الدكتورة غادة لبيب تكتب: الرصاصة لا تزال في جيبي

مقالات الرأي

بوابة الفجر


في مثل هذه الأيام أبحث على شاشات التليفزيون عن "محمد" المجند في الجيش المصري العائد من نكسة ١٩٦٧، ونفسيته غاية في سوء من مرار الأحداث وبشاعتها، "الفنان محمود ياسين" بطل فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي"، والذي جسد الشخصية ببراعة فائقة خلال ٦ سنوات تحول فيها الضعف والانكسار وهزيمة النفس إلى شموخ وقوة ونصر في أكتوبر ١٩٧٣. 

أبحث عن الفيلم على الفضائيات ولو لم أجده أشاهده على الإنترنت في مثل هذه الأيام من كل عام.. "السلاح هو اللي بيتكلم" عبارة قالها المجند محمد ولكنها تحمل الكثير من المعاني؛ فالذي يملك السلاح يملك القوة وكلمته مسموعة ومنفذة مادام من أرباب القوى العالمية.

للأسف افتقدنا مع التطور التكنولوجي اصطفاف الأسرة المصرية حول التليفزيون لمشاهدة فيلم في وقت واحد إلا نادراً كما يحدث خلال مسلسلات رمضان مثلًا، هذه النوعية من الدراما مهمة جداً لأبناء هذا الجيل وللأجيال القادمة، للأسف أبنائي لم يشاهدوا هذا الفيلم ولكن شاهدوا فيلم "الممر". 

وسعدت بيقظة القائمين على أمر الدراما المصرية فهم على دراية كبيرة بأهمية توثيق هذه الحقبة الزمانية المهمة في تاريخ الأمة، فالأدب بصفة عامة والدراما بصفة خاصة سجل يحفظ تاريخنا ويجعل أبناءنا يحفظونه ويبث في الأبناء روح الانتماء. 

في شهر أكتوبر من كل عام أبحث عن تلك الأعمال التي خلدت النصر، فأجد ثمة توافقاً بين هذا النصر وبدء العام الدراسي؛ فهو يبدأ كل عام في أوائل شهر أكتوبر شهر "النصر"، وقناعتي منذ طفولتي أنها ليست مصادفة فالنصر والعلم- السلاح والعلم- "الرصاصة لا تزال في جيبي" يقظة واستعداد "علم"، و"اللي متعلم كلمته مسموعة" إذا صنع من علمه ممحاة تمحو ظلمات التخلف، وإذا صنع بعلمه أجنحة يطير بها نحو التحضر وإثبات وجوده بين الآخرين. 

هذا بالفعل كان العائد من القوة والعلم في حرب أكتوبر المجيدة؛ فبالعلم والقوة استطاع الجيش المصري القوي أن يحطم خطاً لم يتصور أحد أن يقدر عليه بشر... سبحان الله تحقق النصر واستردت مصر وسائر البلاد العربية كرامتها وقوتها ومكانتها، فقد تغيرت نظرة العالم إلى الأمة العربية بل وإلى لغتها؛ ففي عام النصر ١٩٧٣ وبعد الحرب المجيدة بشهرين صدر القرار رقم 3190 من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ١٨ ديسمبر خلال انعقاد الدورة ١٩٠ للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو لينص على أن تكون اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. 

حقاً هذا هو النصر الحقيقي والعبور المشرف.... فنحن لم نعبر قناة فقط وإنما عبرنا سنوات من الظلام وأجبرنا العالم على النظرة إلينا باحترام، فعلاً تحيا مصر التي انتصرت ثم بدأت في البناء، والحمد لله الذي أنعم علينا في هذه الآونة برجال يجمعون بين العلم والقوة، فولدت من القوة السلام، وبالعلم بدأت تدفع عجلة التقدم إلى الأمام، فمصر الآن تلبس ثوباً جديداً ينم عن تطور في جميع المجالات في جمهورية جديدة تحت قيادة رئيس وطني مخلص لا ينام من أجل تحقيق ما كان سابقاً من الأحلام. 

شكرًا جيشنا الباسل تحت قيادة زعيمنا الحر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي فـ"العفي محدش يأكل لقمته".