طارق الشناوي يكتب:" ما تبسطهاش أكتر من كده"

الفجر الفني

بوابة الفجر




ما هو الدرس المستفاد من حكاية رمضان والدكتوراه الملعونة؟ ستجدها في نداء أطلقه عبدالسلام النابلسي وهو يناجى ربنا فى فيلم (شارع الحب) 1959 قائلًا (ما تبسطهاش أكتر من كده)، بعد أن ألقت زينات صدقى بحلة الملوخية على رأسه، كان منتهى أحلامه مجرد فقط طبق ملوخية، أسرف فى الحلم، فنال جزاؤه.

فى ذلك الزمن، كانت الرقابة مرنة في تقبّل كل الأفكار، وتدرك أين تكمن روح المداعبة، حيث كان يعتلى كرسى هذا الجهاز الحساس أديبنا الكبير نجيب محفوظ، فهو يعلم أن فى هذا الهامش السحرى، تحديدًا تكمن روح مصر.

الآن لو فعلها كاتب أو صورها مخرج وأداها ممثل، لوجدوا أنفسهم جميعًا تحت طائلة قانون ازدراء الأديان، و(العيب فى الذات الإلهية)، ليس هذا هو قطعًا موضوعنا، ولكنه يستحق فعلًا أن يصبح في القريب العاجل موضوعنا.

كان يكفى رمضان طبق ملوخية واحد، ولكنها وسعت منه، وبدأ فى توجيه الشكر للوزراء وكبار المسؤولين فى لبنان، وغير لبنان، وهكذا طالتهم جميعًا الاتهامات بالتواطؤ، حتى إن المركز الألمانى فى بيروت- المانح للشهادة- والذى تبرأت منه فى بيان رسمى الدولة الألمانية، أكمل (المركز) هو أيضًا توجيه الضربات القاتلة لرمضان، وأكد أنه لم يكن يعرف الكثير عن رمضان، طيب (عينى في عينك)، هل لا يوجد (نت) فى لبنان، تكتب اسم رمضان فتعرف كل تفاصيله، (عادتنا ولم نشترها)، وقع رمضان، فكثرت سكاكينه (وفين يوجعك).

المركز كما هو واضح من كل التداعيات السابقة لا يحمل أى مصداقية، لا داخل لبنان أو خارجها، إلا أنه مثل العديد من الجمعيات النى نراها عندنا وتمنح جوائزها لمن يدفع أو يحضر، إحدى الجمعيات المصرية مؤخرًا قررت إقامة حفل لأفضل الأعمال الدرامية فى رمضان، بدأت فى ترشيح النجمات لجائزة أفضل ممثلة، وواحدة تلو الأخرى اعتذرن تباعًا، ولأن الجمعية لا مصداقية لها، فقرروا ترشيح ممثلة قدمت دورا ثانيا، قالوا لها «لو حضرت ح نمنحك جائزة أفضل دور أول»، ووافقت على تلك الصفقة.

الجائزة لمن حضر شعار رأيته فى العديد من الجمعيات والمهرجانات، وهكذا يتم تغيير النتائج، فى اللحظات الأخيرة، ليس هذا فقط، لقد أصابت أيضًا بعض الهيئات الأكاديمية هذه العدوى، عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه التى أتيح لى أن أقرأها أكتشف أن بعض الصحفيين- تحت التمرين- كتبوا تحقيقات صحفية أفضل وأعمق منها، التسيب والمجاملات أصاب عددا من مواقعنا فخرية كانت أم أكاديمية.

لو ألقيت نظرة بانورامية ستكتشف أن الكارثة سببها ليس الدكتوراه، برغم تبرؤ الجميع، ولكن لأن رمضان لم يضبط الجرعة، أحال الحبة إلى قبة، كان عليه أن يكتفى بقدر يسير من البهجة تعامل معها باعتبارها (نوبل)، أراد أن يُخرج لسانه للجميع باعتراف لبنانى وارد ألمانيا لا يأتيه الباطل ولا الشك من بين يديه ولا من خلفه، وجاءته الضربات والتكذيبات من الجميع.

الدرس الذى لا أتصور أن رمضان سوف يتعلمه، ضرورة ضبط الجرعة، فلا يبسطها فى المرات القادمة أكثر مما ينبغى، حتى لا تتلاحق حلل الملوخية فوق رأسه!!.

[email protected]
المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).