كتاب أمريكى جديد يكشف كواليس الأيام الأخيرة من حكم ترامب

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


أخطر الفترات فى تاريخ الولايات المتحدة.. وخطة الرئيس السابق للانقلاب على الدستور

تعتبر المرحلة الانتقالية من ولاية الرئيس دونالد ترامب إلى الرئيس جو بايدن، أحد أخطر الفترات فى التاريخ الأمريكى، وكما كشف الكاتب الأمريكى الشهير بوب وودوارد، والمراسل الصحفى روبرت كوستا فى كتابهما الأخير «خطر»، الصادر هذا الشهر، كان الأمر أكثر بكثير من مجرد أزمة سياسية داخلية.

أجرى وودوارد وكوستا مقابلات مع أكثر من ٢٠٠ شخص، وسط الاضطرابات الأخيرة التى شهدتها إدارة ترامب، ليقدم الكتاب فى النهاية صورة كاملة التفاصيل لأمة على حافة الهاوية، كما تشير مقدمة الكتاب.

يأخذ الكتاب القراء إلى أعماق بيت ترامب الأبيض، وبيت بايدن الأبيض، وحملة ٢٠٢٠ الرئاسية، والبنتاجون، والكونجرس، من خلال شهادات حية وشهود عيان لما حدث بالفعل، ويتضمن كتاب «خطر» مجموعة من الوثائق السرية ونسخ من المكالمات السرية، واليوميات، ورسائل البريد الإلكترونى، وملاحظات الاجتماعات، وغيرها من السجلات الشخصية والحكومية، مما يجعله بمثابة رصد تاريخى لا مثيل له.

ويكشف الكتاب التفاصيل غير العادية لنهاية ولاية رئاسية وبداية أخرى، ويمثل تتويجًا لثلاثية بوب وودوارد حول رئاسة ترامب، جنبا إلى جنب مع كتاب «الخوف» وكتاب «الغضب».

انقلاب المهرجين

قبل نوفمبر، كان يُنظر إلى النظريات القائلة بأن الرئيس الأمريكى السابق كان يخطط لانقلاب على نتائج الانتخابات، على أنها حلم مختل لليبراليين المجانين، ولكن كما اتضح وضع ترامب ومستشاروه خططاً واضحة للانقلاب على نتائج الانتخابات، كما يكشف كتاب «خطر».

فى العام الماضى، كتب جون إيستمان، الذى وصفته سى إن إن، بأنه محام يعمل مع الفريق القانونى لدونالد ترامب، مذكرة غير معقولة توضح كيف يمكن لنائب الرئيس مايك بنس، أن يقلب انتخابات عام ٢٠٢٠، ووفقا للمذكرة قد يرفض بنس التصديق على النتائج فى ولايات معينة، مما يمنح ترامب أصواتًا انتخابية أكثر من بايدن، وبالتالى يعلن بنس فوز ترامب.

ومن الواضح أن بنس أخذ الفكرة على محمل الجد، ووفقا لـ «وودوارد» و«كوستا» كان على نائب الرئيس السابق دان كويل، أن يقنعه باستحالة تنفيذ هذه الفكرة.

وتكشف هذه المعلومات عن حقيقة مؤلمة، وهى أن الرئيس الأمريكى ونائبه فكروا فى خطة من أجل البقاء فى السلطة على نحو يتعارض مع نتائج الانتخابات، وحسب الكتاب تكشف هذه الخطة نية ومخططًا معقدًا لقلب وسرقة الانتخابات بشكل غير قانونى وغير دستورى من قبل ترامب وفريقه، بناء على معلومات خاطئة ومضللة.

كما يكشف الكتاب أنه بعد إعلان فوز بايدن فى الانتخابات الرئاسية، ورد أن ويليام بار، النائب العام الأمريكى، زار ترامب فى البيت الأبيض فى أواخر نوفمبر الماضى، كى يواسيه بعد هزيمته أمام جو بايدن الرئيس الحالى للولايات المتحدة، كان بار يريد أن يحث ترامب على الاستفادة من القاعدة الانتخابية التى يمتلكها، ويعمل على استثمارها من أجل المستقبل، لكن ترامب رفض الاعتراف بالنتيجة وأصر على أنه «انتصر».

قال ترامب لـ بار: «لقد فزنا بالكثير، كما تعلم أنه احتيال، لا يمكننا السماح لهم بالإفلات من هذا».. وأكد ترامب لبار أن هناك محاولات لتزوير نتائج الانتخابات.

