متحف الحضارة.. انتقادات لسيناريو العرض والأسعار وتعيينات تثير التساؤل

أخبار مصر

متحف الحضارة
متحف الحضارة


يُعد المتحف القومي للحضارة المصرية أحد أهم المتاحف التي تم افتتاحها في مصر مؤخرًا خصيصًا بعدما ارتبط اسمه بموكب المومياوات الملكية، الذي حقق انتشارًا اسطوريًا على المستويين الإقليمي والعالمي، والذي استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في متحف الحضارة ليعلن أن التراث المصري والآثار المصري في مقدمة اهتمامات القيادة السياسية للبلاد.


دعمًا غير مسبوق من القيادة السياسية
المراقب الجيد لما يحدث على الساحة الأثرية في مصر، سنجد أن هناك دعمًا غير مسبوقًا من القيادة السياسية سواءً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي افتتح بنفسه عدة مشروعات أثرية هامة كمتحف الفن الإسلامي، ومتحف سوهاج، ومتحف الحضارة، وكذلك تفقده لبعض المشروعات الأثرية وخصيصًا المتحف المصري الكبير، وكذا لم يتأخر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عن الحضور في عدة فعاليات اثرية هامة، كان أبرزها افتتاح مقابر ذراع أبو النجا، وافتتاح متحف الغردقة الأثري.


القاعة المؤقتة
صرحت عدة مصادر من داخل وزارة السياحة والآثار في تصريحات إلى الفجر، أن هناك سلبيات في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط يجب الوقوف عندها ومحاولة تلافيها، فقد كشفت وزارة السياحة والآثار في بيانات رسمية لها أن قاعة العرض المؤقت سيتم تحويلها إلى متحفًا للنسيج المصري، أو قاعة تختص بكل ما يخص النسيج المصري منذ القدم وحتى العصر الحديث، وبالفعل تم نقل محتويات متحف النسيج المصري إلى هذه القاعة.

وتابعت المصادر، أن القاعة التي تكلفت قبل ذلك عدة ملايين في التأسيس كي تكون قاعة عرض مؤقت وتم افتتاحها في عام 2018 م، يتم حاليًا إعادة تأسيسها مرة أخرى وتجهيزها، ولم تعلن الوزارة حتى الآن عن موعد افتتاح القاعة ولا تكلفتها الجديدة.


العرض المتحفي
قال أحد المتخصصين في العرض المتحفي أن المتحف القومي للحضارة المصرية به أفضل قاعة لعرض المومياوات في العالم، وأجمع كل من زار المتحف أن تلك القاعة هي الأجمل، بل أصبحت هي هدف الزيارة الأساسي للكثيرين، حيث جاء أسلوب العرض فيها متوافقًا تمامًا مع نوع الآثار المعروضة، إذ جاءت علي شكل مقبرة مصرية قديمة، والإضاءة مناسبة لطبيعة الآثر، وأسلوب الزيارة نفسه يوفر القدسية والاحترام الكامل لأجدادنا، حيث أن الزائر يشعر بالفعل وهو داخل القاعة أنه بمقبرة مصرية قديمة.

أما أغلب الانتقاد فقد انصب على القاعة الكبرى أو الرئيسية أو المركزية، ورغم أن الجهد المبذول في تلك القاعة واضح للغاية من الأثريين والمرممين سواء من هيئة المتحف أو من خارجها، حيث قاموا بترميم القطع الأثرية وصيانتها وتأهيلها للعرض المتحفي، والقطع المختارة رائعة بالفعل ومتعة مشاهدتها لا يدانيها متعة أخرى، وهو ما ينبئ بمجهودهم الذي تواصل فيه الليل مع النهار لإنجاز هذا العمل المبهر من ناحية الترميم والصيانة.

أما ترتيب القطع والمعروف علميًا بـ "سيناريو العرض المتحفي"، فهو الذي لاقى الكثير من النقد من مختلف الفئات سواء الأثريين من داخل الوزارة أو خارجها، وكذلك المهتمين بالتراث، وكذلك الزائرين.

ورفض أصحاب تلك الانتقادات إعلان أسمائهم تحرجًا حتى لا يظن أحدًا أنهم يبخسون جهد زملائهم العاملين في المتحف، حسب قولهم، وكان التركيز في تصريحاتهم أن المتحف كان في البدء 4 قاعات، ولكي يتم افتتاح قاعة واحدة فقد تم ترتيب القطع بشكل دائري "1500" قطعة أثرية متسلسلة حسب العصور، دون فواصل واضحة، مما يجعل الزائر ينتقل من عصر إلى عصر وهو لا يدرك جيدً أين هو إلا لو كان معه مرشدًا يشرح له القطع.


