غياب الاستثمارات الكبرى والأزمات الاقتصادية وتراجع عائدات البث وهجرة النجوم، كان من الأسباب التي أسقطت الدوري الإيطالي، بعد أن كان أحد أبرز المنافسات في عالم الساحرة المستديرة، وبالرغم من تشابه بعض الأسباب واختلاف الظروف إلا أن الدوري الإسباني قد يتعرض لنفس المصير في حالة عدم تحرك القائمين عليه وأبرز أنديته.

ويعاني قطاع كرة القدم بشكل عام منذ أكثر من عام ونصف على الصعيد الاقتصادي، بعد انتشار جائحة فيروس كورونا في أغلب دول العالم، وغياب الجماهير عن المدرجات وانخفاض عوائد البث التليفزيوني، وهو الأمر الذي لم تنجح معظم الأندية في استيعابه.

ومازالت أندية الدوري الإيطالي تحاول الخروج من الأزمة التي عانت منها قبل ما يقرب من العشر سنوات بسبب قلة الاستثمارات في مجال كرة القدم وتواضع البنية التحتية والملاعب، مما تسبب بمرور الوقت في غياب الفرق عن الصراع الأوروبي وهجرة معظم النجوم إلى دوريات أخرى، قبل أن تبدأ أول علامات التعافي في الظهور على بعض الأندية في الفترة الأخيرة، وهو المصير الذي تخشى أندية الدوري الإسباني التعرض له لعدة أسباب.

رحيل النجوم
سيطرت أندية الدوري الإسباني الأكبر على الواجهة العالمية والقارية على مدار السنوات الماضية، وجذب فريقا ريال مدريد وبرشلونة أبرز الأسماء في عالم الساحرة المستديرة.

وفي ظل تواجد النجمين البرتغالي كريستيانو رونالدو في ريال مدريد والأرجنتيني ليونيل ميسي في صفوف برشلونة، كانت أنظار محبي كرة القدم واهتمام المتابعين للعبة منصباً على الليغا.

ولكن بمرور الوقت، رحل رونالدو عن ريال مدريد متوجهاً إلى يوفنتوس الإيطالي قبل 3 سنوات، وتلاه ميسي الذي لم يجدد تعاقده مع نادي برشلونة بسبب ما أسمتها إدارة الفريق الكاتالوني بـ"المشاكل الاقتصادية والهيكلية" التي تخص رابطة الدوري الإسباني واللعب المالي النظيف.

وبرحيل أبرز نجمين في الليغا وتراجع مستوى الفريقين محلياً وقارياً، قل الاهتمام بالدوري الإسباني، خاصة مع توهج فرق الدوري الإنجليزي وسيطرتها على المشهد القاري، ودخول سان جيرمان الفرنسي بقوة في موسم الانتقالات الصيفية وتعاقده مع عدد من أبرز النجوم، من أجل العودة للصراع على كل الألقاب المتاحة، ليدعم صفوفه بكل من حارس المرمى جيانلويجي بوفون ولاعب الوسط جورجينيو فينالدوم والإسباني سرخيو راموس والمغربي أشرف حكيمي في الدفاع.

أزمة اللعب المالي النظيف
وسيكون من الصعب على أندية الليغا في الفترة الحالية مجاراة فرق البريمييرليغ وسان جيرمان، بسبب قواعد اللعب المالي النظيف الموضوعة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، وهو الأمر الذي تسبب في عدم قدرة برشلونة في الإبقاء على ميسي، أبرز نجومه على الإطلاق، بسبب ارتفاع راتبه وعدم وجود أي طريقة لتغطيته والوصول للتوازن بين العائدات والمصروفات، في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الفريق في العامين الأخيرين.

وعلى العكس مازالت القدرة المالية لأندية الدوري الإنجليزي وخاصة مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتشيلسي بالإضافة إلى سان جيرمان مرتفعة للغاية، في ظل وجود عقود رعاية مرتفعة القيمة تغطي بها الأندية قيمة صفقاتها، وذلك بالإضافة إلى قيمة عائدات البث التليفزيوني التي تعتبر الأعلى على الإطلاق في "البريمييرليغ"، وهو ما فتح الطريق لهذه الأندية لاستقدام أفضل لاعبي العالم على الإطلاق والسيطرة على المشهد الكروي واهتمام متابعي الساحرة المستديرة.

صعود أندية دوريات أخرى للقمة
وعلى خلفية الأسباب المذكورة، تراجع مستوى فرق الدوري الإسباني، وهو ما ظهر الموسم الماضي بوضوح، بعد خروج ريال مدريد دون تحقيق أي لقب، واكتفاء برشلونة بتحقيق لقب كأس ملك إسبانيا فقط، وتعثر الفريقين على الصعيد الأوروبي بعد خروج النادي الكاتالوني من ثمن النهائي على يد باريس سان جيرمان وتوديع الريال المنافسات القارية من نصف النهائي أمام تشيلسي حامل اللقب.

وفي المقابل كان نهائي "التشامبيونز ليغ" الماضي إنجليزياً خالصاً بتأهل "البلوز" ومانشستر سيتي، بينما ضم نهائي الدوري الأوروبي كلاً من فياريال ومانشستر يونايتد الإنجليزي، وكان الفوز من نصيب الأول بركلات الترجيح، وهو ما يبين سيطرة فرق إنجلترا على المشهد الأوروبي.

وتعود آخر مرة قد توج فيها فريق إسباني بدوري أبطال أوروبا إلى موسم 2017-2018، بعد فوز ريال مدريد باللقب على حساب ليفربول الإنجليزي، لتتوزع الألقاب بين أندية ألمانيا وإنجلترا اللقب بواقع لقب لـ"الريدز" وآخر لـ"البلوز" بالإضافة لتتويج بايرن ميونخ الألماني بنسخة الموسم قبل الماضي.

الحلول بين يدي الليغا والأندية الكبرى
وفي حالة رغبة الليغا وأنديتها لتجنب المصير الذي لاقاه "الكالتشو" سيتعين على الكبار التحرك من أجل ضم المزيد من الاستثمارات خلال المواسم القادمة، وأن يزيد التعاون بين رابطة الدوري الإسباني ورئيسها خابيير تيباس وفرق البطولة من أجل إبرام اتفاقيات ترفع من قيمة الليغا وتفتح الباب أمام استعادة الفرق للتوازن المالي وإبرام صفقات جديدة لضم نجوم من أبرز لاعبي العالم.

وقد يزيد الاهتمام بالدوري الإسباني من جديد في حالة نجاح النادي "الملكي" في التعاقد مع النجم الفرنسي الشاب، كيليان مبابي، مهاجم باريس سان جيرمان الذي ارتبط اسمه بالريال على مدار السنوات الماضية.

وهي الصفقة التي قد تتم في الفترة المقبلة، خاصة وإذا تعاقد نادي العاصمة الفرنسية مع ليو ميسي خلال موسم الانتقالات الجاري.

أما برشلونة فسيتعين عليه التعاقد مع نجم جديد يخطف الأضواء ويدعم حظوظ الفريق الكاتالوني في الصراع على أبرز ألقاب الموسم، خاصة أن مهمة تعويض رحيل ميسي على الصعيد الرياضي والاقتصادي ستكون صعبة للغاية، بعد أن رحل أفضل لاعب في العالم مجاناً عن صفوف الفريق.