مسار العملية السياسية حول سوريا والسيناريوهات المحتملة

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


تجمع مدينة سوتشي الروسية غدًا، الأربعاء، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب أردوغان مع مصالحهما المتعارضة وفي أعقاب التوترات العسكرية والتصعيد الروسي الأخير بشمال غرب سوريا في ضوء ذلك خبراء يوضحون " للفجر" مسار العملية السياسية حول سوريا والسيناريوهات المحتملة.

أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري ينسكوف، أمس الإثنين، أنه بعد أسبوعين قضاها الرئيس بوتين في العزل الذاتي ورغم انعقاد غالبية اجتماعاته الأخرى عبر روابط الفيديو إلا أن الرئيس بوتين يلتقي بنظيره التركي أروغان غدًا الأربعاء في سوتشي المطلة على البحر الأسود.

وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، دخل بوتين العزل الذاتي بعد اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا بين موظفيه قبل أسبوعين.
وأوضحت: الرئيس الروسي، البالغ ٦٨ عامًا، كان تلقى لقاح سبوتنيك الروسي الصنع وهو الآن يتمتع بصحة ممتازة لكن من غير المقرر إجراء اجتماعات شخصيه أخرى كإجراء احترازي.

في هذا الصدد يقول طارق فهمي، الخبير في العلاقات الدولية، إن لقاء الرئيس الروسي مع نظيره التركي أمر هام بشأن الإتفاق على قضية التصعيد شمال غرب سوريا، فالطيران الروسي كان وجه للمليشيات الإرهابية الموالية لتركيا ضربات متتالية، ومن المعلوم منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا أن تركيا تدعم مليشيات إرهابية وفصائل المعارضة للحد من نفوذ روسيا في المنطقة لكن الجيش الروسي نجح في التصدي لهذه للفصائل في المنطقتين غرب وشمال سوريا.

ماذا يريد أردوغان:
وأضاف فهمي في تصريحات خاصة " للفجر"، يريد أردوغان من روسيا تخفيف الضغط على الميليشيات الموالية له لكن في الإجتماع المقرر غدًا الوضع حرج حيث تأتي قمة سوتشي في مرحله صعبه وهي ما وصفها أردوغان نفسه خلال حديثه مع بايدن الرئيس الأمريكي الثنائية المخيبة للأمال، كما انتقد الدعم الأمريكي المستمر للجماعات الكردية المسلحة بسوريا بقوله أنها تزيد توتر العلاقات الروسية التركية إلى أبعد من وضعها الحالي بكثير وأكد التزامه على شراء منظومة الصواريخ تريموف اس_٤٠٠ واعتزامه على استيراد منظومة اس_٤٠٠ بنهاية ديسمبر ٢٠٢١.

وتابع الخبير في الشؤون السياسية، يمكن أن تحدث مقايضة بين الدولتين الروسية والتركية والأسباب السابقة تجعل من غير المتوقع أن يتوصل الطرفين الى أي نوع من التسوية وسيظل الأمر متوترًا بعض الشيء نظرًا للمصالح التركية والروسية المتعارضة تمامًا وحجم الصراعات الواقعة في المنطقتين غرب وشمال سوريا

واستطرد قائلًا، إلى جانب أزمة سوريا هناك أجندة من القضايا ستتم مناقشتها غدًا على طاولة سوتشي فتركيا لا تزال غير معترفة بضم روسيا لشبه جزيرة القرم منذ ٢٠١٤ وهو ما صرح به أردوغان خلال خطابه مع الأمم المتحدة بقوله نعتزم الدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

الوصول إلى اتفاق أمر مستبعد:
من جانبه قال أيمن سمير، الخبير في الشؤون السياسية، من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق بين تركيا وروسيا حول الأوضاع في سوريا، فكل من تركيا وروسيا تدعمان فريقًا مختلفًا في الوقت التي تدعم فيه روسيا الحكومة السورية وتعمل على مكافحة الإرهاب تحاول تركيا بكل ما تملك دعم الإرهاب في شمال غرب سوريا تحديدًا في المنطقة إدلب ومناطق شرق الفرات.