كان بار قد طلب من المحامين الأمريكيين فى خمس ولايات حيث كانت الأرقام متقاربة - أريزونا وويسكونسن وميشيحان وجورجيا وبنسلفانيا - متابعة العملية الانتخابية عن كثب، والتأكد من نزاهتها، وأكد المحامى العام لترامب سلامة العملية الانتخابية، لكن ترامب رفض مرة أخرى الحقائق التى قدمها له بار.

وبحسب الكتاب حاول الأخير أن ينقل للرئيس السابق أنه يجب عليه أن يتحكم فى نفسه، وبعد فترة وجيزة من تلك المحادثة مع ترامب سأل بار كلاً من جاريد كوشنر، كبير مستشارى ترامب وزوج ابنته، ومارك ميدوز، رئيس موظفى البيت الأبيض آنذاك: إلى متى سيستمر هذا؟ واصفا ترامب بأنه «يخرج عن السيطرة».

وفى وقت لاحق، عندما أخبر بار أحد المراسلين أن وزارة العدل لم تعثر على دليل بشأن تزوير الانتخابات، التقى ترامب به فى غرفة الطعام الخاصة به فى أوائل ديسمبر، حيث واجهه بشأن رده وفقا للكتاب، وبحسب ما ورد قال ترامب لبار: «لا بد أنك قلت ذلك لأنك تكره ترامب، يجب أن تكون تكره حقا ترامب».

وبعد أن أكد بار للرئيس أنه لا «يكرهه»، هاجم فريق ترامب القانوني- المؤلف من رودى جوليانى، وسيدنى باول.

وحسب الكتاب قال بار لترامب إنه إذا كان يريد حقاً إثبات عدم نزاهة الانتخابات، فكان يتعين عليه الاستعانة بفريق قانونى محنك، قادر على رصد الوقائع وجمع الأدلة، وتقديم الوثائق التى تكشف التلاعب، وأضاف بار: «بدلا من ذلك قمت بقيادة عربة مهرج، وفريقك كان عبارة عن مجموعة من المهرجين»، واستقال بار فى وقت لاحق من ذلك الشهر.

جدير بالذكر أنه منذ أن ترك الرئيس رونالد ريجان مذكرة مكتوبة بخط اليد للرئيس القادم جورج إتش دبليو بوش فى يناير ١٩٨٩، أصبح قيام الرئيس الأمريكى بكتابة رسالة لخليفته تقليدًا يضفى طابعًا شخصيًا على النقل السلمى للسلطة فى النظام الأمريكى، لكن هذا التقليد كاد أن يتوقف عندما خسر ترامب محاولته لإعادة انتخابه.

وفقا للكتاب لم يتخذ ترامب قرار كتابة رسالة مكتوبة بخط اليد إلى بايدن إلا بعد أسابيع من محاولات الإقناع التى مارسها زعيم الأقلية الجمهورية فى مجلس النواب، كيفن مكارثى، عندما تحدث مع ترامب مساء الليلة السابقة ليوم التنصيب، وأخبره ترامب أنه أنهى المذكرة لكنه رفض طلبات مكارثى لإجراء مكالمة مع بايدن.

عصيان عسكري

كما تسبب الكتاب الجديد فى حرج كبير للمؤسسة العسكرية الأمريكية، وتحمل صفحات الكتاب حقائق مذهلة عن تعامل الجيش الأمريكى مع مؤسسة الرئاسة، وبالتحديد فى الأيام الأخيرة من حكم ترامب، وحسب ما ورد فإن ما حدث فى أروقة وزارة الدفاع الأمريكية يقترب من عصيان عسكرى، حيث تحرك قادة الجيش دون استشارة الرئيس، والأخطر اعتراف قادة الجيش بأنهم لن ينفذوا أوامر الرئيس الأمريكى.

فى إطار الحقائق التى كشف عنها الكتاب، يمكن لرئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلى، أن يتوقع استجوابًا عدائيًا من الجمهوريين فى لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بعدما ورد عن قيام ميلى بأعمال عصيان لمنع دونالد ترامب من بدء الحرب من أجل التشويش على هزيمته الانتخابية.

وذكر صحفيو واشنطن بوست، بوب وودوارد وروبرت كوستا، أن ميلى اتصل مرتين بنظيره الصينى ليؤكد له أن الولايات المتحدة لن تنفذ هجومًا مفاجئًا، وأن الجنرال الأمريكى سينبه بكين، إذا حاول الرئيس إصدار أمر بالحرب.

