د.حماد عبدالله يكتب: "الأب والإبن والروح القدس" !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



ما زالت هذه الثلاثية المقدسة لدى " المسيحيين" وما قبلها من أساطير فرعونية مثل "إيزيس وأوزوريس وحورس" وما قبل ذلك وبعده أيضاً وهي "الأرض والإنسان والسماء" وتلك الفاتحة "بسم الله – الرحمن – الرحيم" هذه الثلاثيات المقدسة لدى المصريين "أقباطهم" من مسيحيين ومسلمين .
 هذه الثلاثيات هي التي عاشت وتعيش حتى الأن في وجدان المصريين مع إختلاف عقائدهم الدينية والروحية ولعل المثلث في حياتنا وأدبنا الشعبي له من الأثار المستمرة في عمق التاريخ المصري القديم حيث المثلث بجانب أنه يعبر عن الثلاثيات المذكورة في بداية هذا المقال , إلا أنه أيضاً يستخدم كرمز شعبي في واجهات المباني في الريف المصري , حيث نجد المثلث يعلو (كنار) المنازل كما يحلوا للبعض وضعه على مداخل البيوت , مع تعديل في تكوينه حيث يتم حفره في واجهة البيت الريفي لكي تضع فيه ربة البيت (لمبة الجاز) والأن توضع فيه (لمبة الكهرباء) لإضاءة مدخل البيت وخاصة عند خروج "رجال البيت" إلى صلاة الفجر والعودة (الريف المصري) !!
كما أن الزخارف التي وضعتها المرأة المصرية سواء في الواحات الغربية أو سيناء أو حتى بعض قرى مصر في الجنوب سوف نجد عنصر المثلث غالب في تلك الزخارف المرصع بها (الثوب) الذي أسميناه في الأدب الشعبي بأسماء مختلفة طبقاً لإستخدامه لدى المرأة في تلك البيئات المصرية الفريدة .


فهذا ثوب للمناسبات يسمى (ثوب شيل) وهذا ثوب للتسوق والخروج يسمى "ثوب الدحريج" وأخر للإستخدام داخل المنزل , ويسمى "ثوب الترميمة" ويتميز الأخير بقلة زخارفه ونجد أن المثلث أيضاً , حينما نضعه في وضع رأسي أي قاعدته لأسفل فهو يمثل إشارة إلى شعله لأعلى , وإذا عكسنا وضعه فهو يمثل سقوط المياه لأسفل أي النار وعكسها المياه في شكل واحد .
أي الشيىء وضده وهذه دلاله أخرى للمثلث حيث إستخدمه القدماء في تقاليد قديمة وهو ما يعرف "بالحجاب" أي "المانع للشر" أو "الجالب للخير" حيث يعد الحجاب على شكل مثلث من الورق المطوي على بعضه والحافظ لأيات قرأنية معينة , أو بعض أجزاء من "الإنجيل" وفي الغالب هذه عادة يهودية قديمة إستخدمت أيضاً بكتابات من "التوراة" , وتشكيل هذه الكتابات على الورق على شكل مثلث وهو ما عرفناه بإسم "الحجاب" , وتجليده بقطعة من القماش أو من الجلد (للماعز) , ثم ربطه في أماكن معينة من الجسم , وهو عادة ما تستخدمه المرأة (قديماً) وفي الأرياف لجلب الخير أو طرد الشر أو منع الزوج من الزواج الثاني ولعل "الحجاب" أيضاً قد سجل عنه كتاب من علماء الحملة الفرنسية مثل "جان دي شايرول" و "مونييه" – حيث وجد المصريون يعدون الحجاب لدرء الشر ويضعونه تحت الوسائد في الأسِرَّة , لطرد الشياطين وحماية صاحبه من الأحلام السيئة أثناء النوم.
وهذه الثلاثية المقدسة ما زالت تحكم علاقتنا في مصر , حتى اليوم !!