أثري يكشف عن نقش يرصد أسرار محاجر الرخام بالصحراء الشرقية

أخبار مصر

بوابة الفجر


كشف الباحث الأثري محمود توني شعبان عن أحد النقوش الأثرية الهامة في وادي الحمّامات بصحراء مصر الشرقية أثناء عمليات المسح الأثري التي قام بها للطرق والدروب البرية هناك في العمل الميداني الخاص برسالة الماجستير التي حصل عليها من كلية الآثار جامعة الفيوم تحت عنوان "خانات الطرق البرية في صحراء مصر الشرقية.. دراسة آثارية حضارية" وكانت تمثل طرقًا ودروبًا برية للقوافل التجارية وقوافل الحجاج في العصر الإسلامي.

ومن ناحيته أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان في تصريحات خاصة للفجر، أن الباحث عثر علي حجر  من الرخام الأسود على طريق الحج والتجارة الجنوبي طريق قفط - القصير يُمثل لوحة تذكارية للعديد من النقوش والكتابات العربية وغيرها، وتتضمن كتابات هذا الحجر العديد من الأسماء والألقاب والتواريخ المتنوعة والكتابات الدينية أبرزها نقش أثري مؤرخ بعام 1293 هـ  يتضمن إسم الخديوي إسماعيل وألقابه واسم حسن أبو طالب الحجار وهذا النقش مكون من أربعة أسطر ومسجل باللغة العربية بخط النسخ الليّن وقد نُفذت كتابات النقش بالحفر الغائر علي الحجر.
وأضاف ريحان أن الباحث قام بدراسة النقش وأهميته والتي كشفت عن أسماء محاجر الرخام ومواقعها وأنواع الرخام بها بصحراء مصر الشرقية وتكلفة القطع والنقل والشحن برسم جامع الرفاعي المواجهة لمسجد السلطان حسن بميدان صلاح الدين بحى الخليفة كما كشف عن إسم شيخ طائفة الحجّارين في القرن التاسع عشر الميلادي الذي شارك في عمارة مسجد الرفاعي ولقب الشيخ حسن أبو طالب "الحجّار" ورحلته إلى صحراء مصر الشرقية وهو ما أغفلته الدراسات الأثرية الحديثة المتخصصة والتي اعتمدت على الوثائق والمصادر التاريخية في دراسة طوائف المعمار في العصر العثماني وحتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في مصر مما يؤكد  أهمية الكتابات والنقوش الأثرية في تعويض النقص وسد الفراغ في المصادر التاريخية  كما أكد ما أورده علي مبارك في خططه عن رحلة الشيخ حسن أبو طالب إلى الصحراء الشرقية وهذا يؤكد على أهمية النقش في مراقبة أقوال المؤرخين وتأكيد وإثبات صحة ما ذكرته المصادر التاريخية.

وأشار الباحث الأثري محمود توني شعبان إلى جزئية هامة بهذا النقش متعلقة بجامع الرفاعى حيث أمرت خوشيار هانم في عام 1286هـ/ 1869م  بشراء أرض مسجد الرفاعي وقامت بتجديد زاوية الرفاعي واشترت الأماكن المجاورة لها  وفي عام 1287هـ/1870م طلبت من  حسين باشا فهمي وكيل ديوان الأشغال العامة وقتئذ بإعداد مشروع لبناء مسجد كبير يٌلحق به مدافن لها ولأسرتها وقبتان للشيخين علي أبي شباك ويحيى الأنصاري
وقد ذكر على مبارك أنه  في عام 1293هـ /1875م كلفت السيدة خوشيار هانم الشيخ حسن أبو طالب ابن متعهد جبل الرخام للخروج إلى الصحراء الشرقية في رحلة استكشاف لمختلف أنواع الرخام التي بجبالها واختبار ما يُوافق المطلوب منة في عمارة جامع الرفاعي. 

واستغرقت رحلته ما یقرب من مائة یوم وقد إصطحب معه خلالها عددًا من أدلاء عرب العبابدة الذين یقطنون هذه الصحراء حتي وصل إلي مشارف ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر، ثم عاد بعد انتهاء رحلته إلى القاهرة وأحضر معه نماذج مختلفة من الرخام الأسود الخالص والمعرّق والأبيض أنواعًا وغير ذلك وقام بتسليمها وقد شاهد علي باشا مبارك هذه النماذج وأُعجب بها وقرر على باشا مبارك  أن يسجل نقلاً عن الشيخ حسن أبو طالب كافة تفاصيل هذه الرحلة ومختلف محطاتها ومعالم الطريق، منذ بدايته من جنوب بياض النصارى ببني سويف وحتى مشارف ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر لبقاء الفائدة، وقد أورد لنا خلال هذا الوصف كثير من أسماء مقالع الرخام ومواضعها التي كانت تقوم باستخراج الأحجار وتقطيعها وشحنها عبر درب المرمر ومحطاته حتى تصل إلى محطة الورشة ببياض العرب بمدينة بني سويف. 

ومنها يتم شحنها عبر النيل إلى القاهرة برسم جامع الرفاعي، وقد ترك لنا الشيخ حسن أبو طالب نقش تذكاري على حجر من الرخام بالقرب من جبل الحمّامات تخليدًا لهذه المناسبة وهو الحجر المكتشف ونصه حضر هنا حسن أبوا طالب الحجار، في 7 ج  سنة   1293 لأجل، رخام لمسجد عزيز مصر إسماعيل، باشا. 

ولفت الدكتور ريحان إلى عدة نتائج مستخلصة من دراسة الباحث لهذا النقش وهى وجود لقب "عزيز مصر" في كتابات النقش الأثري لقبًا للخديوي إسماعيل عام 1293هـ ،وهي ظاهرة جديدة يتفرد بها النقش دون غيره  فلم يظهر هذا اللقب من قبل لقبًا للخديوي إسماعيل في النقوش والكتابات الأثرية أو الوثائق التي ترجع إلى فترة حكمه للبلاد ومن المعروف أن لقب عزيز ذكر أثناء فترة دخول نبى الله يوسف وإخوته إلى مصر في عصر مصر القديمة كما تميز النقش باستخدام رمز القيرمَة في تسجيل التاريخ الهجري بالنقش حيث كانت تلك الإختصارات والرموز تُستخدم فقط في سجلات الروزنامة في مصر في العصر العثماني ولم تظهر في النقوش والكتابات الأثرية وهو ما يُعد ظاهرة فريدة يتفرد بها النقش الأثري.