وأفاد وودوارد وكوستا أن هذا حدث مرة فى أكتوبر قبل الانتخابات، ومرة بعد أحداث الشغب فى ٦ يناير، حيث اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول الأمريكى.

كما نقل الكتاب عن ميلى أيضا حديثه مع رئيسة مجلس النواب، نانسى بيلوسى، بعد ٦ يناير حول الحاجة إلى استدعاء التعديل الخامس والعشرين وعزل ترامب من منصبه قبل انتهاء فترة ولايته.

ووفقا للكتاب يستشهد ميلى بـ «الانحدار العقلى» للرئيس، وتستخدم بيلوسى مصطلح «الجنون»، وكان من الواضح أن الاثنين قلقان من أن ترامب سيحاول استخدام سلطته كقائد أعلى فى محاولة أخيرة لمنع بايدن من التنصيب فى ٢٠ يناير.

وكانت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى غاضبة للغاية من غزو مؤيدى ترامب لمبنى الكابيتول، لدرجة أنها أخبرت رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ميلى بأنها وصفت الرئيس بـ «الديكتاتور» الذى كان ينبغى القبض عليه لمحاولة الانقلاب، وكان الجنرال ميلى نفسه منزعجًا للغاية من الطريقة الغربية لتصرفات ترامب وكيفية تعامل الدول الأجنبية مع ما يحدث، لدرجة أنه بدأ سلسلة من المكالمات عبر القنوات الخلفية مع نظيره الصينى ليؤكد له أن حكومة الولايات المتحدة مستقرة، وأن السيد ترامب لن يشن هجومًا على بكين.

وحسب الكتاب، كان ميلى مدفوعًا من المخابرات الأمريكية التى أشارت إلى أن الصينيين اعتبروا التدريبات الأمريكية الروتينية بالقرب من شواطئهم بمثابة تهديد، بالنظر إلى خطاب ترامب العدائى وسلوكه غير المنتظم، وأراد الجنرال تجنب أى تصورات خاطئة عن نوايا الولايات المتحدة.

بعد صدور الكتاب قال ترامب إن القصة «إذا كانت صحيحة» تعنى أن ميلى قد ارتكب الخيانة، ولقيت هذه الفكرة صدى لدى المسؤولين الجمهوريين والمعلقين المحافظين ومجموعة متنوعة من النقاد الآخرين، وقال المتحدث باسم ميلى فى البنتاجون، إن كبار القادة الأمريكيين يتواصلون بانتظام مع نظرائهم فى دول أخرى، بما فى ذلك الصين وروسيا، وقال البيت الأبيض الشىء نفسه.

ووفقا للكتاب، وجه ميلى أيضا المسئولين المعينين فى البنتاجون بالعمل على إعلامه إذا كان ترامب قد أمر بشن هجوم نووى، على الرغم من أن رئيس هيئة الأركان المشتركة ليس فى التسلسل القيادى.

وسيواجه ميلى أعضاء جمهوريين رفيعى المستوى فى مجلس الشيوخ، ظلوا يطالبون باستقالته منذ صدور الكتاب هذا الشهر، وبعض الديمقراطيين فى حين أنهم ممتنون بشكل عام لتدخل ميلى من أجل منع وقوع كارثة عسكرية، إلا أنهم قلقون أيضا بشأن السابقة التى قد تلقى بآثارها على توازن القوى فى المستقبل بين القادة المدنيين المنتخبين والجنرالات والأدميرالات الأمريكيين.

والغرض الرسمى من جلسة الاستماع فى مجلس الشيوخ هو الاستماع إلى شهادة حول «استكمال العمليات العسكرية فى أفغانستان وخطط عمليات مكافحة الإرهاب فى المستقبل».

والجدير بالذكر أن ميلى سيواجه إلى جانب وزير الدفاع لويد أوستن، وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزى، استجواباً شديداً من كلا الجانبين الجمهورى واليمقراطى بشأن الأيام الأخيرة الفوضوية للوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان الذى استمر ٢٠ عاماً، ويتعين على ماكنزى أيضا الإجابة عن أسئلة حول غارة بطائرة بدون طيار فى ٢٩ أغسطس كانت تستهدف سيارة مفخخة لتنظيم الدولة داعش، لكنها قتلت ١٠ من أفراد أسرة واحدة، من ضمنهم سبعة أطفال.