طارق الشناوي يكتب: ماذا بعد مكالمة الرئيس؟

الفجر الفني

بوابة الفجر


زرع الوعى كان هو المفتاح الذى استوقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى حوار الكاتب عبدالرحيم كمال مع الإعلامية عزة مصطفى.

الرئيس يتابع الإعلام، وهكذا رأيناه يُدلى برأيه على أكثر من فضائية، يتصل بدون اتفاق مسبق مع أحد، تستطيع ببساطة أن تدرك ذلك من خلال ردود أفعال فريق العمل، والعفوية التى يجرى بها الحوار، بدون استعداد مسبق بأن الرئيس على الخط.

كانت عزة مصطفى فى برنامجها (صالة التحرير)، عبر فضائية (صدى البلد)، قد استضافت الكاتب الدرامى المتميز عبدالرحيم كمال.

الرئيس كان يتابع الحوار الذى تناول من خلاله عبدالرحيم أهمية الوعى، وأشار إلى أن تجديد الخطاب الدينى من الممكن أن تُسهم الدراما فى تحقيقه، تنمية مساحة الإدراك لدى الجمهور رسالة رئيسية، كثيرًا ما تغفل عنها الدراما، إذا تفحصت جيدًا أغلب ما نعانيه من مشاكل ستكتشف أنه غياب ثقافة المعرفة، فى مختلف قضايانا فقدنا أساسًا الشغف بالمعرفة.

أبدى الرئيس فى المكالمة تفهمه لكل ما قاله عبدالرحيم، وأكد له أنه سوف يصبح داعمًا له لاستكمال مشروعه، ووجه إليه الدعوة أيضًا لكى يختار الموهوبين فى مختلف المجالات القادرين على إنجاز هذا المشروع، الرئيس يدرك جيدًا أن (أهل مكة أدرى بشعابها)، ولهذا منح كمال الحرية كاملة لاختيار فريق العمل.

مكالمة الرئيس وحديثه عن أهمية الدراما أشعر أنهما مقدمة لما هو قادم من انتعاشة على مستوى الثقافة والفن بوجه عام، وفى كل المجالات.

المثقفون والمبدعون فى بلادى هم البنية التحتية والاحتياطى الاستراتيجى لهذا الوطن، والكل مدرك أننا بحاجة حقًا إلى نقلة نوعية وفى هذا التوقيت، والرئيس فى الحوار فتح الباب أمام كل المبدعين، من خلال تفهمه لكل التفاصيل.

عبدالرحيم من هؤلاء الذين دافعوا دائمًا عن الحرية، وعند اختياره عضوًا فى لجنة الدراما- قبل نحو أربع سنوات- من خلال المجلس الأعلى للإعلام، رفض كل المحاولات من أجل فرض أى قيود على حرية المبدعين، وفى نهاية الأمر تقدم باستقالته من لجنة الدراما، قبل أن يتم إلغاؤها تمامًا.

لدينا خطوة مضيئة وملهمة بدأها الرئيس، وعلى الكيانات الرسمية والشعبية الثقافية والفنية فى الدولة أن تلتقطها، الرئيس كما هو واضح من حواره داعم لها، أتمنى أن نضع خارطة طريق إبداعية بوجه عام، نحن فعلًا فى أشد الحاجة إليها.

الكل يعلم أن فى المباشرة مقتل الإبداع، والكاتب عبدالرحيم كمال هو واحد من أفضل مبدعى الدراما فى الجيل التالى بعد الكبار أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحفوظ عبدالرحمن، عُرض له فى رمضان الماضى (القاهرة كابول) و(نجيب زاهى زركش)، ودائمًا نجد أفكاره مضمرة فى النسيج الفنى.

من الندرة بين المؤلفين الذين يقدمون أفكارهم بعيدًا عن سطوة النجوم الذين أصبحوا يمتلكون فى أيديهم مقدرات الحياة الفنية، عبدالرحيم وعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الكتاب والمخرجين لايزالون قابضين على الجمر.

أتمنى أن نُمسك بتلك الفرصة التى جاءت تمامًا فى توقيتها، وأكدت عمليًا أن القيادة السياسية حريصة على منح الضوء الأخضر للإبداع بمختلف أنماطه، فهل التقطت الكيانات الفنية فى مصر رسالة الرئيس؟

[email protected]
المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).