثوذكسية تؤمن أن الاعتراف بالخطايا يكون لله على مسمع من الكاهن، ايمانًا بتعاليم الإنجيل :" إنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ" (1يو 1: 9)، في إشارة إلى أن الكنيسة تهتم دائمصا برجال الدين وتداوم على تدريبهم وتثقيلهم بالدورات التدريبية حتى يتمكنوا من ارشاد المعترف، ومرعاة كافة الجوانب النفسية والإيمانية والمجتمعية له.
 
أكد "ماهر" في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن الكهنة يستمعون لكافة الخطايا التي تقل النفس، وتصبح حاجزًا بين الله والفرد، مهما كانت لكنهم لايتذكرون اي خطية ارتكبها الفرد بمجرد انتهاء جلسة الاعتراف، مؤكدًا انه لايجوز لأي كاهن ان يفشي اي سر عن المعترف سواء كان تورطه في جريمة معينة او خيانته لزوجته او غير ذلك، مؤكدًا انه ينصحه بإصلاح غلطته والاعتراف بها للمخطئ في حقه ولا من المستحيل او يوشي به مهما كانت الاسباب.
 
أشار "ماهر" إلى أن الخطايا الجنسية وخطايا العلاقة الحميمة وغير ذلك من الأمور الأشد خصوصية في حياة الفرد لا تُذكر بالتفاصيل كما يظن البعض، خشية من ان يتذكر الفرد كواليس سقطته فيحارب مجددا بها، لكنها تُذكر بشكل عام فيقول المعترف للكاهن انه سقط في خطايا افقدته طهارته، كالعادة السرية ومشاهدة الافلام الاباحية وكافة ما يشبه الأمر، مؤكدًا ان ذلك الأمر يطبق عند اعتراف الفتيات والسيدات حيث انهن يعترف للكنهة الرجال لان الكنيسة لا تعترف بكنهوت المراة وبناء عليه فيعترفن بالخطايا بعنواين عامة دون الخوض في التفاصيل، مع اعلان الندم والرغبة في الخلاص.
 
أوضح "ماهر" انه لايجوز للمسيحي القبطي الارثوذكسي، ان يعترف تحت يد كاهن كاثوليكي او بروتستانتي لان الكنيسة تنظر لجلسة الاعتراف على انها جلسة لغفران الخطية وارشاد المعترف بارشادات ايمانية ولاهوتية لعدم تكرار الخطية التي ارتكبها مجددًا، وفي حالة الخضوع لكاهن غير ارثوذكسي من الممكن ان يعطيه ارشاد يخالف العقيدة.
 
وعن موضع الاعتراف اكد "ماهر" ان الاعتراف غالبًا ما يتم داخل الكنيسة، لكنه لا يمكن ان يتم  الاعتراف في مكان مغلق حيث غالبًا ما تتسم مكاتب الكهنة بالابواب الزجاجية الشفافة، مؤكدًا انه في حالة المرض من الممكن ان يحصل الكهنة على اعترافات المسيحيين في سرائرهم بالمنزل او بالمستشفى، مؤكدًا انه لا يجوز الحصول على الاعتراف في الهاتف كما يدعي البعض.
 
أكد "ماهر" ان الكنيسة الأرثوذكسية بكافة رجالها ورتبها تعترف بطقس الاعتراف حيث أن البابا شخصيا له اب اعتراف يستمع لخطاياه ويقرأ له الحل، في إشارة إلى ان القمص ميخائيل ابراهيم كان اب الاعتراف الخاص بالبابا الراحل شنودة الثالث، وبناء عليه فحتى الكهنة والاساقفة والرهبان يقومون بطقس الاعتراف حتى تغفر بخطاياهم، مؤكدًا ان الاعتراف في الكنيسة الارثوذكسية لا يتقيد بموعد او مكان فيمكن للانيان ان يعترف لله بخطاباه على مسمع الكاهن الذي يقرأ له التحليل ويعطيه الارشاد في اي زمان واي مكان، مؤكدًا أن اي كاهن يمكن ان يصبح ابًا للاعتراف طالما نال نعمة الكهنوت.
 
كان للكنيسة الكاثوليكية رأي مشابه بعض الشئ، حيث قال الواعظ عماد عزت، في تصريح خاص لـ"الفجر"، إن الاعتراف في الكنيسة الكاثوليكية، له 4 ابعاد هامة هما الندم على الخطيئة، والتكفير عنها، والحل الذي يقرأه الكاهن على المعترف، ووجود كاهن في الطقس حيث لا يمكن ان يتمم الطقس شماس او رجل مسيحي عادي.
 
كما أشار  إلى أن الفكرة المكتسبة عن الكنيسة الكاثوليكية، والتي تفيد ان طقس الاعتراف لا يمكن ان يتم بدون وجود "كرسي الاعتراف" والمكون من مقعدين يفصل بينهما ستار حتى لا يرى الكاهن المعترف، لم تعد موجودة بتلك الصورة في الوقت الحالي وتحديدًا من بعد المجمع الفاتيكاني الثاني والذي أُقيم عام 1965، مؤكدًا ان الطقس حاليا ممكن جدًا ان يتم بوجود كرسي الاعتراف او بدونه طالما توافرت الشروط الاربعة المتمثلة في الندامة والتكفير ووجود الكاهن وقراءة الحِل.
 
وأكد أن كرسي الاعتراف موجود بما يقرب من 70 او 80 % من الكنائس الكاثوليكية في مصر وكذلك في العالم أجمع، مؤكدًا أن الكنيسة تسمح للكاثوليك بالاعتراف على يد كاهن ارثوذكسي بشكل طبيعي جدًا طالما لم يتوافر وجود كاهن كاثوليكي بالمنطقة التي يعيش فيها.
 
على النقيض تمامًا، كانت الكنيسة البروتستانتية والمعروفة بإسم الكنيسة الانجيلية، والتي يندرج تحتها عدة كنائس كثيرة تشعبت منها مثل المشيخية والخمسينية والمعمدانية والرسولية وغيرهم، حيث أنه على الرغم من ان المسيحيين البروتستانت يؤمنون بطقس الاعتراف، الا اهم لا يؤمنون بوجوب الاعتراف عند القس، كما هو متبع عند الأرثوذكس والكاثوليك، حيث تنص العقيدة الايمانية انه بناء على انه لا يوجد وسيط بين الفرد والله، فيجب الاعتراف الى الله مباشرة واعلان التوبة اليه مباشرة دون وسيط خلال الصلاة.