"أملنا في غزة بعد ربنا".. صديق زكريا الزبيدي المُقرب يكشف رحلة أسرى جلبوع من الهروب حتى التعذيب الشديد (حوار)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


صَفير إشعارات الهاتف النقال لا تتوقف، سرعان ما تحجب، لارتفاع صوت نداءات بالنفير العام صادح من مسجد مُخيّم جنين الفلسطينية شمال الضفة الغربية، عقب ورود أنباء عن تدهور الحالة الصحية للأسير زكريا الزبيدي، بعد تنكيل الشرطة الإسرائيلية به، أصمَّ "أبو شجاع" أذنيه، واستشاط غَضَبا مهرولاً إلى منزل شقيق "التنين الأسود"، تكثف قوات الاحتلال الإسرائيلي انتشارها مع خطواته، كأنهم يتباصران، حتى تَيقَّن من الخبر "فوته على العناية المكثفة هيك اجانا الأخبار من المحامي من كتر التعذيب اغمي عليه.. وطبعا ماعدنا غير الأمل في الله وفي غزة"، إيماءةَ للإعلان في وقت سابق عن الإفراج عن الأسرى الستة الذين تحرّروا من سجن جلبوع، ضمن صفقة تبادل قادمة مع الجانب الإسرائيلي.






صناديد الشباب تخرج بمسيرات واحتجاجات حاشدة تضامنا مع الأسرى وللتحذير من تدهور صحة "الزبيدي"، ما جعل صديق الأسير والأسرة المقرب، يأمل بعدول المُحتل عن تعذيب الأسير والاهتمام بعلاجه، ولكن ما برح يتذكر وضع مستشفى رامبام خلال اعتقاله عام 2007 لمدة ثلاث سنوات "يفوتوك على غرفة أربعة متر في أربعة متر مسكرة من حديد عبارة عن تخت فش أجهزة بينطوك إبرة مسكنة ويضلو سجنين الأسير.. قديش مرضى السرطان بداخل السجون بدون أدوية.. ويلك يا زكريا.. الله يسترها معك"، ظل يردد هذه العبارة ويتلكأُ فِي نُطقها، حتى أوَّى إلى منزله "كل الضفة عايشة بقلق، أول ما تمسك هدول الاتنين ضلينا ندعي وخرجت مظاهرات بالشوارع والناس تطلع وبوجهم اليأس سيطر عليهم.. حتى الأطفال الحزن معلق على وجهم.. كأن حرام نفرح أسبوع بس خمسة أيام"، أعقبها توقف بالحياة لاسيما داخل المخيم- الذي يعد ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية بعد مخيم بلاطة ويسكنه ما يقارب 27 ألف نسمة- إذ أضرب شقيقه الأصغرعن العمل، لعدم قدرته، بسبب الخوف الذي تلبّسهم جميعًا، وشدة التفكير.






ارتطم "الزبيدي"، بصعوبات لا حصر لها، طيلة حياته "عشنا مطاردات كثيرة، وحاول المحتل اغتياله عشر مرات.. قديش مظلوم الزلمة استشهدت والدته وشقيقه طه خلال الاقتحام الكبير لقوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين سنة 2002 .. وجرح بالرصاص نحو سبع مرات شو ضل بجسمه كله رصاص وحروق.. كان يصيع يما بطلت أشوف..وهسة بلش يعد الذل اللي راح يشوفه من وقت اعتقاله من جديد بده يشوف نجوم الظهر فش رحمة ولا إنسانية اللي اتمسك راحت عليه"، يقولها ابن المخيم دون أن يَجفّ له ريق، كاشفًا سر الحبات السوداء الموجودة في عيونه وجبينه "انفقع بوجه صاروخ أنيرجا.. ربنا مش خلقه هيك"، سارِدًا وضع المخيم في السادس من سبتمبر الجاري، وقت سماع نبأ تحرير الأسرى من عبر نفق حفروه من زنزانتهم إلى خارج السجن " حالنا غير العالم كان في فرح أنهم طلعوا حزن وين يروحوا ومين يستقبلهم.. تواصل بينا مفيش.. نوم قلق الواحد بعرفش مصير أخوه فين"، ناقلاً حال نجل "الزبيدي" محمد البالغ من العمر (13 عامًا)، والذي يفطن لما يتعرض له والده، جفَّ كلام المُلقب بـ"أبو شجاع"، واستبسل  شجاعة أطفال فلسطين في وجه عدوهم.






بلغت العِلة أوْجهَا، ولكن لن تضعف عزيمة الأسرى بعدما تمكن شرطة الاحتلال من الوصول للأسيران يعقوب قادري، وحمود عارضة - أقدم المعتقلين الستة، وتُقدمه وسائل الإعلام على أنه المخطّط للعملية- مساء الجمعة المنصرمة قرب مدينة الناصرة، وفي فجر السبت الفائت، كذلك وقع محمد عارضة، وزكريا الزبيدي-الذي عرف بِإيثارهِ، لذا من الصعب يطلب من أحد مساعدته، خوفًا عليهم من الضرر- في قبضة الأمن في موقف للشاحنات في قرية أم الغنم بالقرب من جبل الطور.






تسلسلت الأوضاع خارج المعتقل بشكل سريع، لكن مرت ساعات الاعتقال موجعة على الجميع، لاسيما مع تعرض الأسرى الأربعة إلى التعذيب الشديد، وفرض عزل مضاعف بحقهم، ومداهمة منازل الأسيرين المطاردين أيهم كممجي ومناضل نفيعات، كما اعتقلت عددًا من أقارب الأول. بنبرة تقطر بالحكمة تساءَل "أبو الشجاع"، هل هناك عقل أن يعتقل الأسير "الزبيدي" وبعد عامًا ونصف تقول له قوات الاحتلال الإسرائيلي أن عقب (15 عامًا) سنتحدث في موضوعك ونبحث عن مصيرك "المحكمة مهزلة واحد محكوم عليه مدى الحياة تمده 9 أيام طيب منا كده كده ميت".