آراء الزوار وأسعار التذاكر
كما كشف العديد من زوار المتحف أن زيارة القاعة المركزية مرهقة وتحتاج لعدد أصغر لأن الأصوات تتداخل، وقد وفرت إدارة المتحف سماعات شخصية لكل مجموعة بحيث يستمعون مباشرة لصوت المرشد السياحي، ولكن هناك شكوى أخرى أن إيجار السماعة مرتفع الثمن حيث يبلغ تكلفة استخدام السماعة الواحدة 30 جنيهًا.

تذكرة دخول المتحف
وشدد الزائرون على نقطة أخرى، أن تذكرة دخول المتحف مرتفعة الثمن، وهذا النقد لم يصدر من فئة واحدة من الزائرين بل من عدة مستويات اجتماعية، كان أبرزها أسرة مصرية أمريكية جاءت إلى البلاد في زيارة سريعة، وقالوا إن المتحف أغلى من متاحف أوروبية، فرددت عليهم بأن المتاحف بأوروبا وأمريكا باليورو والدولار، فقالوا المسألة لايتم حسابها بهذه الطريقة، فقيمة كل عملة داخل بلادها تساوي أي عملة أخرى، والمتحف يتكلف للفرد الواحد ما يقرب من 100 جنيه بإيجار السماعات وانتظار السيارات، وهذه تكلفة مرتفعة بالنسبة للعملة المصرية داخل مصر.

العنصر البشري في المتحف
العاملون في المتحف القومي للحضارة المصرية على اختلاف تخصصاتهم سواء آثار أو ترميم أو بحث علمي، يستحقون التقدير خاصة بعد ما بذلوه من جهد في إنجاح موكب المومياوات الملكية وخروجه بهذه الصورة المشرفة كما خططت له ونفذته أجهزة الدولة المختلفة بتوجيهات القيادة السياسية، ولكنهم لم ينالوا هذا التقدير حسب قولهم وسنسرد ذلك خلال الأسطر التالية.


وحسب مصادر من داخل المتحف القومي للحضارة المصرية، فإن أغلب من شاركوا من المتحف بمختلف تخصصاتهم في موكب المومياوات الملكية بجميع مراحله لم يحصلوا علي المكافأة التي حصل عليها البعض، فالجميع كما هو واضح عمل بجهد كبير وبجد لإنجاز هذا العمل على الوجه الأكمل، وهم يستحقون مكافأة تشعرهم بقدرهم وقيمتهم، وهو مالم يحدث مع الأغلبية حسب تصريحاتهم.

مشاكل في ترقيات العاملين
وتزايدت حالة الاستياء بين عدد غير قليل من العاملين في المتحف لسبب آخر، وقد تم عقد عدة اجتماعات مع إدارة المتحف وتقديم عدة شكاوى للإدارة بهذا الشأن، وهو أنه لم يحصل من يستحق على الموقع الذي يناسبه علميًا وإداريًا، حيث ترقى الأقل علميًا فوق الأعلى والأكثر خبرة، وخصيصًا بعد خلو منصبي المسئولين عن الآثار والترميم، لخروج أحدهما على المعاش، وترقية الآخر لمنصب في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للآثار.

وحسب ما أمدتنا به المصادر من تفاصيل ومعلومات فلم تتم مراعاة الدرجات العلمية والوظيفية في الترقي، حيث قالوا "إن الهيكل الإداري لمتحف الحضارة لم يتم الإعلان عنه حتى الآن رغم وصوله للمتحف، وهذا الهيكل يقتضي أن يكون لكل منصب خبرات ومؤهلات ومواصفات لا بد من توافرها في من يتولى الوظيفة، وهي مواصفات علمية وعملية ونشر علمي لعدة أبحاث، ولم تتم مراعاة تلك الاشتراطات في التغييرات التي تمت بالمتحف مؤخرًا، خاصة في الدرجات الوظيفية التي تتطلب مراعاة شروطًا مهمة وخبرات مطلوبة لم تتم مراعاتها حسب ما أفادت به المصادر.

تعيينات تثير التساؤل
واقعة أخيرة تتعلق ببعض التعيينات التي تمت في المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط، لتخصصات بعيدة عن الآثار والترميم، حيث كشفت المصادر أن هناك تعيينات تمت بعقود أجرها تراوح ما بين السبعة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه في الشهر كراتب، وهو ما آثار حفيظة العاملين بالمتحف، حيث لا يحصل أغلبهم على نصف هذه المبالغ كرواتب، وعدد من تم تعيينهم بنظام التعاقد على هذه الأجور حوالي عشرة عاملين، والرقم مرشح للزيادة الفترة المقبلة بتعيين آخرين، وقررت إدارة المتحف إجراء مسابقة إجراء مسابقة لهذا التعيينات حسب قول المصادر حتى لا يثيروا حفيظة العاملين بالمتحف.