وأضاف أيمن في تصريحات خاصة " للفجر"، المتوقع فقط أن يكون هناك تبريد للصراع ولن يكون هناك حلولا جذريه بمعنى أن الدولتين أمام حلقه من حلقات إدارة الصراع وليس إنهاءه

وأردف أيمن، فالفترة الماضية شهدت توترا كبيرا في إدلب حيث ساعدت تركيا الجماعات الإرهابية في إطلاق طائرات مسيره بدون طيار تجاه قاعده حميميم الروسية، وتتهم تركيا روسيا بأنها دعمت الحكومة السورية لقتل عدد كبير من الموالين لها في شمال غرب سوريا

وتابع الخبير في الشؤون السياسية، هناك خلافات حادة بين الدولتين في ملفات أخرى فكلاهما يدعمان طرفان مختلفان في نجران وكرباچ فتركيا تدعم أذربيجان في حين تدعم روسيا أرمينيا، بالإضافة إلى قضية القرم المهمة لروسيا فتركيا لا تعترف بها ولم تعترف بنتائج الإنتخابات التي جرت مؤخرًا في مجلس الدوما بما فيها شبه جزيره القرم.

علاوةً على ذلك الخلافات المتأججة حول مضيقي البسفور والدردنيل ومساعي الدولة التركية في أن يكون لها قناة جديدة وهي قناة اسطنبول الجديدة كبديل لاتفاقيه منتور الموقعة ١٩٣٦ والتي تحدد كيفيه المرور وأحقية الدفع للسفن المارة خلال هذين المضيقين.

واختتم سمير تصريحاته قائلًا، لا يمكن أن تدعم تركيا أي دور إيجابي من شأنه تهدئه الأوضاع في سوريا حيث تعتبر السيطرة على شمال سوريا وشمال شرقها تكرار للنموذج القبرصي، فهي ترسل قوات وتضع مليشيات محليه حتى تثبت هذا الوضع الذي حدث في شمال قبرص منذ ١٩٧٠ ويستمر حتى الآن.

فجاعة الوضع في سوريا:

ومن ناحية أخرى يعلق الدكتور أيمن نصري، رئيس المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان بچنيف، على وضع الصراعات في سوريا قائلًا، مؤخرًا أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت أنَّ ٣٥٠٢٠٩ أشخاص تم تحديد هويتهم أنهم قتلوا على خلفية النزاع في سوريا بين مارس ٢٠١١ ومارس ٢٠٢١ بينهم ٢٦٧٢٧ امرأة و٢٧١٢٦ طفلًا.

مشير إلى أنه تم تسجيل أكبر عدد لعمليات القتل في محافظة حلب تليها محافظة ريف دمشق ثم حمص ثم إدلب فحماة. وذلك في مداخلة شفهية أمام مجلس حقوق الإنسان ضمن اجتماعات الدورة الثامنة والأربعين للمجلس في جنيف الجمعة ٢٤ سبتمبر تحت البند الثاني وعنوانه التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان


وأضاف الحقوقي في تصريحات خاصة "للفجر"، للأسف الشديد برغم المجهود المبذول من المنظمات الحقوقية والمجلس الدولي وأعضاءه ال٤٧ إلا أنه هناك صعوبات كبيرة تجعل الوصول إلي حجم التجاوزات والانتهاكات الحقيقية أمر شديد الصعوبة.

نتيجة لعدم استقرار الأوضاع الأمنية بسب الصراع المسلح والذي يجعل مهمة الرصد والتوثيق أمر شديد الخطورة على الأفراد والمؤسسات العاملة في المجال الحقوقي بشكل عام

وتحرص الأطراف المتنازعة على السلطة على التعتيم وعرقلة عمل منظمات المجتمع المدني ولجان الرصد والتحقيق الدولية ورفضهم توفير الحماية والأمن لهم في أماكن الصراع المسلح حتي لا يتم الكشف عن حجم التجاوزات والانتهاكات الجسيمة التي تحدث وهو الأمر الذي يجعل التقارير الحقوقية الصادرة عن المنظمات الحقوقية والمنظومة الدولية محل شك كبير لأنها لا تمثل إلا من ٤٠ إلي ٥٠٪؜ من حجم التجاوزات والمعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوري من العام ٢٠١١ بشكل خاص أو أي منطقة أخرى تواجه نفس الظروف كاليمن وليبيا.