كيف قدس المصريون النيل واعتنوا به من العصر القديم إلى الإسلامي؟

أخبار مصر

بوابة الفجر


قدماء المصريون قدسوا النيل أيما تقديس، بل جعلوا له آلهة، وجعلوا منه شريان حياتهم، ومبدأها، وإليه ومنه ينتهي كل شئ، كيف تجلت مظاهر ذلك التقديس، هو ما يجيبنا عنه الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار عبر التقرير التالي. 

قال ريحان في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن المصري القديم قدس النيل وظهر ذلك في إيمانه بطهر مياهه، واستخدامها في الطقوس الدينية وغسل المتوفي وكان الاستحمام بمياه  النيل رمزًا لطهارة النفس روحيًا من كل شائبة، إضافة لنظافة الجسد الملموسة، واستمر ذلك في الحضارة القبطية فيما بعد.

عبارات تدل على قدسية نهر النيل 

وأشار إلى نص قديم يقول "من يلوث ماء النيل سوف يصيبه غضب الآلهة" كما أن المصري القديم اعترف في العالم الآخر بما يفيد بأن "عدم منع جريان النيل أحد الحسنات التي يسردها المتوفي كي ينال الجنة"، مثل ما جاء في الفصل ١٢٥ من نص "الخروج إلى النهار (كتاب الموتى)" لم أمنع الماء في موسمه، لم أقم عائقًا (سدًا) أمام الماء المتدفق، وفي نص مشابه على جدران مقبرة "حرخوف" في أسوان عدد صفاته أمام الإله من بينها "أنا لم ألوث ماء النهر.. لم أمنع الفيضان في موسمه.. لم أقم سدًا للماء الجاري.. أعطيت الخبز للجوعى وأعطيت الماء للعطشى". 

معبودات نهر النيل

وارتبطت أسماء معبودات بنهر النيل أشهرهم الإله "حعبي"، الذي يمثل فيضان النيل سنويًا ومصدر الحياة الأولى (بداية الخلق) ومصدر الحياة الأولى للمصري القديم، والإله الخاص بالنيل هو (حعبي أو حابى ) و كان غالبًا يصور بشكل مزدوج في الهيئة والجنس وكانت الفكرة من ذلك أن ماء النيل تعطى الحياه لكل من الذكر  والأنثى. 

نهر النيل في الفن القبطي

وتابع ريحان أن نهر النيل تجسّد بشكل فعلى ورمزى في الفن القبطي، ورتبت الكنيسة صلوات اللقان في ثلاث مناسبات كُنسيّة، وهي عيد الغطاس، وصلوات خميس العهد، وعيد الرسل، وفي تلك المناسبات يوضع اللقان وهو حوض ماء مملوء بمياه النيل، ففي لقان عيد الغطاس يُصلي الكاهن ويقول "نهر جيحون "أي النيل" أملأه من بركاتك؛ بارك إكليل السنة بصلاحك؛ يارب اسمعنا وارحمنا)، إضافة إلى صلوات أسبوع الآلام "البصخة" فلا تنسى الكنيسة الوطن والأرض والنيل.

مكانة نهر النيل في العصر الإسلامي

اهتم حكام مصر في العصر الإسلامي بالحفاظ على جريان نهر النيل وضبطه بما يكفل حياة آمنة للمصريين، فأقاموا السدود والجسور، وأنشأوا مقاييس للنيل، أشهرها مقياس النيل في الروضة واحتفلوا الاحتفالات البهيجة بمواسم الفيضان، وأقاموا النظم لربط سنتهم الهجرية بالسنة الشمسية التي تسير عليها مواعيد فيضان النيل والزراعة. 
 
ودعا الإسلام إلى الحفاظ على الأنهار ومنها نهر النيل، فقد أجمع فقهاء المسلمون أنه لا يجوز البناء على شاطئ النهر للسكنى ولا لغيرها إلا القناطر المحتاج إليها ولا يجوز التعدي على النهر.